مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. لِأَن التَّرْجَمَة هِيَ نصف الحَدِيث، وَعبد الصَّمد هُوَ عبد الْوَارِث، وواقد بِالْقَافِ وَالدَّال الْمُهْملَة هُوَ ابْن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَطْعِمَة عَن أبي بكر بن خَلاد.
قَوْله:(لَا تدخل) ، بِضَم التَّاء من الإدخال. قَوْله:(عَليّ) بتَشْديد الْيَاء. قَوْله:(الْمُؤمن يَأْكُل فِي معىً وَاحِد) وَإِنَّمَا عدى الْأكل بِكَلِمَة: فِي على معنى: أوقع الْأكل فِيهَا وَجعلهَا مَكَانا للمأكول. قَالَ تَعَالَى:{إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَار}(النِّسَاء: ١٠) أَي: ملْء بطونهم، وَاخْتلف فِي المُرَاد بِهَذَا الحَدِيث، فَقيل: هُوَ مثل ضرب الْمُؤمن وزهده فِي الدُّنْيَا وللكافر وحرصه عَلَيْهَا. وَقيل: هُوَ تَخْصِيص لِلْمُؤمنِ على أَن يتحامى مَا يجره كَثْرَة الْأكل من الْقَسْوَة وَالنَّوْم، وَوصف الْكَافِر بِكَثْرَة الْأكل ليتجنب الْمُؤمن مَا هُوَ صفة للْكَافِرِ، كَمَا قَالَ عز وَجل:{وَالَّذين كفرُوا يتمتعون ويأكلون كَمَا تَأْكُل الْأَنْعَام}(مُحَمَّد: ١٢) وَهَذَا فِي الْغَالِب وَالْأَكْثَر، وإلَاّ فقد يكون فِي الْمُؤمنِينَ من يَأْكُل كثيرا بِحَسب الْعَادة أَو لعَارض، وَيكون فِي الْكفَّار من يعْتَاد قلَّة الْأكل إِمَّا المراعاة الصِّحَّة. كالأطباء أَو للتقلل كالرهبان، أَو لضعف الْمعدة، وَقيل: يُمكن أَن يُرَاد بِهِ أَن الْمُؤمن يُسَمِّي الله عز وَجل عِنْد طَعَامه فَلَا يشركهُ الشَّيْطَان، وَالْكَافِر لَا يُسَمِّي الله عِنْد طَعَامه وَقيل: المُرَاد بِالْمُؤمنِ التَّام الْإِيمَان لِأَن من حسن إِسْلَامه وكمل إيمَانه اشْتغل فكره فِيمَا يصل إِلَيْهِ من الْمَوْت وَمَا بعده، فيمنعه ذَلِك من اسْتِيفَاء شَهْوَته، وَأما الْكَافِر فَمن شَأْنه الشره، فيأكل بالنهم كَمَا تَأْكُل الْبَهِيمَة وَلَا يَأْكُل بِالْمَصْلَحَةِ لقِيَام البنية. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: سَمِعت ابْن أبي عمرَان يَقُول: قد كَانَ قوم حملُوا هَذَا الحَدِيث على الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا كَمَا يَقُول: (فلَان يَأْكُل الدُّنْيَا أكلا) أَي يرغب فِيهَا ويحرص عَلَيْهَا، فالمؤمن يَأْكُل فِي معًى وَاحِد لزهادته فِي الدُّنْيَا، وَالْكَافِر فِي سَبْعَة أمعاء أَي: لرغبته فِيهَا وَلم يحملوا ذَلِك على الطَّعَام. قَالُوا: وَقد رَأينَا مُؤمنا أَكثر طَعَاما من كَافِر، وَلَو تَأَول ذَلِك على الطَّعَام اسْتَحَالَ معنى الحَدِيث، وَقيل: هُوَ رجل خَاص بِعَيْنِه، وَكَانَ كَافِرًا ثمَّ أسلم، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك، وَاخْتلفُوا فِي هَذَا الرجل. فَقيل: ثُمَامَة بن أَثَال، وَبِه جزم الْمَازرِيّ وَالنَّوَوِيّ، وَقيل: جَهْجَاه الْغِفَارِيّ، وَقيل: نَضْلَة بن عَمْرو الْغِفَارِيّ، وَقيل: أَبُو بصرة الْغِفَارِيّ، وَقيل: ابْنه بصرة بن أبي بصرة الْغِفَارِيّ، وَقيل: أَبُو غَزوَان غير مُسَمّى، وروى الطَّبَرَانِيّ، بِإِسْنَاد صَحِيح من رِوَايَة أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع رجال فَأخذ كل رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا اسْمك قَالَ أَبُو غَزوَان، قَالَ: فَحلبَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع شِيَاه، فَشرب لَبنهَا كُله، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك يَا أَبَا غَزوَان أَن تسلم؟ قَالَ: نعم، فَأسلم فَمسح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدره فَلَمَّا أصبح حلب لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاة وَاحِدَة فَلم يتم لَبنهَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَالك يَا أَبَا غَزوَان؟ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد رويت. قَالَ: إِنَّك أمس كَانَ لَك سَبْعَة أمعاء وَلَيْسَ لَك الْيَوْم إلَاّ وَاحِد. قلت: أَبُو بصرة بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة، واسْمه حميل بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح