على اسْم غير الله من صنم أَو وثن أَو طاغوت، أَو غير ذَلِك، من سَائِر الْمَخْلُوقَات فَإِنَّهُ حرَام بِالْإِجْمَاع. قَوْله: (والمنخنقة) ، هِيَ الَّتِي تَمُوت بالخنق إِمَّا قصدا أَو اتِّفَاقًا بِأَن تتخبل فِي وثاقها فتموت فَهِيَ حرَام. قَوْله: (والموقوذة) هِيَ الَّتِي تضرب بِشَيْء ثقيل غير مَحْدُود حَتَّى تَمُوت، وَقَالَ قَتَادَة: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يضربونها بالعصا حَتَّى إِذا مَاتَت أكلوها. قَوْله: (والمتردية) ، هِيَ الَّتِي تقع من شَاهِق فتموت بذلك فَتحرم، وَعَن ابْن عَبَّاس: إِنَّهَا الَّتِي تسْقط من جبل، وَقَالَ قَتَادَة: هِيَ الَّتِي تتردى فِي بِئْر. قَوْله: (النطيحة) ، هِيَ الَّتِي تَمُوت بِسَبَب نطح غَيرهَا لَهَا وَإِن جرحها الْقرن وسال مِنْهَا الدَّم وَلَو من مذبحها. قَوْله: (وَمَا أكل السَّبع) ، أَي: مَا عدا عَلَيْهَا أَسد أَو فَهد، أَو نمر، أَو ذِئْب أَو كلب فَأكل بَعضهم فَمَاتَتْ بذلك فَهِيَ حرَام وَإِن كَانَ قد سَالَ مِنْهَا الدَّم وَلَو من مذبحها فَهِيَ حرَام بِالْإِجْمَاع. قَوْله: (إِلَّا مَا ذكيتم) ، عَائِد على مَا يُمكن عوده عَلَيْهِ مِمَّا اتّفق سَبَب مَوته وَأمكن تَدَارُكه وَفِيه حَيَاة مُسْتَقِرَّة. وَعَن ابْن عَبَّاس إِلَّا مَا ذبحتم من هَذِه الْأَشْيَاء وَفِيه روح فكلوه فَهُوَ ذكي، وَكَذَا رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالسُّديّ، وَرُوِيَ عَن طَاوُوس وَالْحسن وَقَتَادَة وَعبيد بن عُمَيْر وَالضَّحَّاك وَغير وَاحِد، أَن المذكاة مَتى تحركت حَرَكَة تدل على بَقَاء الرّوح فِيهَا بعد الذّبْح فَهِيَ حَلَال وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور الْفُقَهَاء، وَبِه يَقُول أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، رَحِمهم الله. قَوْله: (وَمَا ذبح على النصب) ، قَالَ مُجَاهِد وَابْن جريج: كَانَت النصب حِجَارَة حول الْكَعْبَة قَالَ ابْن جريج: وَهِي ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ نصبا كَانَت الْعَرَب فِي جَاهِلِيَّتهَا يذبحون عِنْدهَا ويلطخون مَا أقبل مِنْهَا إِلَى الْبَيْت بدماء تِلْكَ الذَّبَائِح ويشرحون اللَّحْم ويضعونه على النصب. قَوْله: (وَأَن تستقسموا بالأزلام) ، أَي: وَحرم عَلَيْكُم أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ الاستقسام بالأزلام، وَهُوَ جمع زلم بِفَتْح الزَّاي، وَهِي عبارَة عَن أقداح ثَلَاثَة على أَحدهَا مَكْتُوب افْعَل، وعَلى الآخر: لَا تفعل، وَالثَّالِث: غفل لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء. وَقيل: مَكْتُوب على الْوَاحِد أَمرنِي رَبِّي، وعَلى الآخر: نهاني رَبِّي، وَالثَّالِث غفل لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء، فَإِذا جَاءَ السهْم الْآمِر فعله، أَو الناهي تَركه وَإِن طلع الفارغ أعَاد الاستقسام. قَوْله: (ذَلِكُم فسق) ، أَي: تعاطيه فسق وغي وضلال وجهالة وشرك. قَوْله: (الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا) ، يَعْنِي: يئسوا أَن يراجعوا دينهم. وَقيل: يئسوا من مشابهة الْمُسلمين بِمَا تميز بِهِ الْمُسلمُونَ من هَذِه الصِّفَات الْمُخَالفَة للشرك وَأَهله وَلِهَذَا أَمر الله عباده الْمُؤمنِينَ أَن يصيروا ويثبتوا فِي مُخَالفَة الْكفَّار وَلَا يخَافُوا أحدا إلَاّ الله تَعَالَى. فَقَالَ: {فَلَا تخشوهم واخشون} . حَتَّى: أَنْصُركُمْ عَلَيْهِم وأظفركم بهم وأشف صدوركم مِنْهُم وأجعلكم فَوْقهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
{وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: العُقُودُ العُهُودُ مَا أُحِلَّ وَحُرِّمَ إلَاّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ الخِنْزِيرِ} .
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ} (الْمَائِدَة: ١) وَفسّر الْعُقُود بالعهود، وَحكى ابْن جرير الْإِجْمَاع على ذَلِك. وَقَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: الْعُقُود يَعْنِي: مَا أحل الله وَمَا حرمه وَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن كُله. وَلَا تغدروا وَلَا تنكثوا قَوْله: (إلَاّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُم) . قَالَ ابْن عَبَّاس: يَعْنِي: الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير، وَقد مر تَفْسِيره عَن قريب.
{يَجْرِمَنَّكُمْ: يَحْمِلَنَّكُمْ شَنآنُ: عَدَاوَةُ} )
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يجرمنكم شنآن قوم إِن صدوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} (الْمَائِدَة: ٢) أَي: لَا يحملنكم بغض قوم على الْعدوان، وَقَرَأَ الْأَعْمَش بِضَم الْيَاء فِي: لَا يجرمنكم وَفسّر قَوْله: شنآن بقوله: عَدَاوَة وقرىء بِسُكُون النُّون أَيْضا، وَأنكر السّكُون من قَالَ: لَا يكون الْمصدر على فعلان.
{المُنْخَنِقَةُ: تُخْنَقُ فَتَمُوتُ. المَوْقُودَةُ، تُضْرَبُ بِالخَشَبِ يُوقِذُها فَتَمُوتُ، وَالمُتَرَدِّيَةُ: تَتَرَدَّى مِنَ الجَبَلِ. وَالنَّطِيحَةُ، تُنْطحُ الشَّاةُ، فَما أدْرَكْتَهُ يَتَحَرَّكُ بِذَنَبِهِ أوْ بِعَيْنِهِ فَاذْبَحْ وَكُلْ} .
قد مر تَفْسِير هَذِه الْأَشْيَاء عَن قريب قَوْله: يوقذها من أَو قذ والموقودة من وقذ يُقَال: وقذه وأوقذه، والوقذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة فِي الأَصْل: الضَّرْب المثخن، وَالْكَسْر الْمُؤَدِّي للْمَوْت. قَوْله: (فَمَا أَدْرَكته) ، بِفَتْح التَّاء على خطاب الْحَاضِر. قَوْله: (يَتَحَرَّك) فِي مَوضِع الْحَال أَي: فَمَا أَدْرَكته حَالَة كَونه متحركا بِذَنبِهِ قَوْله: (فاذبح) أَمر من ذبح (وكل) أَمر من أكل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute