الْيَوْم الأول مَا يقدم عَلَيْهِ من الْبر والألطاف وَفِي الْيَوْمَيْنِ الآخرين مَا يحضرهُ، وَإِذا قُلْنَا بخروجها فَهَل هِيَ قبل الثَّلَاثَة أَو بعْدهَا فقد روى مُسلم وَأحمد من رِوَايَة عبد الحميد بن جَعْفَر عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي شُرَيْح بِلَفْظ: الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام وجائزته يَوْم وَلَيْلَة، فَهَذَا يدل على الْمُغَايرَة بَين الضِّيَافَة والجائزة، وَيدل على أَن الْجَائِزَة بعد الضِّيَافَة، ابْن بطال: قسم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر الضَّيْف ثَلَاثَة أَقسَام: يتحفه فِي الْيَوْم الأول، ويتكلف لَهُ فِي الْيَوْم الثَّانِي، وَفِي الثَّالِث يقدم إِلَيْهِ مَا يحضرهُ، وَيُخَير بعد الثَّالِث كَمَا فِي الصَّدَقَة. وَقَالَ ابْن بطال أَيْضا: سُئِلَ عَنهُ مَالك فَقَالَ: يُكرمهُ ويتحفه يَوْمًا وَلَيْلَة وَثَلَاثَة أَيَّام ضِيَافَة، فَهَذَا يدل على أَن الْيَوْم وَاللَّيْلَة قبل الضِّيَافَة بِثَلَاثَة أَيَّام. قَوْله: (وَلَا يحل لَهُ أَن يثوي عِنْده) من الثوى وَهُوَ الْإِقَامَة فِي الْمَكَان. وَفِي التَّوْضِيح: أَن يثوي بِفَتْح أَوله وَكسر الْوَاو وبالفتح فِي الْمَاضِي ثوى إِذا قَامَ، وأثويت عِنْده لُغَة فِي ثويت، أَي: لَا يُقيم عِنْده بعد الثَّلَاث. قَوْله: (حَتَّى يحرجه) من الإحراج وَمن التحريج أَيْضا فعلى الأول بِالتَّخْفِيفِ وعَلى الثَّانِي بِالتَّشْدِيدِ، أَي: لَا يضيق صَدره بِالْإِقَامَةِ عِنْده بعد الثَّلَاثَة، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: حَتَّى يؤثمه، يَعْنِي: يوقعه فِي الْإِثْم، لِأَنَّهُ قد يغتابه لطول مقَامه أَو يظنّ بِهِ ظنا سَيِّئًا، وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد عَن أبي شُرَيْح، قيل: يَا رَسُول الله {وَمَا يؤثمه؟ قَالَ: يُقيم عِنْده لَا يجد شَيْئا يقدمهُ.
حَدثنَا إسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِك مِثْلَهُ، وزَادَ: مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن أسماعيل بن أبي أويس عَن مَالك مثله، يَعْنِي: بِإِسْنَادِهِ وَزَاد فِيهِ: من كَانَ يُؤمن ... إِلَى آخِره، أَي: من كَانَ إيمَانه إِيمَانًا كَامِلا فَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا حَاله وَصفته. قَوْله: (أَو ليصمت) ، ضَبطه النَّوَوِيّ بِضَم الْمِيم، وَقَالَ بَعضهم: قَالَ الطوفي: بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْقيَاس كضرب، قلت: مَا للْقِيَاس تعلق هُنَا، وَهُوَ كَلَام واهٍ وَالْأَصْل فِي هَذَا السماع، فَإِن سمع أَنه من بَاب فعل يفعل بِالْفَتْح فِي الْمَاضِي وَالْكَسْر فِي الْمُضَارع فَلَا كَلَام، أَو يكون قد جَاءَ من بَابَيْنِ من بَاب نصر ينصر وَمن بَاب ضرب يضْرب، قيل: التَّخْيِير فِيهِ مُشكل لِأَن الْمُبَاح إِن كَانَ فِي أحد الشقين لزم أَن يكون مَأْمُورا بِهِ فَيكون وَاجِبا أَو مَنْهِيّا فَيكون حَرَامًا. وَأجِيب: بِأَن كلاًّ من: ليقل وليصمت، أَمر مُطلق بتناول الْمُبَاح وَغَيره فَيلْزم من ذَلِك أَن يكون الْمُبَاح حسنا لدُخُوله فِي الْخَيْر، وَفِيه تَأمل.
٦١٣٦ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّد حَدثنَا ابنُ مَهْدِيّ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ أبِي حصَيْنٍ عَنْ أبي صالِحٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جارَهُ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَليُكرم ضَيفه) . وَعبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي حُصَيْن بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ عُثْمَان الْأَسدي عَن أبي صَالح ذكْوَان الزيات.
والْحَدِيث قد مضى فِي: بَاب من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
٦١٣٧ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بنِ أبِي حبِيبٍ عَنْ أبِي الخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عامِرٍ رَضِي الله عَنهُ أنَّهُ قَالَ: قُلْنا: يَا رسولَ الله} إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنا، فَما تَرَى؟ فَقَالَ لَنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فأمَرُوا لَكُمْ بِما يَنْبغِي للضَّيْفِ فاقْبَلُوا، فإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَق الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ. (انْظُر الحَدِيث ٢٤٦١) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute