للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واما الْإِعْرَاب فَقَوله: (رَأَيْتُك) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول. وَقَوله: (تصنع) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل فِي مَحل النصب على انها مفعول ثَان (وأربعا) مفعول: تصنع، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي: رَأَيْتُك، الثَّانِي وَالثَّالِث. وَأما: رَأَيْتُك، وَالْخَامِس فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون بِمَعْنى الإبصار، وَبِمَعْنى الْعلم وَقَوله: (كنت) ، يحْتَمل أَن تكون تَامَّة أَو نَاقِصَة، و: (بِمَكَّة) ظرف لَغْو أَو مُسْتَقر. وَقَوله: (إِذا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ يحْتَمل أَن تَكُونَا شرطيتين وَأَن تَكُونَا ظرفيتين، وَأَن تكون الأولى شَرْطِيَّة وَالثَّانيَِة ظرفية وَبِالْعَكْسِ. قَوْله: (أهل) يجوز أَن يكون حَالا، قَالَه الْكرْمَانِي، وَلم يبين وَجهه، وَلَيْسَ هُوَ إلَاّ جَزَاء إِذا الأول، وَإِذا الثَّانِي مُفَسّر لَهُ، وَيجوز أَن يكون: أهل، جَزَاء إِذا الثَّانِي على مَذْهَب الْكُوفِيّين لأَنهم جوزوا تَقْدِيمه على الشَّرْط. قَوْله: (حَتَّى يكون يَوْم التَّرويَة) يجوز فِي: كَانَ، أَن تكون تَامَّة وَأَن تكون نَاقِصَة، فَإِن كَانَت تَامَّة يكون يَوْم، مَرْفُوعا لِأَنَّهُ إسم: كَانَ، وَإِن كَانَت نَاقِصَة تكون خبر: كَانَ. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: ذكر فِي جَوَاب كل وَاحِد من: رَأَيْتُك، الْأَرْبَع فعلا رَآهُ مِنْهُ: فَمَا هُوَ هَهُنَا يَعْنِي فِي: رَأَيْتُك الْخَامِس؟ وَكَانَ الْقيَاس أَن يَقُول: رَأَيْتُك لم تهل حَتَّى كَانَ يَوْم التَّرويَة. قلت: أما أَن يكون محذوفاً. وَالْمَذْكُور دَلِيل عَلَيْهِ. وَإِمَّا أَن تكون الشّرطِيَّة قَائِمَة مقَامه. قلت: هَذَا السُّؤَال لَا وَجه لَهُ،، وَمَا وَجه الْقيَاس الَّذِي ذكره.

بَيَان الْمعَانِي قَوْله: (أَرْبعا) أَي: أَربع خِصَال. قَوْله: (لم أر أحدا من اصحابك يصنعها) : يحْتَمل أَن يكون مُرَاده لَا يصنعن أحد غَيْرك مجتمعة وَإِن كَانَ يصنع بَعْضهَا، وَفِي بعض النّسخ: من اصحابنا، أَي: من اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِي بعض النّسخ: وَمن أَصْحَابك قَوْله: (من الْأَركان) أَي: من أَرْكَان الْكَعْبَة الْأَرْبَعَة: واليمانيين، الرُّكْن الْيَمَانِيّ والركن الْيَمَانِيّ الَّذِي فِيهِ الْحجر الْأسود، وَيُقَال لَهُ الرُّكْن الْعِرَاقِيّ لكَونه إِلَى جِهَة الْعرَاق، وَالَّذِي قبله يماني لِأَنَّهُ من جِهَة الْيمن. وَيُقَال لَهما: اليمانيان تَغْلِيبًا لأحد الاسمين، وهما باقيان على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فان قلت: لمَ لَا قَالُوا: الأسودين؟ وَيَأْتِي فِيهِ التغليب أَيْضا؟ قلت: لَو قيل كَذَلِك رُبمَا كَانَ يشْتَبه على بعض الْعَوام أَن فِي كل من هذَيْن الرُّكْنَيْنِ الْحجر الْأسود، وَكَانَ يفهم التَّثْنِيَة وَلَا يفهم التغليب لقُصُور فهمه، بِخِلَاف: اليمانيين. قَوْله: (يلبس) ، بِفَتْح الْبَاء لِأَنَّهُ من بَاب فعل يفعل بِكَسْر الْعين فِي الْمَاضِي، وَفتحهَا فِي الْمُسْتَقْبل، من بَاب علم يعلم. وَأما الَّذِي بِفَتْح الْبَاء فِي الْمَاضِي فمضارعه بِكَسْر الْبَاء من بَاب: ضرب يضْرب، فمصدر الأول: اللّبْس، بِضَم اللَّام. ومصدر الثَّانِي: اللّبْس، بِالْفَتْح: وَهُوَ الْخَلْط. قَوْله: (تصبغ) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتحهَا لُغَتَانِ مشهورتان. قَالَ الْكرْمَانِي، قلت: فِيهِ ثَلَاث لُغَات ذكرهَا ابْن سَيّده فِي (الْمُحكم) يُقَال: صبغ الثَّوْب والشيب وَنَحْوهمَا يصبغه، ويصبغه فالكسر عَن اللحياني صبغاً وصبغا وصبغة، وَأما: الصبغة، بِالْكَسْرِ فالمرة من الصَّبْغ، وصبغه. بِالتَّشْدِيدِ. أَي: لَونه، عَن ابي حنيفَة. قَوْله: (حَتَّى كَانَ يَوْم التَّرويَة) وَهُوَ الْيَوْم الثَّامِن من ذِي الْحجَّة، وَاخْتلفُوا فِي سَبَب التَّسْمِيَة بذلك على قَوْلَيْنِ، حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره: أَحدهمَا: لِأَن النَّاس يروون فِيهِ من المَاء من زَمْزَم لِأَنَّهُ لم يكن بمنى وَلَا بِعَرَفَة مَاء. وَالثَّانِي: أَنه الْيَوْم الَّذِي رأى فِيهِ آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَوَّاء. قلت: وَفِيه قَول أخر، وَهُوَ: أَن جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ارى فِيهِ إِبْرَاهِيم أول الْمَنَاسِك. وَعَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: سمي بذلك لِأَن ابراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَتَاهُ الْوَحْي فِي مَنَامه أَن يذبح ابْنه، فتروى فِي نَفسه: من الله تَعَالَى هَذَا أم من الشَّيْطَان؟ فَأصْبح صَائِما، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة عَرَفَة أَتَاهُ الْوَحْي، فَعرف أَنه الْحق من ربه، فسميت عَرَفَة، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي (فَضَائِل الاوقات) من رِوَايَة الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَنهُ. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا قَالَ فِي هَذِه الرِّوَايَة، وروى أَبُو الطُّفَيْل عَن ابْن عَبَّاس: أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لما ابْتُلِيَ بِذبح ابْنه أَتَاهُ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَأرَاهُ مَنَاسِك الْحَج، ثمَّ ذهب بِهِ إِلَى عَرَفَة. قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: سميت عَرَفَة لِأَن جِبْرِيل قَالَ لإِبْرَاهِيم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام: هَل عرفت؟ قَالَ: نعم، فَمن ثمَّ سميت: عَرَفَة. قَوْله: (حَتَّى تنبعث بِهِ رَاحِلَته) ، يُقَال: بعثت النَّاقة: أثرتها فانبعثت هِيَ، وَبَعثه فانبعث فِي السّير أَي: أسْرع، وَالْمعْنَى هُنَا: استواؤها قَائِمَة. وَفِي الْحَقِيقَة هُوَ كِنَايَة عَن ابْتِدَاء الشُّرُوع فِي أَفعَال الْحَج، وَالرَّاحِلَة: هِيَ الْمركب من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو انثى. قَوْله: (وَلم تهل أَنْت حَتَّى كَانَ) . وَفِي رِوَايَة مُسلم: (حَتَّى تكون) ؟ قَوْله: (قَالَ عبد الله) بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، لِأَنَّهُ هُوَ المسؤول من جِهَة عبيد بن جريج. قَوْله: (فَإِنِّي أحب أَن أصنع) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والباقين: (فَأَنا أحب) ، كَالَّتِي قبلهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>