للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبُو بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء هُوَ ابْن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، واسْمه عَامر، وَعبد الله بن سَلام بتَخْفِيف اللاّم صَحَابِيّ مَشْهُور، وَهُوَ طَرِيق من حَدِيث سَيَأْتِي مَوْصُولا فِي كتاب الِاعْتِصَام. قَوْله: (أَلا) بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف اللَّام للعرض والحث، وَهَذَا يدل على أَن هَذَا الْقدح كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن التَّرْجَمَة تدل عَلَيْهِ، ثمَّ حازه عبد الله بن سَلام بِوَجْه شَرْعِي، وَلَا يظنّ فِيهِ أَنه استولى عَلَيْهِ بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي.

٥٦٣٧ - حدّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ حدَّثنا أبُو غَسَّانَ قَالَ حدّثني أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، رضيَ الله عَنهُ قَالَ: ذُكِرَ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرأةٌ منَ العَرَب، فأمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أنْ يُرْسِلَ إلَيْها، فأرْسلَ إلَيْها فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حتَّى جاءَها، فَدَخَلَ عَلَيْها فإذَا امْرَأةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَها، فَلمَّا كلَّمَها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ: أعوذُ بِاللَّه مِنْكَ. فَقَالَ: قَدْ أعَذْتُكِ مِنِّي. فقالُوا لَها: أتَدْرِينَ مَنْ هاذا؟ قالَتْ: لَا. قالُوا: هاذا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاءَ لِيخْطُبَكِ. قالَتْ: كنْتُ أَنا أشْقَى مِنْ ذالِكَ. فأقْبَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَئِذٍ حتَّى جلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي ساعِدَةَ هُوَ وأصْحابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِنا يَا سَهْلُ. فَخَرجْتُ لَهُمْ بِهاذا القَدَحِ فأسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فأخْرَجَ لَنا سَهْلٌ ذالكَ القَدَحَ فَشَربْنا مِنْهُ قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بنُ عبْدِ العَزِيزِ بعْدَ ذالكَ فَوَهَبَهُ لهُ. (انْظُر الحَدِيث ٥٢٥٦) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَخرجت لَهُم بِهَذَا الْقدح فأسقيتهم فِيهِ) وَوجه الْمُطَابقَة أَن التَّرْجَمَة فِي شربهم من قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَو لم يكن الْقدح فِي الأَصْل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم تُوجد الْمُطَابقَة، وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ استيهاب عمر بن عبد الْعَزِيز هَذَا الْقدح من سهل لِأَنَّهُ إِنَّمَا استوهبه مِنْهُ لكَونه فِي الأَصْل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لأجل التَّبَرُّك بِهِ، وَهَذَا شَيْء ظَاهر لَا يخفى، وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح وَلَا مِمَّن يعتني بِبَيَان التراجم ومطابقة الْأَحَادِيث لَهَا ذكر شَيْئا هُنَا.

بَيَان رِجَاله: سعيد بن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم أَو الحكم بن مُحَمَّد بن أبي مَرْيَم، وَاسم أبي مَرْيَم سَالم الجُمَحِي مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة وبالنون اسْمه مُحَمَّد بن مطرف على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من التطريف وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار، وَسَهل بن سعد بن مَالك السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو أسيد مصغر أَسد مَالك بن ربيعَة السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن مُحَمَّد بن سهل وَأبي بكر بن إِسْحَاق، كِلَاهُمَا عَن ابْن أبي مَرْيَم بِهِ.

قَوْله: (ذكر امْرَأَة) وَهِي الْجَوْنِية بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالنون، قيل: اسْمهَا أُمَيْمَة، بِضَم الْهمزَة وَقد تقدّمت قصَّة خطبتها فِي أول كتاب الطَّلَاق. قَوْله: (فِي أجم) بِضَم الْهمزَة وَالْجِيم، هُوَ بِنَاء يشبه الْقصر وَهُوَ من حصون الْمَدِينَة، وَالْجمع آجام مثل أَطَم وآطام. وَقَالَ الْخطابِيّ: الأجم والأطم بِمَعْنى، وَأغْرب الدَّاودِيّ فَقَالَ: الآجام الْأَشْجَار والحوائط، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الأجم جمع أجمة وَهِي الغيضة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ حصن بناهُ أهل الْمَدِينَة من الْحِجَارَة وَهُوَ الصَّوَاب. قَوْله: (فَإِذا امْرَأَة) كَلمه: إِذا، للمفاجأة. قَوْله: (منكسة) قَالَ الْكرْمَانِي: على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من الإنكاس والتنكيس. قَوْله: (كنت أَشْقَى من ذَلِك) لَيْسَ أفعل التَّفْضِيل هُنَا على بَابه، وَإِنَّمَا مرادها إِثْبَات الشَّقَاء لَهَا لما فاتها من التَّزَوُّج برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة) وَهِي ساباط كَانَت لبني سَاعِدَة الأنصاريين، وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي وَقعت فِيهِ الْبيعَة لأبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (فَخرجت لَهُم بِهَذَا الْقدح) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة المستملى، وَفِي رِوَايَة غَيره: فأخرجت لَهُم هَذَا الْقدح. قَوْله: (فَأخْرج لنا سهل) قَائِل هَذَا أَبُو حَازِم الرَّاوِي، وَصرح بذلك مُسلم. قَوْله: (ثمَّ استوهبه عمر بن عبد الْعَزِيز) ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (كَانَ استيهابه لما كَانَ هُوَ مُتَوَلِّي إمرة الْمَدِينَة) .

وَفِيه: أَن الشّرْب من قدحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآنيته من بَاب التَّبَرُّك بآثاره.

(لعَلي أَرَاهُم أَو أرى من يراهُمُ)

وَمن بَاب الْإِمْسَاك بفضله، كَمَا كَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا، يُصَلِّي فِي الْمَوَاضِع

<<  <  ج: ص:  >  >>