ذكره بِيَمِينِهِ وَالْجَزَاء قيد الشَّرْط وَأما الثَّانِي فَهُوَ صَرِيح بالقيد وَكِلَاهُمَا وَاحِد فِي الْحَقِيقَة فَكيف يَقُول هَذَا الْقَائِل أَن ذَلِك الْمُطلق مَحْمُول على الْمُقَيد وَالْمَفْهُوم مِنْهُمَا جَمِيعًا النَّهْي عَن مس الذّكر بِالْيَمِينِ عِنْد الْبَوْل فَلَا يدل على مَنعه عِنْد غير الْبَوْل وَلَا سِيمَا جَاءَ فِي الحَدِيث مَا يدل على الْإِبَاحَة وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لطلق بن عَليّ حِين سَأَلَهُ عَن مس الذّكر إِنَّمَا هُوَ بضعَة مِنْك فَهَذَا يدل على الْجَوَاز فِي كل حَال وَلَكِن خرجت حَالَة الْبَوْل بِهَذَا الحَدِيث الصَّحِيح وَمَا عدا ذَلِك فقد بَقِي على الْإِبَاحَة فَافْهَم فَإِن قلت فَمَا فَائِدَة تَخْصِيص النَّهْي بِحَالَة الْبَوْل قلت مَا قرب من الشَّيْء يَأْخُذ حكمه وَلما منع الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ منع مس آلَته حسما للمادة فَإِن قلت إِذا كَانَ الْأَمر على مَا ذكرت من الرَّد على الْقَائِل الْمَذْكُور فَمَا فَائِدَة تَرْجَمَة البُخَارِيّ بِالْحَدِيثِ فِي بَابَيْنِ وَلم يكتف بِبَاب وَاحِد قلت فَائِدَته من وُجُوه. الأول التَّنْبِيه على اخْتِلَاف الْإِسْنَاد. الثَّانِي التَّنْبِيه على الِاخْتِلَاف الْوَاقِع فِي لفظ الْمَتْن فَإِن فِي السَّنَد الأول إِذا أَتَى الْخَلَاء فَلَا يمس ذكره بِيَمِينِهِ وَفِي الْإِسْنَاد الثَّانِي إِذا بَال أحدكُم فَلَا يَأْخُذن ذكره بِيَمِينِهِ وَلَا يخفى التَّفَاوُت الَّذِي بَين إِذا أَتَى الْخَلَاء وَبَين إِذا بَال وَبَين فَلَا يمس ذكره وفلا يَأْخُذن ذكره أَيْضا فَفِي الحَدِيث الأول وَلَا يتمسح بِيَمِينِهِ وَفِي هَذَا الحَدِيث وَلَا يستنجي بِيَمِينِهِ وَهَذَا يُفَسر ذَاك فَافْهَم. الثَّالِث أَنه عقد الْبَاب الأول على الحكم الثَّالِث من الحَدِيث وَهُوَ كَرَاهَة الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ وَعقد هَذَا الْبَاب على الحكم الأول وَهُوَ كَرَاهَة مس الذّكر عِنْد الْبَوْل وَمن أبين الدَّلَائِل على هَذَا الْوَجْه أَنه عقد بَابا آخر فِي الْأَشْرِبَة على الحكم الأول وَهُوَ كَرَاهَة التنفس فِي الْإِنَاء
٢٠ - (حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن عبد الله ابْن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا بَال أحدكُم فَلَا يَأْخُذن ذكره بِيَمِينِهِ وَلَا يستنجي بِيَمِينِهِ وَلَا يتنفس فِي الْإِنَاء) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله إِذا بَال أحدكُم فَلَا يَأْخُذن ذكره بِيَمِينِهِ فَإِن قلت كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال بَاب لَا يَأْخُذ ذكره بِيَمِينِهِ إِذا بَال للتطابق قلت أَشَارَ البُخَارِيّ بذلك إِلَى دقيقة تخفى على كثير من النَّاس وَهِي أَن فِي رِوَايَة همام عَن يحيى بن كثير عَن عبد الله فَلَا يمسكن ذكره بِيَمِينِهِ وَكَذَا أخرجه مُسلم من هَذِه الرِّوَايَة بِهَذَا اللَّفْظ وَالْبُخَارِيّ أخرجه هَهُنَا من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور فَذكر فِي التَّرْجَمَة اللَّفْظ الَّذِي أخرجه مُسلم من رِوَايَة همام وَفِي الحَدِيث اللَّفْظ الَّذِي رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى وَقَالَ بَعضهم وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ لَا يمس فَاعْترضَ على تَرْجَمَة البُخَارِيّ بِأَن الْمس أَعم من الْمسك يَعْنِي فَكيف يسْتَدلّ بالأعم على الْأَخَص قلت لَيْت شعري مَا وَجه هَذَا الِاعْتِرَاض وَهَذَا كَلَام واه وَلَو أَعم إِذْ لَيْسَ فِي حَدِيث البُخَارِيّ لفظ الْمس فَكيف يعْتَرض عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ترْجم بالمسك والمس أَعم من الْمسك وَهَذَا كَلَام فِيهِ خباط. (بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة قد ذكرُوا كلهم وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو إِمَام أهل الشَّام. (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة. وَمِنْهَا أَن رُوَاته مَا بَين شَامي وبصري ومدني. وَمِنْهَا أَنهم أَئِمَّة أجلاء. (ذكر بَقِيَّة الْكَلَام) قَوْله فَلَا يَأْخُذن جَوَاب الشَّرْط وَهُوَ بنُون التَّأْكِيد فِي رِوَايَة أبي ذَر وَفِي رِوَايَة غَيره بِدُونِ النُّون قَوْله وَلَا يستنجي بِيَمِينِهِ أَعم من أَن يكون بالقبل أَو بالدبر وَبِه يرد على من يَقُول فِي الحَدِيث السَّابِق لفظ لَا يتمسح بِيَمِينِهِ مُخْتَصّ بالدبر قَوْله وَلَا يتنفس يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ أَحدهمَا أَن تكون لَا فِيهِ نَافِيَة فَحِينَئِذٍ تضم السِّين وَالْآخر أَن تكون ناهية فَحِينَئِذٍ تجزم السِّين فَإِن قلت هَذِه الْجُمْلَة عطف على مَاذَا قلت عطف على الْجُمْلَة المركبة من الشَّرْط وَالْجَزَاء مجموعا وَلِهَذَا غير الأسلوب حَيْثُ لم يذكر بالنُّون وَلَا يجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على الْجَزَاء لِأَنَّهُ مُقَيّد بِالشّرطِ فَيكون الْمَعْنى إِذا بَال أحدكُم فَلَا يتنفس فِي الْإِنَاء وَهُوَ غير صَحِيح لِأَن النَّهْي مُطلق وَذهب السكاكي إِلَى أَن الْجُمْلَة الجزائية جملَة خبرية مُقَيّدَة بِالشّرطِ فَيحْتَمل على مذْهبه أَن تكون عطفا على الجزائية وَلَا يلْزم من كَون الْمَعْطُوف عَلَيْهِ مُقَيّدا بِقَيْد أَن يكون الْمَعْطُوف مُقَيّدا بِهِ على مَا هُوَ عَلَيْهِ أَكثر النُّحَاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute