أمَرَهُمُ الله ويَصْبِرُونَ عَلَى الأذاى، قَالَ الله تَعَالَى: { (٣) ولتسمعن من الَّذين. . الْكتاب} (آل عمرَان: ١٨٦) الْآيَة. وَقَالَ: { (٢) ود كثير. . الْكتاب} (الْبَقَرَة: ١٠٩) فَكانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَأوَّلُ فِي العَفْوِ عَنْهُمْ مَا أمَرَه الله بِهِ حَتَّى أذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلمَّا غَزَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَدْراً فَقَتَلَ الله بِها مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنادِيدِ الكُفَّارِ وسادَةِ قُرَيْشٍ فَقَفَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصْحابُهُ مَنْصُورينَ غانِمينَ مَعَهُمْ أسارَى مِنْ صَنادِيدِ الكُفَّارِ وسادةِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابنُ أُبَيّ ابنُ سَلُولَ ومَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ: هاذا أمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبايِعُوا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى الإسْلامِ فأسْلَمُوا.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَبُو حباب) فَإِنَّهُ كنية عبد الله بن أبي وَهُوَ بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة أَيْضا وَهُوَ إسم الشَّيْطَان وَيَقَع على الْحَيَّة أَيْضا، وَقيل: الْحباب حَيَّة بِعَينهَا، والحباب بِفَتْح الْحَاء الطل الَّذِي يصبح على النَّبَات، وحباب المَاء نفاخاته الَّتِي تطفو عَلَيْهِ.
وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة. وَالْآخر: عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك بن أنس عَن أَخِيه عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق واسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد مُخْتَصرا فِي: بَاب الردف على الْحمار، وَمضى فِي تَفْسِير سُورَة آل عمرَان بِطُولِهِ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنذكر بعض شَيْء.
فَقَوله: (قطيفة) هِيَ الكساء نِسْبَة إِلَى فدك بِفَتْح الْفَاء وَالدَّال الْمُهْملَة وَالْكَاف وَهِي قَرْيَة بِقرب الْمَدِينَة. قَوْله: من بني الْحَارِث) ويروى: من بني حَارِث، بِدُونِ الْألف وَاللَّام. قَوْله: (ابْن سلول) بِالرَّفْع لِأَنَّهُ صفة لعبد الله، وسلول إسم أمه. قَوْله: (وَالْيَهُود) عطف على العبدة أَو على الْمُشْركين. قَوْله: (عجاجة الدَّابَّة) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْجِيم الأولى وَهِي الْغُبَار. قَوْله: (خمر عبد الله) أَي: غطى. قَوْله: (لَا تغبروا علينا) أَي: لَا تثيروا الْغُبَار. قَوْله: (لَا أحسن) أفعل التَّفْضِيل أَي: لَا أحسن من الْقُرْآن إِن كَانَ حَقًا، وَيجوز أَن يكون إِن كَانَ حَقًا شرطا. وَقَوله: (فَلَا تؤذنا) جَزَاؤُهُ قيل: قَالَه استهزاء. قَوْله: (يتثاورون) أَي: يتواثبون. قَوْله: (أَي سعد) يَعْنِي: يَا سعد. قَوْله: (بِأبي أَنْت) أَي: أَنْت مفدّى بِأبي. قَوْله: (هَذِه البحرة) أَي: الْبَلدة، ويروى: الْبحيرَة بِالتَّصْغِيرِ. قَوْله: (وتوجوه) ، أَي: جَعَلُوهُ ملكا وعصبوا رَأسه بعصابة الْملك وَهَذَا كِنَايَة، وَيحْتَمل إِرَادَة الْحَقِيقَة أَيْضا. قَوْله: (شَرق) بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء أَي: غص بِهِ، وَبَقِي فِي حلقه لَا يصعد وَلَا ينزل كَأَنَّهُ يَمُوت. قَوْله: (يتَأَوَّل) من التأول والتأويل مَا يؤول إِلَيْهِ الشَّيْء. قَوْله: (من صَنَادِيد الْكفَّار) جمع الصنديد وَهُوَ السَّيِّد الشجاع. قَوْله: (فقفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: رَجَعَ. قَوْله: (قد توجه) أَي: أقبل على التَّمام وَيُقَال: توجه الشَّيْخ أَي كبر. قَوْله: (وَبَايَعُوا) بِلَفْظ الْأَمر أَولا، والماضي ثَانِيًا.
٦٢٠٨ - حدَّثنا مُوساى بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا أبُو عَوانَةَ حَدثنَا عَبْدُ المَلِكِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ الحارِثِ بنِ نَوْفَل عَنْ عَبَّاس بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قَالَ: يَا رسولَ الله! هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طالِبٍ بِشَيْءٍ؟ فإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ. قَالَ: نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضاحٍ مِنْ نَار لَوْلا أنَا لَكان فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ. (انْظُر الحَدِيث ٣٨٨٣ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَبَا طَالب) فَإِنَّهُ كنية عبد منَاف وَهُوَ شَقِيق عبد الله وَالِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأَبُو عوَانَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر، وَعبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب يروي عَن عَم جده الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب.
والْحَدِيث مضى فِي ذكر أبي طَالب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن عبد الْملك عَن عبد الله بن الْحَارِث إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي صفة الْجنَّة وَالنَّار عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة بِهِ مُخْتَصرا، وَمضى الْكَلَام