كُنَّ عِنْدِي لَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ تَبادَرْنَ الحِجابَ. فَقَالَ: أنْتَ أحَقُّ أنْ يَهَبْنَ يَا رسولَ الله، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ: يَا عَدُوَّاتِ أنْفُسِهِنَّ أتَهَبْنَنِي وَلَمْ تَهَبنَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقُلْنَ: أنْتَ أفَظُّ وأغْلَظُ مِنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيهٍ يَا ابنَ الخَطَّابِ! والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشيْطانُ سالِكاً فَجًّا إلَاّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ. (انْظُر الحَدِيث ٣٢٩٤ وطرفه.) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالنَّبِيّ يضْحك، فَقَالَ: أضْحك الله سنك) وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس نَص عَلَيْهِ الْحَافِظ الْمزي وَقَالَ الغساني: لَعَلَّه ابْن أبي أويس الأصبحي، وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ، وَصَالح بن كيسَان يفتح الْكَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة وَالنُّون أَبُو مُحَمَّد مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز، وَابْن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم، وَعبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب بن نفَيْل بن عبد الْعزي، كَانَ والياً لعمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ، على الْكُوفَة، وَمُحَمّد بن أبي وَقاص يروي عَن أَبِيه سعد. وكل هَؤُلَاءِ مدنيون.
والْحَدِيث مضى فِي فضل عمر عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله فرقهما كِلَاهُمَا عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، وَفِي: بَاب إِبْلِيس، أَيْضا وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (وَعِنْده نسْوَة) الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَكَذَلِكَ الْوَاو فِي قَوْله: (فَدخل وَالنَّبِيّ يضْحك) . قَوْله: (يسألنه) أَيْضا حَال. قَوْله: (عالية) نصب على الْحَال وَيجوز الرّفْع على أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره، وَهن عالية، وأصواتهن مَرْفُوع بِهِ. قَوْله: (بِأبي أَنْت وَأمي) أَي: مفدًى، (إيه) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء وَكسر الْهَاء، إسم الْفِعْل تَقول للرجل إِذا استزدته من حَدِيث أَو عمل: إيهٍ، وَإِن وصلت نونت. قَوْله: (فجاً) بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الْجِيم الطَّرِيق: الْوَاسِع بَين الجبلين، وَقَالَ ابْن فَارس: الْفَج الطَّرِيق الْوَاسِع، وَلم يُقَيِّدهُ بقوله: بَين الجبلين.
٦٠٨٦ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا سُفْيانُ عَنْ عَمْرٍ وعنْ أبي العَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرو قَالَ: لَمَّا كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالطَّائِفِ قَالَ: إنَّا قافِلُونَ غَداً إنْ شاءَ الله، فَقَالَ ناسٌ مِنْ أصْحابِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا نَبْرَحُ أوْ نَفْتَحَها. فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاغدُوا عَلَى القِتالِ، قَالَ: فَغَدَوْا فَقاتَلُوهُمْ قِتالاً شَدِيداً وكَثُرَ فِيهِمُ الجِراحاتُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّا قافِلُونَ غَداً إنْ شاءَ الله، قَالَ: فَسَكَتُوا فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: حَدثنَا سُفْيانُ كُلَّهُ بالخَبَرِ. (انْظُر الحَدِيث ٤٣٢٥ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَكَانَ ضحكه هُنَا للتعجب.
وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَأَبُو الْعَبَّاس السَّائِب بن فروخ الشَّاعِر الْأَعْمَى الْمَكِّيّ، وَعبد الله بن عَمْرو بِفَتْح الْعين ابْن الْعَاصِ هَذَا فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَحده، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَقَالَ الْحَافِظ الْمزي مِنْهُم من قَالَ: عَن عبد الله بن عَمْرو، وَكَانَ القدماء من أَصْحَاب سُفْيَان يَقُولُونَ: عَن عبد الله بن عمر، كَمَا وَقع للْبُخَارِيّ فِي عَامَّة النّسخ، وَكَانَ الْمُتَأَخّرُونَ مِنْهُم يَقُولُونَ: عَن عبد الله بن عَمْرو، كَمَا وَقع عِنْد مُسلم وَالنَّسَائِيّ فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ، وَمِنْهُم من لم ينْسبهُ كَمَا وَقع عِنْد النَّسَائِيّ فِي الْموضع الآخر، وَالِاضْطِرَاب فِيهِ من سُفْيَان، وَقَالَ أَبُو عوَانَة: قَالَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق الإسفرايني: بَلغنِي أَن إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ وَغَيره قَالُوا: عبد الله بن عَمْرو، وَرَوَاهُ عَنهُ يَعْنِي: عَن سُفْيَان من أَصْحَابه من يفهم ويضبط فَقَالُوا: عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا.
والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة الطَّائِف وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (لَا نَبْرَح أَو نفتحها) وَكلمَة. أَو نفتحها، بِالنّصب أَي: لَا نفارق إِلَى أَن نفتحها.
قَوْله: (قَالَ الْحميدِي) هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى. قَوْله: (كُله بالْخبر) أَي: حَدثنَا كل الحَدِيث بِلَفْظ الْخَبَر لَا بِلَفْظ العنعنة، ويروى: بالْخبر كُله، أَي: حَدثنَا بِجَمِيعِ هَذَا الْخَبَر، وَهَذِه رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَالْأولَى رِوَايَة الْكشميهني.