الاسْتِبْضاعِ، ونِكاحُ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ علَى المَرْأةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُها فإِذا حَمَلَتْ ووَضَعَتْ ومَرَّ علَيْها لَيالي بعْدَ أنْ تَضَعَ حَمْلَها، أرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فلَمْ يَسْتَطعْ رجُلٌ منْهُم أنْ يَمْتَنِعَ حتَّى يجتَمِعُوا عِنْدَها، تقُولُ لَهُمْ: قَدْ عرَفْتُمُ الَّذِي كانَ مِنْ أمْرِكُمُ، وقَدْ ولَدْتُ فهوَ ابْنُكَ يَا فلانَ، تُسَمِّي منْ أحَبَّتْ باسْمِهِ، فيَلْحَقُ بِهِ ولدُها لَا يَسْتَطيعُ أنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ. ونِكاحُ الرَّابِعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ علَى المَرْأةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جاءَها، وهُنّ البغَايا، كُنَّ يَنْصِبْنَ علَى أبْوابِهِنَّ راياتٍ تكُونُ عَلما، فمَنْ أرادَهُنَّ دخَلَ علَيْهِنَّ، فإِذَا حَمَلَتْ إحْدَاهُنَّ ووَضَعَتْ حَمْلَها جُمِعُوا لهَا ودَعَوْا لَهُمُ الْقافَةَ، ثُمَّ ألْحقُوا ولَدَها بالَّذِي يَرَوْنَ، فالْتاطَ بهِ ودُعِيَ ابْنَهُ لَا يمْتَنعُ مِنْ ذالِكَ، فلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحَقِّ هَدَمَ نِكاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إلَاّ نِكاحَ النَّاسِ اليَوْمَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (مِنْهَا نِكَاح النَّاس الْيَوْم) إِلَى قَوْله: (وَنِكَاح آخر) .
وَأحمد بن صَالح أَبُو جَعْفَر الْمصْرِيّ، وعنبسة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالسِّين الْمُهْملَة: ابْن خَالِد بن أخي يُونُس.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي النِّكَاح عَن أَحْمد بن صَالح بِهِ.
قَوْله: (على أَرْبَعَة أنحاء) أَي: أَرْبَعَة أَنْوَاع، وَهُوَ جمع نَحْو، يَأْتِي لمعان بِمَعْنى الْجِهَة وَالنَّوْع والمثل وَالْعلم الْمَعْرُوف فِي الْعَرَبيَّة. قَوْله: (وَابْنَته) كلمة: أَو، للتنويع لَا للشَّكّ. قَوْله: (فيصدقها) بِضَم الْيَاء وَسُكُون الصَّاد، أَي: يَجْعَل لَهَا صَدَاقا معينا. قَوْله: (وَنِكَاح الآخر) هُوَ النَّوْع الثَّانِي، وَهُوَ بِالْإِضَافَة فِي رِوَايَة، أَي: نِكَاح الصِّنْف الآخر، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: وَنِكَاح آخر، بِالتَّنْوِينِ: وَآخر، بِدُونِ الْألف وَاللَّام صفته. قَوْله: (إِذا طهرت) بِلَفْظ الغائبة. قَوْله: (من طمثها) بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وبالثاء الْمُثَلَّثَة أَي: من حَيْضهَا. قَوْله: (فاستبضعي) أَي: اطلبي مِنْهُ المباضعة أَي المجامعة، وَهِي مُشْتَقَّة من الْبضْع وَهُوَ الْفرج، وَوَقع فِي رِوَايَة إصبغ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ: استرضعي، بالراء بدل الْبَاء الْمُوَحدَة قَالَ: رِوَايَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي الأول هُوَ الصَّوَاب يَعْنِي: الْبَاء الْمُوَحدَة. قَوْله: (وَلَا يَمَسهَا) أَي: وَلَا يُجَامِعهَا. قَوْله: (تستبضع مِنْهُ) أَي: من الرجل الَّذِي تستبضع الْمَرْأَة مِنْهُ أَي تطلب مِنْهُ الْجِمَاع. قَوْله: (أَصَابَهَا) أَي: جَامعهَا زَوجهَا. قَوْله: (وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك) أَي: الاستبضاع من فلَان قَوْله: (رَغْبَة) أَي: لأجل رَغْبَة (فِي نجابة الْوَلَد) من نجب ينجب إِذا كَانَ فَاضلا نفيسا فِي نَوعه، وَكَانُوا يطْلبُونَ ذَلِك اكتسابا من مَاء الْفَحْل وَكَانُوا يطلبونه من أَشْرَافهم وَرُؤَسَائِهِمْ وأكابرهم. قَوْله: (نِكَاح الاستبضاع) بِالنّصب لِأَنَّهُ خبر: كَانَ، وَيجوز بِالرَّفْع على تَقْدِير: هُوَ نِكَاح الاستبضاع. قَوْله: (وَنِكَاح آخر) هُوَ النَّوْع الثَّالِث من الْأَنْوَاع الْأَرْبَعَة قَوْله: (يجْتَمع الرَّهْط) وَقد مر غير مرّة أَن الرَّهْط اسْم لما دون الْعشْرَة، وَلَا يكون فيهم امْرَأَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَيجمع على أرهط وأرهاط وأراهط جمع الْجمع، وَإِنَّمَا قَالَ: مَا دون الْعشْرَة، احْتِرَازًا عَن قَول الْبَعْض: إِن الرَّهْط إِلَى الْأَرْبَعين. قَوْله: (كلهم يُصِيبهَا) أَي: كلهم يجامعونها وَذَلِكَ بِرِضَاهَا وبالتواطؤ بَينهم. قَوْله: (وَمر عَلَيْهَا لَيَال) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: وَمر لَيَال، بِدُونِ لفظ: عَلَيْهَا. قَوْله: (قد عَرَفْتُمْ) خطاب لأولئك الرِّجَال، وَفِي رِوَايَة فالتاطته وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: قد عرفت، بِصِيغَة الْخطاب للْوَاحِد مِنْهُم. قَوْله: (وَقد ولدت) بِضَم التَّاء لِأَنَّهُ كَلَامهَا. قَوْله: (فَهُوَ ابْنك) الظَّاهِر أَنه إِذا كَانَ ذكرا تَقول: هُوَ ابْنك، وَيحْتَمل أَنه إِذا كَانَ بِنْتا لَا تَقول: هَذِه بنتك، لأَنهم كَانُوا يكْرهُونَ الْبَنَات، حَتَّى إِن مِنْهُم من كَانَ يقتل بنته الْحَقِيقِيَّة وَهِي الموؤدة. قَوْله: (فَيلْحق بِهِ وَلَدهَا) هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: فيلتحق بِهِ وَلَدهَا وَيلْحق أَن قرىء بِفَتْح الْيَاء يكون قَوْله وَلَدهَا مَرْفُوعا بِهِ وَإِن كَانَ بِضَم الْيَاء من الالحاق يكون فِيهِ الضَّمِير يرجع إِلَى الْمَرْأَة وَيكون وَلَدهَا مَنْصُوبًا. قَوْله: (لَا يَسْتَطِيع أَن يمْتَنع بِهِ) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مِنْهُ قَوْله: (وَنِكَاح الرَّابِع) بِالْإِضَافَة وقطعها، وَوَجهه مَا ذَكرْنَاهُ عِنْد قَوْله: (وَنِكَاح الآخر) . قَوْله: (لَا تمْتَنع) أَي: الْمَرْأَة مِمَّن جاءها، ويروي: لَا تمنع من جاءها. قَوْله: (البغايا) جمع بغي، وَهِي الزَّانِيَة يُقَال: بَغت الْمَرْأَة تبغي بغيا بِالْكَسْرِ: إِذا زنت فَهِيَ بغي. قَوْله: (رايات) جمع راية. قَوْله: (تكون علما) أَي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute