للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على السّكُون وَقَالَ أَبُو حنيفَة: راؤه سَاكِنة وَلَيْسَ هُوَ نَبَات أَرض الْعَرَب وَلَا السباخ بل يطول طولا شَدِيدا ويغلظ. قلت: شاهدته فِي بِلَاد الرّوم فِي أَرَاضِي بَين جبال طرسوس والأرندة وتكيده، أما طوله فَإِن شَجَرَة مِنْهُ قلعهَا هبوب الرِّيَاح الشَّدِيدَة من جبل وَوصل طرفه إِلَى جبل آخر وَبَينهمَا وَاد عَظِيم فَصَارَ كالجسر من جبل إِلَى جبل، وَأما غلظه فَإِن عشْرين نفسا وَأكْثر مسك بَعضهم بأيادي بعض وَلم يقدروا على أَن يحضنوها. قيل: وَلَا يحمل شَيْئا وَإِنَّمَا يسْتَخْرج من أغصانه الزفت، وَقَالَ قوم: الأرزة على وزن فعلة محركة الْعين أَي الرَّاء، قَالُوا: هُوَ ضرب من الشّجر يُقَال لَهُ: الأرزن، لَهُ صلابة. وَقَالُوا: الْأرز مَعْرُوف واحدته أرزة وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: الصنوبر، وَإِنَّمَا الصنوبر ثَمَر الْأرز. وَقَالَ الْخطابِيّ: الأرزة مَفْتُوحَة الرَّاء الصنوبر، وَقَالَ ابْن فَارس: هِيَ شَجَرَة بالعراق تسمى الصنوبر. قَوْله: (انجعافها) أَي: انقلاعها، قَالَه ابْن سَيّده، وَقَالَ الدَّاودِيّ: يُرِيد كسرهَا من وَسطهَا، ومادته جِيم وَعين مُهْملَة وَفَاء، يُقَال: جعفته فانجعف مثل قلعته فانقلع، وَقَالَ الْمُهلب: معنى هَذَا الحَدِيث أَن الْمُؤمن من حَيْثُ جَاءَهُ أَمر الله انطاع لَهُ ولان لَهُ وَرَضي بِهِ، وَإِن جَاءَ مَكْرُوه رجا فِيهِ الْخَيْر، وَإِذا سكن الْبلَاء اعتدل قَائِما بالشكر لرَبه على الْبلَاء، بِخِلَاف الْكَافِر فَإِن الله عز وَجل لَا يتفقده باختبار بل يعافيه فِي دُنْيَاهُ وييسر عَلَيْهِ أُمُوره ليعسر عَلَيْهِ فِي معاده حَتَّى إِذا أَرَادَ الله إهلاكه قصمه قَصم الأرزة الصماء ليَكُون مَوته أَشد عذَابا عَلَيْهِ وألماً.

{وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ: حدّثني سَعْدٌ حَدثنَا ابنُ كَعْب عنْ أبِيهِ كَعْبٍ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} .

زَكَرِيَّاء هُوَ ابْن أبي زَائِدَة، وَسعد هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور، وَابْن كَعْب هُوَ عبد الله بن كَعْب بن مَالك، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم من طَرِيق عبيد الله بن نمير وَمُحَمّد بن بشر كِلَاهُمَا عَنهُ، وَأَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا التَّعْلِيق إِلَى شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا: فِيهِ اسْم ابْن كَعْب مُبْهَم، وَالْآخر: تصريحه بِالتَّحْدِيثِ عَن سعد.

٥٦٤٤ - حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ: حدّثني مُحَمَّدُ بنُ فُليْحٍ قَالَ: حَدثنِي أبي عنْ هِلَالِ بنِ عَلِيٍّ منْ بَنِي عامِرِ بنِ لَؤَيٍّ عنْ عَطاءٍ بنِ يَسار عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضيَ الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَثَلُ المُؤْمِن كَمَثَلِ الْخامَةِ مِنَ الزَّرْعِ منْ حَيْثُ أتَتْها الرِّيحُ كَفَأتْها، فَإِذا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بالبَلاءِ، والفاجِرُ كالأرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدَلَةً حَتَّى يَقْصِمَها الله إذَا شاءَ (الحَدِيث ٥٦٤٤ طرفه فِي: ٧٤٦٦) .

مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذَكرْنَاهُ فِي الحَدِيث السَّابِق وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر بن عبد الله أَبُو إِسْحَاق الْحزَامِي الْمَدِينِيّ، وَمُحَمّد بن فليح مصغر الفلح بِالْفَاءِ وَاللَّام والحاء الْمُهْملَة، يروي عَن أَبِيه فليح بن سُلَيْمَان، وهلال بن عَليّ من بني عَامر بن لؤَي بِضَم اللَّام وَفتح الْوَاو والهمزة على الْقَوْلَيْنِ فِيهِ وَتَشْديد الْيَاء، وَلَيْسَ هِلَال هَذَا من أنفسهم وَإِنَّمَا هُوَ من مواليهم، وَاسم جده أُسَامَة، وَقد ينتسب إِلَى جده وَيُقَال لَهُ أَيْضا: هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، وهلال بن أبي هِلَال تَابِعِيّ صَغِير مدنِي موثق، وَفِي الروَاة: هِلَال بن أبي هِلَال الفِهري تَابِعِيّ مدنِي أَيْضا يروي عَن ابْن عمر، روى عَنهُ أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ وَحده، وَوهم من خلط فيهمَا، وَفِيهِمْ أَيْضا: هِلَال بن أبي هِلَال، مذحجي تَابِعِيّ أَيْضا يروي عَن أبي هُرَيْرَة، وهلال بن أبي هِلَال أَبُو ظلال بَصرِي تَابِعِيّ أَيْضا يَأْتِي ذكره قَرِيبا فِي: بَاب من ذهب بَصَره، وهلال بن أبي هِلَال شيخ يروي عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعَطَاء بن يسَار بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة المخففة وبالراء. والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: (كفأتها) بِفَتْح الْكَاف وَالْفَاء والهمزة أَي: أمالتها، وَنقل ابْن التِّين أَن مِنْهُم من رَوَاهُ بِغَيْر همزَة كَأَنَّهُ سهلها. قَوْله: (فَإِذا اعتدلت تكفأ بالبلاء) قَالَ عِيَاض: وَصَوَابه فَإِذا انقلبت، ثمَّ يكون قَوْله: (تكفأ) رُجُوعا إِلَى وصف الْمُسلم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْبلَاء إِنَّمَا يسْتَعْمل فِيمَا يتَعَلَّق بِالْمُؤمنِ، فَالْمُنَاسِب أَن يُقَال بِالرِّيحِ، وَأجَاب بِأَن الرّيح أَيْضا بلَاء بِالنِّسْبَةِ إِلَى الخامة أَو أَرَادَ بالبلاء مَا يضر بالخامة، أَو لما شبه الْمُؤمن بالخامة أثبت للمشبه بِهِ مَا هُوَ من خَواص الْمُشبه. قَوْله: (صماء) أَي: الصلبة المكتنزة الشَّدِيدَة لَيست بجوفاء وَلَا خوارة ضَعِيفَة. قَوْله: (حَتَّى يقصمها الله) من القصم بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْملَة، وَهُوَ الْكسر عَن إبانة بِخِلَاف القصم بِالْفَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>