الشَّارِع أخبر بِأَن الطَّاعُون من وخزالجن فبينه وَبَين مَا ذكر من الْأَقْوَال فِي تَفْسِير الطَّاعُون مُنَافَاة ظَاهرا أقلت: الْحق مَا قَالَه الشَّارِع، والأطباء تكلمُوا فِي ذَلِك على مَا افتضته قواعدهم، وَطعن الْجِنّ أَمر لَا يدْرك بِالْعقلِ فَلم يذكروه على أَنه يحْتَمل أَن تحدث هَذِه الْأَشْيَاء فِيمَن يطعن عِنْد وخز الْجِنّ، وَمِمَّا يُؤَيّد أَن الطَّاعُون من وخز الْجِنّ وُقُوعه غَالِبا فِي أعدل الْفُصُول وَفِي أصح الْبِلَاد هَوَاء وأطيبها مَاء، وَلَو كَانَ من فَسَاد الْهَوَاء لعم النَّاس الَّذين يَقع فيهم الطَّاعُون ولطعنت الْحَيَوَانَات أَيْضا.
٥٧٢٨ - حدّثنا حَفْصُ بن عُمَرَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبرنِي حَبيبُ بنُ أبي ثابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْرَاهيمَ بنَ سعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْداً عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنهُ قَالَ: إِذا سَمَعْتُمْ بالطَّاعُونِ بأرْضٍ فَلا تَدْخُلُوها وَإِذا وَقَعَ بأرْض وأنْتُمْ بِها فَلا تَخرُجُوا مِنْها، فَقُلْتُ: أنْتَ سَمِعْتَهُ يحدِّثُ سَعْداً وَلَا يُنْكِرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. (انْظُر الحَدِيث: ٣٤٧٣ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ مِمَّا ذكر فِي الطَّاعُون، وَسعد هُوَ ابْن أبي وَقاص أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطِّبّ أَيْضا عَن وهب بن بَقِيَّة.
قَوْله (يحدث سعد) أَي: وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن ابراهيم بن سعد عَن أُسَامَة بن زيد، وَسعد أخرجه مُسلم.
قَوْله: (بِأَرْض) أَي: وَقع بِأَرْض. قَوْله: (وَأَنْتُم بهَا) جملَة حَالية قَوْله: (فَقلت) الْقَائِل هُوَ حبيب بن أبي ثَابت يُخَاطب إِبْرَاهِيم بن سعد. بقوله: (أَنْت سمعته) يَعْنِي أُسَامَة بن زيد يحدث سَعْدا وَلَا يُنكر ذَلِك، (قَالَ: نعم) .
٥٧٢٩ - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عبْدِ الحَميدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بن زَيْدِ بنُ الخَطَّابِ عنْ عَبْدِ الله بنِ عبْد الله بنِ الحارِث بنِ نَوْفَلٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَبَّاسٍ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله عَنهُ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ حتَّى إِذا كَانَ بِسرْغَ لَقِيَهُ أُمَراءُ الأجنادِ: أبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وأصْحابُهُ، فأخْبرُوهُ أنَّ الوَباءَ قَدْ وقَعَ بأرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ ابنُ عبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهاجِرين الأوَّلِينَ، فَدَعاهُمْ فاسْتَشارَهُم وأخْبرَهُمْ أنَّ الْوَباءَ قَدْ وقَعَ بالشَّأْم فاختَلفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لإمْرٍ وَلَا نَرَى أنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُم: مَعَك بَقِيَّةُ النَّاسِ وأصْحابُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُمْ عَلى هاذَا الْوَباءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي الأنْصارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فاسْتَشارَهُمْ فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهاجِرِينَ واخْتَلَفُوا كاخْتِلافِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كانَ هاهُنا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشِ منْ مُهاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَليهِ رَجُلانِ، فَقَالُوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلى هاذا الْوَباءِ، فَنادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إنِّي مُصبِّحٌ عَلى ظَهْرٍ فأصْبِحُوا عَليْهِ. قَالَ أبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ: أفِراراً مِنْ قَدَرِ الله؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غيْرُكَ قالَها يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ، نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ الله إِلَى قَدَرِ الله، أرأيْتَ لَوْ كانَ لَكَ إبِلٌ هَبَطَتْ وادِياً لهُ عُدْوَتانِ إحْدَاهُما خَصِبةٌ والأُخْرى جَدْبَة، ألَيْسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصِبَةَ رَعَيْتَها بِقَدَرِ الله؟ وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَها بِقَدرِ الله؟ قَالَ: فجاءَ عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَوْفٍ، وَكَانَ مُتَغَيِّباً فِي بَعْض حاجَتهِ، فَقَالَ: إنَّ عِنْدِي فِي هاذَا عِلْماً، سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقولُ: إِذا سَمِعْتُمْ بِهِ بأرْض فَلا تَقْدَمُوا عَليْهِ، وَإِذا وَقَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute