مَا رأيْتُ أحَداً أحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ بَعْضُ أصْحابي عنْ مالِكٍ: إنَّ جُمَّتَهُ لَتَضْرِبُ قَرِيباً مِنْ مَنْكِبَيْهِ، قَالَ أبُو إسْحاقَ: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، مَا حَدَّثَ بِهِ قَطُّ إلَاّ ضَحِكَ. (انْظُر الحَدِيث ٣٥٥١ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (إِن جمته لتضرب قَرِيبا من مَنْكِبَيْه) لِأَن الجمة شعر فَيتَنَاوَل الْجَعْد والسبط.
وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن عَليّ بن خشرم. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمار.
قَوْله: (قَالَ بعض أَصْحَابِي) أَي: قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ بعض أَصْحَابِي، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ رِوَايَة عَن الْمَجْهُول، قيل: هُوَ يَعْقُوب بن سُفْيَان فَإِنَّهُ كَذَلِك أخرجه عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل بِهَذَا السَّنَد، وَفِيه الزِّيَادَة. قَوْله: (عَن مَالك) هُوَ شَيْخه مَالك بن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور قَوْله: (إِن جمته) بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم هِيَ مُجْتَمع شعر الرَّأْس إِذا تدلي إِلَى قريب الْمَنْكِبَيْنِ، وَقَالَ بعده شُعْبَة: يبلغ شحمة أُذُنَيْهِ، وهما متقاربان لِأَن شحمة الْأذن هِيَ مُعَلّق القرط. وَقَالَ أَيْضا: بَين أُذُنَيْهِ وعاتقه، لَعَلَّه نقص مِنْهَا عِنْدَمَا حلق فِي حج أَو عمْرَة أَو غَيرهمَا، وَقَالَ ابْن فَارس: اللمة بِالْكَسْرِ الشّعْر يُجَاوز شحمة الْأذن فَإِذا بلغ الْمَنْكِبَيْنِ فَهُوَ جمة، قَوْله: (قَالَ أَبُو إِسْحَاق) هُوَ عَمْرو بن عبد الله الْمَذْكُور، (سمعته) أَي: الْبَراء يحدثه أَي: الحَدِيث الْمَذْكُور غير مرّة أَي: مرَارًا.
تابَعَهُ شُعْبَةُ شَعَرُهُ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ
أَي: تَابع أَبَا إِسْحَاق شُعْبَة نقلا عَن أبي إِسْحَاق (شعره يبلغ شحمة أُذُنَيْهِ) وَقد ذكرنَا الْآن أَنه قريب من قَوْله: ليضْرب قَرِيبا إِلَى مَنْكِبَيْه، وَإِنَّمَا نَقله عَن أبي إِسْحَاق لِأَنَّهُ شَيْخه. قَوْله: (تَابعه) فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر والنسفي: قَالَ شُعْبَة: شعره يبلغ شحمة أُذُنَيْهِ، وَوَصله البُخَارِيّ فِي: بَاب صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَرِيق شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
٥٩٠٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عَنْ نافِعٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: أَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ فَرَأيْتُ رَجُلاً آدَمَ كأحْسَنِ مَا أنْتَ راءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجال، لَهُ لِمَّة كأحْسَنِ مَا أنْتَ راءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رجَّلَها فَهْيَ تَقْطُرُ مَاء مُتكِئاً عَلَى رَجُلَيْنِ أوْ عَلَى عَواتِقِ رجُلَيْنِ يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَسألْتُ: مَنْ هاذَا؟ فَقِيل: المَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ، وإذَا أَنا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطِطٍ أعْوَرِ العَيْنِ اليُمْنَى كأنَّها عِنَبَة طافِيَةٌ، فَسألْتُ: مَنْ هاذَا؟ فَقِيلَ: المَسِيحُ الدَّجَّالُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بِرَجُل جعد) والْحَدِيث قد مضى بِوُجُوه عَن ابْن عمر فِي كتاب الْأَنْبِيَاء فِي: بَاب مَرْيَم، عَلَيْهَا السَّلَام.
قَوْله: (أَرَانِي اللَّيْلَة)
قَوْله: (آدم) من الأدمة وَهِي السمرَة الشَّدِيدَة، وَقيل: هِيَ من أدمة الأَرْض وَهُوَ لَوْنهَا وَبِه سمى آدم عَلَيْهِ السَّلَام. قَوْله: (لَهُ لمة) بِكَسْر اللاّم: الشّعْر الَّذِي ألم إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ. قَوْله: (قد رجلهَا) من الترجيل بِالْجِيم وَهُوَ أَن يبل الرَّأْس ثمَّ يمشط، وَقَالَ الْكرْمَانِي: رجلهَا أَي سرحها ومشطها. قَوْله: (مُتكئا) نصب على الْحَال وَكَذَا قَوْله: (يطوف بِالْبَيْتِ) حَال. قَوْله: الْمَسِيح ابْن مَرْيَم فَقيل: الْمَسِيح مُعرب مسيخاً بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ بالعبرانية وَمَعْنَاهُ: الْمُبَارك، وَمن قَالَ: إِنَّه عَرَبِيّ مُشْتَقّ سمي بِهِ لِأَنَّهُ يمسح الْمَرِيض بِيَدِهِ كالأكمه والأبرص فَيبرأ، وَقيل: لِأَنَّهُ يمسح الأوزار ويتطهر مِنْهَا، وَقيل: لِأَنَّهُ خرج من بطن أمه ممسوحاً بالدهن، وَقد ذكرنَا وُجُوهًا كَثِيرَة فِيهِ وَفِي تَسْمِيَة الدَّجَّال مسيحاً فِي (تاريخنا الْكَبِير) ، وَقد مر تَفْسِير الْجَعْد والقطط. قَوْله: (طافية) ، ضد الراسبة. وَرُوِيَ بِالْهَمْزَةِ وَعدمهَا فالمهموزة هِيَ ذَاهِبَة الضَّوْء، وَغير المهموزة هِيَ الناتئة البارزة المرتفعة، قيل: قد ثَبت أَن الدَّجَّال لَا يدْخل مَكَّة. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَا يدْخل على سَبِيل الْغَلَبَة وَعند ظُهُور شوكته وزمان خُرُوجه، أَو المُرَاد: أَنه لَا يدْخل بعد هَذِه الرُّؤْيَا، مَعَ أَنه لَيْسَ فِي الحَدِيث