للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاسُ الوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُوتِيَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوَضُوءِ فَوَضَعَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِكَ الاِناءِ يَدَهُ وأَمَرَ النَّاسَ أنْ يَتَوَضَّؤُا مِنْهُ قالَ فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبِعُ مِنْ تَحْتِ أصابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّؤُا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة مَا ذَكرْنَاهُ.

بَيَان رِجَاله وهم أَرْبَعَة. قد ذكرُوا كلهم، وَهُوَ من رباعيات البُخَارِيّ، وَأَبُو طَلْحَة اسْمه زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين تنيسي ومدني وبصري، فعبد الله بن يُوسُف شَامي نزل تنيس، بَلْدَة بساحل الْبَحْر الْملح، بِالْقربِ من دمياط، وَالْيَوْم خراب: وَمَالك بن أنس وَإِسْحَاق مدنيان، وَأنس بن مَالك يعد من أهل الْبَصْرَة. وَمِنْهَا: أَن إِسْنَاده قريب إِلَى النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن القعْنبِي. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ عَن معن، وَعَن أبي الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح عَن ابْن وهب وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة، خمستهم عَنهُ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح.

بَيَان لغاته وَإِعْرَابه قَوْله: (حانت) بِالْحَاء الْمُهْملَة، أَي: قرب وَقت صَلَاة الْعَصْر، وَزَاد قَتَادَة: (وَهُوَ بالزوراء) ، وَهُوَ سوق بِالْمَدِينَةِ. قَوْله: (فالتمس النَّاس) الالتماس: الطّلب. قَوْله: (الْوضُوء) ، بِفَتْح الْوَاو: وَهُوَ المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ، وَكَذَا قَوْله: (فاتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوضُوء) بِالْفَتْح، قَوْله: (يَنْبع) فِيهِ ثَلَاث لُغَات: ضم الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسرهَا وَفتحهَا، وَمَعْنَاهُ: يخرج مثل مَا يخرج من الْعين. قَوْله: (من بَين أَصَابِعه) جمع: أصْبع، فِيهِ لُغَات: إِصْبَع، بِكَسْر الْهمزَة وَضمّهَا، وَالْبَاء مَفْتُوحَة فيهمَا، وَلَك أَن تتبع الضمة الضمة والكسرة الكسرة.

وَأما الْإِعْرَاب: فَقَوله: (رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِمَعْنى: أَبْصرت، فَلذَلِك اقْتصر على مفعول وَاحِد. قَوْله: (وحانت) الْوَاو، فِيهِ للْحَال، وَالتَّقْدِير: وَالْحَال أَنه قد حانت صَلَاة الْعَصْر. قَوْله: (فَلم يجدوه) بالضمير الْمَنْصُوب، رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: (فَلم يَجدوا) ، بِدُونِ الضَّمِير، وَهُوَ من الوجدان بِمَعْنى الْإِصَابَة. قَوْله: (فاتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَالصَّحِيح من الرِّوَايَة: (فأُتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِصِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (فِي ذَلِك الْإِنَاء) مُتَعَلق بقوله: (فَوضع) ، و (يَده) مَنْصُوب بِهِ. قَوْله: (أَن يتوضؤا) أَي: بَان يتوضؤا، و: أَن، مَصْدَرِيَّة اي: بالتوضىء مِنْهُ، أَي: من ذَلِك الْإِنَاء. قَوْله: (قَالَ) الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله: (يَنْبع) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَهُوَ الضَّمِير الَّذِي هُوَ فِيهِ الَّذِي يرجع إِلَى المَاء، وَهِي فِي مَحل النصب على الْحَال، وَقد علم أَن الْجُمْلَة أَن الْجُمْلَة الفعلية إِذا وَقعت حَالا تَأتي بِلَا، وَاو إِذا كَانَ فعلهَا مضارعاً. فَإِن قلت: لم لَا يجوز أَن يكون مَفْعُولا ثَانِيًا لرأيت؟ قلت: قد قلت لَك إِن: رَأَيْت، هُنَا بِمَعْنى: أَبْصرت، فَلَا تَقْتَضِي إلَاّ مَفْعُولا وَاحِدًا. قَوْله: (حَتَّى توضؤا) قَالَ الْكرْمَانِي: حَتَّى، للتدريج: وَمن، للْبَيَان أَي: تَوَضَّأ النَّاس حَتَّى تَوَضَّأ الَّذين من عِنْد آخِرهم ... وَهُوَ كِنَايَة عَن جَمِيعهم، ثمَّ نقل عَن النَّوَوِيّ أَن: من، فِي: من عِنْد آخِرهم، بِمَعْنى إِلَى، وَهِي لُغَة. ثمَّ قَالَ: أَقُول وُرُود: من، بِمَعْنى إِلَى شَاذ قل مَا، يَقع فِي فصيح الْكَلَام. قلت: حَتَّى، هَهُنَا حرف ابْتِدَاء، يَعْنِي حرف يبتدأ بعده جملَة، أَي: تسْتَأْنف فَتكون إسمية أَو فعلية، والفعلية يكون فعلهَا مَاضِيا ومضارعاً، وَمِثَال الإسمية قَول جرير.

(فَمَا زَالَت الْقَتْلَى تمج دماؤها ... بدجلة حَتَّى مَاء دجلة أشكل)

وَمِثَال الفعلية الَّتِي فعلهَا مَاض: {حَتَّى عفوا} (الْأَعْرَاف: ٩٥) . و: (حَتَّى توضؤا) ، وَمِثَال الفعلية الَّتِي فعلهَا مضارع: {حَتَّى يَقُول الرَّسُول} (الْبَقَرَة: ٢١٤) فِي قِرَاءَة نَافِع. قَوْله: (من) ، للْبَيَان. قلت: إِنَّمَا تكون من للْبَيَان إِذا كَانَ فِيمَا قبلهَا إِبْهَام، وَلَا إِبْهَام هَهُنَا، لِأَن التَّقْدِير: وَأمر النَّاس أَن يتوضؤا فتوضؤا حَتَّى تَوَضَّأ من عِنْد آخِرهم، على ان: من، الَّتِي للْبَيَان كثيرا مَا يَقع بعد: مَا، وَمهما. الإفراط إبها مهما، نَحْو: {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا} (فاطر: ٢) {وَمهما تأتنا بِهِ من آيَة} (الْأَعْرَاف: ١٣٢) وَمَعَ هَذَا أنكر قوم مجىء: من، لبَيَان الْجِنْس. وَالظَّاهِر ان: من، هَهُنَا للغاية، تَوَضَّأ النَّاس ابْتِدَاء من أَوَّلهمْ حَتَّى انْتَهوا إِلَى آخِرهم. على أَن: من، تَأتي على خَمْسَة عشر وَجها،

<<  <  ج: ص:  >  >>