للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يَا بني) بتصغير الشَّفَقَة إِنَّهُم أَي: أَن أهل الشَّام يعيرونك بالنطاقين؟ قيل: الْأَفْصَح أَن يعدى التَّعْبِير بِنَفسِهِ. يُقَال: عيرته كَذَا وَقد سمع بِكَذَا يَعْنِي: بِالْبَاء مثل مَا هُنَا. قَوْله: (هَل تَدْرِي مَا كَانَ النطاقان) قيل: وَقع عِنْد بَعضهم فِي شَرحه مَا كَانَ النطاقين؟ فَإِن صَحَّ فالمضاف فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره: مَا كَانَ شَأْن النطاقين، والنطاق بِكَسْر النُّون مَا كَانَ يشد بِهِ الْوسط وشقة تلبسها الْمَرْأَة وتشد وَسطهَا وَترسل أَعْلَاهَا على الْأَسْفَل إِلَى الرّكْبَة، وَقَالَ الْقَزاز: النطاق مَا تشد بِهِ الْمَرْأَة وَسطهَا ترفع بِهِ ثِيَابهَا وَترسل عَلَيْهِ أزارها، وَقَالَ ابْن فَارس: هُوَ إِزَار فِيهِ تكة تلبسه النِّسَاء. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي تَفْسِير الْمنطق فَقَالَ: الْمنطق النطاق وَجمعه مناطق وَهُوَ أَن تلبس الْمَرْأَة، وَبهَا ثمَّ تشد وَسطهَا بِشَيْء وترفع وسط ثوبها وترسله على الْأَسْفَل عِنْد معاناة الأشغال لِئَلَّا تعثر فِي ذيلها وَبِه سميت أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، ذَات النطاقين لِأَنَّهَا كَانَت تطارق نطاقا فَوق نطاق. وَقيل: كَانَ لَهَا نطاقان تلبس أَحدهمَا وَتحمل فِي الآخر الزَّاد إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وهما فِي الْغَار. قَوْله: (فأوكيت) من الوكاء وَهُوَ الَّذِي يشد بِهِ رَأس الْقرْبَة. قَوْله: (ايها) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالتنوين مَعْنَاهُ: الِاعْتِرَاف بِمَا كَانُوا يَقُولُونَهُ. والتقرير لَهُ تَقول الْعَرَب فِي استدعاء القَوْل من الْإِنْسَان أَيهَا وإيه، بِغَيْر تَنْوِين قَالَه الْخطابِيّ، وَاعْترض بِأَن الَّذِي ذكره ثَعْلَب وَغَيره: إِذا استزدت من الْكَلَام قلت: أيه، وَإِذا أمرت بِقطعِهِ. قلت: إيها، ورد بِأَن غير ثَعْلَب قد جزم بِأَن إيها كلمة استزادة وَبِغير التَّنْوِين لقطع الْكَلَام، وَقَالَ ابْن الْقَيْن: فِي سَائِر الرِّوَايَات يَقُول: ابْنهَا والإلاه بِالْبَاء الْمُوَحدَة أَي: ابْن الزبير وَلَقَد أغرب ابْن التِّين فِيهِ حَتَّى نسبه بَعضهم إِلَى التَّصْحِيف. قَوْله: (تِلْكَ شكاة ظَاهر عَنْك عارها) .

(هَذَا عجز بَيت وصدره ... وعيرّها الواشمون أَنِّي أحبها)

وَهَذَا من قصيدة لأبي ذُؤَيْب الْهُذلِيّ من الطَّوِيل يرثي بهَا نسيبة بنت عنس بن محرث الْهُذلِيّ وأولها:

(هَل الدَّهْر إلَاّ لَيْلَة ونهارها ... وإلَاّ طُلُوع الشَّمْس ثمَّ غيارها)

(أَبى الْقلب إلَاّ أم عَمْرو فَأَصْبَحت ... تحرق نَارِي بالشكاة ونارها)

وَبعده: وعيرها الواشمون إِلَى آخِره، وَبعده:

(فَلَا يهنىء الواشين أَنِّي هجرتهَا ... وأظلم دوني لَيْلهَا ونهارها)

(فَإِن أعْتَذر مِنْهَا فَإِنِّي مكذب ... وَإِن تعتذر يردد عَلَيْهَا اعتذارها)

(فَمَا أم خشف بالعلاية شادن ... تنوش البرير حَيْثُ نَالَ اهتصارها)

وَهِي تنوف على ثَلَاثِينَ بَيْتا وقفت عَلَيْهَا فِي ديوانه قَوْله: (شكاة) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَمَعْنَاهَا: رفع الصَّوْت بالْقَوْل الْقَبِيح، وَقيل: بِكَسْر الشين وَالْفَتْح أصوب لِأَنَّهُ مصدر شكا يشكو شكاية، وشكوى وشكاة إِذا أخبر عَنهُ بشر. قَوْله: (ظَاهر) ، مَعْنَاهُ أَنه ارْتَفع عَنْك وَلم يعلق بك من الظُّهُور والصمود على أَعلَى الشَّيْء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه} (الْكَهْف: ٩٧) أَي: يَعْلُو عَلَيْهِ، وَمِنْه ومعارج يظهرون. قَوْله: (فَلَا يهنىء الواشين) من هَنأ فِي الطَّعَام يهنئني ويهنأني. قَالَ الْجَوْهَرِي: وَلَا نَظِير لَهُ فِي المهموز. قَوْله: (وأظلم دوني لَيْلهَا ونهارها) ، مَعْنَاهُ: بَعدت عني فَلَا أَسْتَطِيع أَن أتيها فَصَارَ اللَّيْل وَالنَّهَار وَاحِدًا. قَوْله: (فَإِن اعتذر) إِلَى آخِره مَعْنَاهُ إِن أعْتَذر من حبها وَأَقُول: مَا بيني وَبَينهَا شَيْء فَإِنِّي مكذب، وَإِن تعتذر هِيَ أَيْضا تكذب. قَوْله: (فَمَا أم خشف) ، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وبالشين الْمُعْجَمَة وبالفاء وَهُوَ ولد الظبية قَوْله: (بالعلاية) إسم مَوضِع قَوْله: (شادن) من شدن لَحْمه إِذا قوي. قَوْله: (تنوش) أَي: تتَنَاوَل. قَوْله: (البرير) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وبالراء أَيْضا، ثَمَر الْأَرَاك. قَوْله: (اهتصارها) أَي: حَيْثُ نَالَ أَن يهتصره أَي: تجذبه.

٥٣٨٩ - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبِي بِشْرٍ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ أُُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الحَارِثِ بنِ حَزنٍ خَالَةَ ابنِ عَبَّاسٍ أهْدَتْ إلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمْنا وَأَقِطًا وأضُبَّا، فَدَعا بِهِنَّ فَأكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ وَتَرَكَهُنَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَالمُتَقَدِّرِ لَهُنَّ وَلَوْ كُنَّ حَرَاما مَا أُُكِلْنَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>