الْجَبَابِرَة. قلت: لَيْسَ فِيمَا ذكر كُله بَيَان هَيْئَة الخوان، وَهُوَ طبق كَبِير من نُحَاس تَحْتَهُ كرْسِي من نُحَاس ملزوق بِهِ، طوله قدر ذِراع يرص فِيهِ الزبادي وَيُوضَع بَين يَدي كَبِير من المرتفين وَلَا يحملهُ إلَاّ اثْنَان فَمَا فَوْقهمَا. قَوْله: (والسفرة) وَهِي: الطَّعَام يَتَّخِذهُ الْمُسَافِر وَأكْثر مَا يحمل فِي جلد مستدير حوله حلق من حَدِيد يضم بِهِ ويعلق فَنقل إسم الطَّعَام إِلَى الْجلد وَسمي بِهِ كَمَا سميت المزادة رِوَايَة.
٥٣٨٥ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سِنانٍ حدَّثنا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أنَسٍ وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَالَ: مَا أكَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُبْزا مُرَقَّقا وَلا شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِيَ الله.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الْألف نون أُخْرَى. أبي بكر الْعَوْفِيّ الْبَاهِلِيّ الْأَعْمَى، وهما بتَشْديد الْمِيم الأولى هُوَ ابْن يحيى بن دِينَار الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَغَيره.
قَوْله: {وَلَا شَاة مسموطة} قَالَ ابْن الْأَثِير: الشَّاة السميط أَي المشوية فعيل بِمَعْنى مفعول، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَهُوَ أكل المترفين وَإِنَّمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ الْجلد لينتفعوا بِهِ، وَيُقَال: المسموط الَّذِي أزيل شعره بِالْمَاءِ المسخن ويشوى بجلده أَو يطْبخ، وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك فِي الصَّغِير السن الطري، وَذَلِكَ من فعل المترفين من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: الْمُبَادرَة إِلَى ذبح مَا لَو بَقِي لازداد ثمنه. وَثَانِيهمَا: أَن المسلوخ ينْتَفع بجلده فِي اللّبْس وَغَيره، وَعبارَة ابْن بطال: المسموط المشوية بجلدها. وَقَالَ صَاحب (الْعين) : سمطت الْجمل أسمطه سمطا تنقيه من الصُّوف بعد إِدْخَاله فِي المَاء الْحَار، وَقَالَ صَاحب (الْأَفْعَال) : سمط الجدي وَغَيره علقه من السموط، وَهِي معاليق من السرج. وَقَالَ الدَّاودِيّ: المسموط الَّتِي يغلى لَهَا المَاء فَتدخل فِيهِ بعد أَن تذبح ويزال بَطنهَا فيزول عَنْهَا الشّعْر أَو الصُّوف ثمَّ تشوى وَقَالَ ابْن بطال: أكل المرقق جَائِز مُبَاح وَلم يتْركهُ سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إلَاّ زهدا فِي الدُّنْيَا وتركا للتنعم وإيثارا لما عِنْد الله وَغير ذَلِك، وَكَذَلِكَ الْأكل على الخوان، وَلَيْسَ نفي أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْكُل على كل خوان، وَلَا أَنه أكل شَاة سميطا يرد قَول من روى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أكل على خوان وَأَنه أكل شواء، وَإِنَّمَا أخبر كل بِمَا علم، وَمن علم حجَّة على من لم يعلم، لِأَنَّهُ زَاد عَلَيْهِ فَوَجَبَ قبُولهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أنس: مَا أعلم أَو مَا رَأَيْت أَنه أكل شَاة مسموطة، وَلم يقطع على أَنه لم يَأْكُل، وَجرى ابْن بطال فِيمَا قَالَه على أَن المسموط هُوَ المشوي عِنْده. فَإِن قلت: إِذا كَانَ المسموط هُوَ المشوي عِنْده فيعارضه حَدِيث أم سَلمَة الَّذِي أخرجه التِّرْمِذِيّ أَنَّهَا قربت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جنبا مشويا فَأكل مِنْهُ. قلت: الْجَواب مَا ذَكرْنَاهُ من أَن من علم حجَّة على من لم يعلم إِلَى آخِره.
٥٣٨٦ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا مُعاذُ بنُ هِشام، قَالَ: حدَّثني أبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ: عَلِيٌّ، هُوَ الإسْكَافُ: عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنَسٍ، رَضِيَ الله عَنهُ. قَالَ: مَا عَلِمْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكَلَ عَلَى سُكُرُّجَةٍ قَطُّ وَلا خُبْزَ لهُ مُرَفَقٌ قَطُّ، وَلا أكَلَ عَلَى خِوَانٍ. فَقِيلَ لِقَتادَةَ: فَعَلَى مَا كَانُوا يأكُلُونَ؟ قَالَ: عَلَى السُّفَرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، ومعاذ بن هِشَام يروي عَن أبي هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي وَاسم أبي عبد الله سُفْيَان، والدستوائي نسبته إِلَى دستوا من نواحي الأهواز.
قَوْله: (عَن يُونُس) ، وَقع هَكَذَا فِي السَّنَد غير مَنْسُوب فبينه عَليّ وَهُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وَقَالَ: هُوَ الإسكاف، وَهُوَ يُونُس بن أبي الْفُرَات الْقرشِي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ، وَإِنَّمَا بَينه لِأَن فِي طبقته يُونُس بن عبيد الْبَصْرِيّ أحد الثِّقَات المكثرين، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن مَاجَه مُصَرحًا عَن يُونُس بن أبي الْفُرَات، وَلَيْسَ ليونس هَذَا فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين، وَقَالَ ابْن عدي: لَيْسَ بالمشهور، وَقَالَ ابْن سعد كَانَ مَعْرُوفا وَله أَحَادِيث، وَقَالَ ابْن حبَان: لَا يجوز أَن يحْتَج بِهِ.
وَفِي سَنَد هَذَا الحَدِيث رِوَايَة الأقران لِأَن هشاما وَيُونُس من طبقَة وَاحِدَة.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة أَيْضا عَن مُحَمَّد بن بشار. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّقَائِق عَن إِسْحَاق بن