للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجل مَا فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يستن النَّاس بذلك فِي هجر نِسَائِهِم لما فِيهِ من الرِّفْق، لِأَن هجرانهن فِي بُيُوتهنَّ آلم لقلوبهن وأوجع لما ينظرن من الْغَضَب والإعراض، وَلما فِي غيبَة الرجل عَن أعينهن من تسليتهن عَن الرِّجَال قَالَ: وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ لَيْسَ بِوَاجِب، لِأَن الله تَعَالَى أَمر بهجرانهن فِي الْمضَاجِع فضلا عَن الْبيُوت، ورد عَلَيْهِ بِأَن الهجران فِي غير الْبيُوت أنكى لَهُنَّ وأبلغ فِي عقوبتهن، روى ابْن وهب عَن مَالك بَلغنِي أَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يغاضب بعض نِسَائِهِ، فَإِذا كَانَت لَيْلَتهَا بَات عِنْدهَا وَلم يبت عِنْد غَيرهَا من غير أَن يكلمها وَلَا ينظر إِلَيْهَا. قلت: لمَالِك: وَذَلِكَ لَهُ وَاسع؟ فَقَالَ: نعم، وَذَلِكَ فِي كتاب الله تَعَالَى: {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} (النِّسَاء: ٤٣) وَقيل: الْحق فِي هَذَا أَنه يخْتَلف باخْتلَاف الْأَحْوَال، فَرُبمَا يكون الهجران فِي الْبيُوت أَشد من الهجران فِي غَيرهَا، وَبِالْعَكْسِ، بل الْغَالِب أَن الهجران فِي غير الْبيُوت أَشد ألما للنفوس، وَرب نسْوَة تتألم بِمُجَرَّد بيتوتة الرجل فِي غير بيوتها من غير هجران وَلَا سِيمَا مَعَ الهجران، وَهَذَا ظَاهر لَا يخفى.

٢٠٢٥ - حدّثنا أبُو عاصِمٍ عَن ابنِ جُرَيْجٍ وحدّثني مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلِ أخبرنَا عبدُ الله أخبرنَا بنُ جُرَيْج قَالَ: أخبَرَني يَحْيَى بنُ عبْدِ الله بن صَيفِيٍّ أنَّ عِكْرِمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ الحارثِ أخْبَرَهُ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أخْبَرَتْهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلى بعْضِ أهْلِهِ شَهْرا فَلما مَضَى تِسْعَةٌ وعِشْرُونَ يَوْما غَدَا علَيْهِنَّ أوْ رَاحَ. فَقِيل لَهُ: يَا نَبيَّ الله! حَلِفْتَ أَن لَا تَدْخلَ علَيْهِنَّ شَهْرا. قَالَ: إنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وعِشْرِينَ يَوْما.

(انْظُر الحَدِيث ٠١٩١)

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن فِي طَرِيق من طرق هَذَا الحَدِيث غير أم سَلمَة أَنه قعد فِي مشربَة لَهُ، وَذَلِكَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما هجر بعض نِسَائِهِ طلع إِلَى مشربَة لَهُ وَقعد فِيهَا، وَمِنْه تُؤْخَذ الْمُطَابقَة وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين. أَحدهمَا: عَن أبي عَاصِم النَّبِيل، واسْمه الضَّحَّاك بن مخلد، يروي عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَالْأُخْرَى: عَن مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن ابْن جريج عَن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي بتَشْديد الْيَاء للنسبة عَن عِكْرِمَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة، وَهُوَ أَخُو أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الحَدِيث، وَمضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال فصوموا، وَأَنه أخرجه هُنَاكَ من طَرِيق أبي عَاصِم وَحده.

قَوْله: (حلف) فِي كتاب الصَّوْم إِلَى قَوْله: (على بعض أَهله) ويروى: على بعض نِسَائِهِ. قَوْله: (أَو رَاح) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (فَقيل لَهُ) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْقَائِل لَهُ هِيَ عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَوْله: (أَن لَا تدخل شهرا) ويروى: أَن لَا يدْخل عَلَيْهِنَّ شهرا. قَوْله: (قَالَ أَن الشَّهْر) ، ويروى فَقَالَ.

٣٠٢٥ - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حدَّثنا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ حدَّثنا أَبُو يَعْفُورٍ قَالَ تَذَاكَرْنا عِنْدَ أبِي الضُّحَى، فَقَالَ: حَدثنَا ابنُ عَبَّاس، قَالَ: أصْبَحْنا يَوْما ونِساءُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَبْكين عِنْدَ كُلِّ امْرأةٍ مِنْهُنَّ، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فإذَا هُوَ مَلْآنٌ مِنَ النَّاس، فَجاءَ عُمَرَ بنُ الخَطَّابِ فَصَعِدَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهْوَ فِي غُرْفَةٍ لهُ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ ثُمَّ سَلّمَ فلمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، فناداهُ فَدخَلَ عَلى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أطَلَّقْتَ نِساءَكَ؟ فَقَالَ: لَا ولَكنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرا، فَمَكَثَ تِسْعا وعِشْرِينَ ثُمَّ دَخَلَ عَلى نِسائِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، ومروان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، بِالْفَاءِ وَالزَّاي، وَأَبُو يَعْفُور هُوَ الْمَشْهُور بِالْأَصْغَرِ، وَهُوَ بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَضم الْفَاء وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره رَاء: واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عبيد، كُوفِي ثِقَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هذاالحديث، وَأَبُو الضُّحَى مُسلم بن صبيح.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق

<<  <  ج: ص:  >  >>