٥٧٣١ - حدّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَدْخُلُ المدِينَةَ المَسِيحُ وَلَا الطَّاعُونُ. (انْظُر الحَدِيث: ١٨٨٠ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا الطَّاعُون) ونعيم بِضَم النُّون وَفتح الْعين الْمُهْملَة ابْن عبد الله الْقرشِي الْمدنِي مولى عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ والمجمر بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْجِيم وبالراء على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من الإجمار من أجمرت الثَّوْب إِذا بخرته بالبخور وَالطّيب، وَالَّذِي يتَوَلَّى ذَلِك مجمر ومجمر بِالتَّشْدِيدِ أَيْضا نعيم هَذَا وَكَانَ يجمر مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسُمي المجمر.
والْحَدِيث مضى فِي الْحَج فِي: بَاب لَا يدْخل الدَّجَّال الْمَدِينَة، أخرجه عَن اسماعيل عَن مَالك عَن نعيم بن عبد الله المجمر عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على انقاب الْمَدِينَة مَلَائِكَة لَا يدخلهَا الطَّاعُون وَلَا الدَّجَّال، وَأخرجه هُنَا مُخْتَصرا، وَذكر هُنَاكَ الدَّجَّال وَهنا الْمَسِيح، والمسيح هُوَ الدَّجَّال، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
فَإِن قلت: الطَّاعُون شَهَادَة، وَكَيف منعت من الْمَدِينَة وَمَا وَجه ذكر الْمَسِيح مُقَارنًا بالطاعون؟ قلت: قد تكلمُوا فِي الْجَواب بِكَلَام كثير، وَالْحَاصِل أَن المُرَاد بالطاعون هُوَ وخز الْجِنّ وكفار الْجِنّ وشياطينهم ممنوعون من دُخُول الْمَدِينَة، وَمن اتّفق دُخُوله إِلَيْهَا لَا يتَمَكَّن من طعن أحد مِنْهُم. فَإِن قلت: طعن الْجِنّ لَا يخْتَص بكفارهم بل قد يَقع من مؤمنيهم قلت: دُخُول كفار الْإِنْس الْمَدِينَة مَمْنُوع وَلَا يسكنهَا إِلَّا الْمُسلمُونَ، وَإِن كَانَ فيهم من لَيْسَ بخالص الْإِسْلَام فَيحصل الْأَمْن من وُصُول الْجِنّ إِلَى طعنهم فَلذَلِك لَا يحصل فِيهَا الطَّاعُون أصلا، وَقد روى أَحْمد من رِوَايَة أبي عسيب قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بالحمى والطاعون، فَأَمْسَكت الْحمى بِالْمَدِينَةِ وَأرْسلت الطَّاعُون إِلَى الشَّام، وَالْحكمَة فِي ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دخل الْمَدِينَة كَانَ فِي قلَّة من أَصْحَابه عددا ومدداً، وَكَانَت الْمَدِينَة وبئة، ثمَّ خير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَمريْن يحصل بِكُل مِنْهُمَا الْأجر الجزيل فَاخْتَارَ الْحمى حينئذٍ لقلَّة الْمَوْت بهَا غَالِبا، بِخِلَاف الطَّاعُون، ثمَّ لما احْتَاجَ إِلَى جِهَاد الْكفَّار وَأذن لَهُ فِي الْقِتَال كَانَت قَضِيَّة اسْتِمْرَار الْحمى بِالْمَدِينَةِ أَن تضعف أجساد الَّذين يَحْتَاجُونَ إِلَى التقوية لأجل الْجِهَاد، فَدَعَا بِنَقْل الْحمى من الْمَدِينَة إِلَى الْجحْفَة، فَعَادَت الْمَدِينَة أصح بِلَاد الله بعد أَن كَانَت بِخِلَاف ذَلِك وَأَبُو عسيب، بِفَتْح الْعين وَكسر السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالباء الْمُوَحدَة، وَقَالَ أَبُو عمر: أَبُو عسيب مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة، أسْند عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حديثين أَحدهمَا فِي الْحمى والطاعون، قيل: اسْم أبي عسيب: أَحْمَر.
٥٧٣٢ - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ حدَّثنا عبدُ الوَاحِد حَدثنَا عاصِمٌ حدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قالَتْ: قَالَ لي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ: يَحْياى بِما ماتَ؟ قُلْتُ مِنَ الطَّاعُونِ. قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الطَّاعُونُ شَهادَةٌ لِكلِّ مُسْلِمٍ. (انْظُر الحَدِيث: ٢٨٣٠) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْأَحول.
والأسناد كُله بصريون، وَلَيْسَ لحفصة بنت سِيرِين عَن أنس فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث، وَمضى الحَدِيث فِي الْجِهَاد عَن بشر بن مُحَمَّد عَن عبد الله بن الْمُبَارك. وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الطِّبّ.
قَوْله: (يحيى بِمَا مَاتَ؟) يحيى هُوَ ابْن سِيرِين أَخُو حَفْصَة الْمَذْكُورَة، سَأَلَهَا أنس: بِمَا مَاتَ يحيى؟ فَقَالَت. مَاتَ من الطَّاعُون، ويروى: بِمَ مَاتَ؟ بِحَذْف الْألف من رُبمَا يَعْنِي: من أَي شَيْء؟ وَهُوَ الْأَشْهر، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: يحيى بن أبي عمْرَة، وَهُوَ ابْن سِيرِين لِأَنَّهَا كنية سِيرِين، وَكَانَت وَفَاة يحيى فِي حُدُود التسعين من الْهِجْرَة. قَوْله: (شَهَادَة لكل مُسلم) يَعْنِي: إِذا مَاتَ مطعوناً صَار كالشهيد فِي سَبِيل الله لمشاركته إِيَّاه فِيمَا كابده من الشدَّة.
٥٧٣٣ - حدّثنا أبُو عاصِمٍ عَنْ مالِكٍ عَنْ سُميٍّ عَنْ أبي صالِحٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: المَبْطُونُ شَهيدٌ، والمَطْعُونُ شَهِيدٌ.