وَفِي حَدِيث مَاعِز يُسْتَفَاد أَحْكَام أُخْرَى غير مَا ذكرنَا هُنَا.
مِنْهَا: أَن السّتْر فِيهِ مَنْدُوب لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لهزال لما أرسل ماعزا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لَهُ: لَو سترته بثوبك لَكَانَ خير لَك، أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن يزِيد بن نعيم عَن أَبِيه، وروى مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من ستر مُسلما ستره الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَمِنْهَا: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخر الْحَد إِلَى أَن يتم الْإِقْرَار أَربع مَرَّات. وَمِنْهَا: أَن على الإِمَام أَن يرادد الْمقر بِالزِّنَا بقوله: لَعَلَّك قبلت أَو مسست، وَفِي لفظ البُخَارِيّ، على مَا يَأْتِي: لَعَلَّك قبلت أَو غمزت أَو نظرت. قَالَ: لَا. قَالَ: أفنلتها؟ قَالَ: نعم.
وَمِنْهَا: أَن المرجوم يصلى عَلَيْهِ، كَمَا روى البُخَارِيّ على مَا سَيَأْتِي فِي كتاب الْمُحَاربين: عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر، فَذكر قصَّة مَاعِز، وَفِي آخِره، ثمَّ أَمر بِهِ فرجم، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيرا، وَصلى عَلَيْهِ. فَإِن قلت: قيل للْبُخَارِيّ قَوْله: وَصلى عَلَيْهِ، قَالَه غير معمر، قَالَ: لَا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن المتَوَكل وَالْحسن بن عَليّ كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق بِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن الْحسن بن عَليّ بِهِ، وَقَالَ: حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن يحيى وَمُحَمّد بن رَافع ونوح بن حبيب، ثَلَاثَتهمْ عَن عبد الرَّزَّاق بِهِ، وَقَالُوا كلهم فِيهِ: وَلم يصل عَلَيْهِ. قلت: أُجِيب بِأَن معنى قَوْله: فصلى عَلَيْهِ، دَعَا لَهُ، وَبِهَذَا تتفق الْأَخْبَار، وَلَكِن يُعَكر على هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو قُرَّة الزبيرِي عَن ابْن جريج عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أبي أَيُّوب عَن أبي أُمَامَة بن سهل الْأنْصَارِيّ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر يَوْم رجم مَاعِز، فطول فِي الْأَوليين حَتَّى كَاد النَّاس يعجزون من طول الصَّلَاة، فَلَمَّا انْصَرف وَمر بِهِ فرجم فَلم يصل حَتَّى رَمَاه عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِلحي بعير فَأصَاب رَأسه فَقتله، وَصلى عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر: حَدثنِي ثِقَة من أهل الْبَصْرَة عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل على مَاعِز بن مَالك وَلم ينْه عَن الصَّلَاة عَلَيْهِ. قلت: ضعفه ابْن الْجَوْزِيّ فِي (التَّحْقِيق) بِأَن فِيهِ مَجَاهِيل. فَإِن قلت: