(الْعين) : التَّوْبَة النصوح الصادقة، وَقيل: سميت بذلك لِأَن العَبْد ينصح فِيهَا نَفسه ويقيها النَّار، وأصل نصُوحًا: منصوحاً فِيهَا إلَاّ أَنه أخبر عَنْهَا باسم الْفَاعِل للنصح على مَا ذكره سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل فِي قَوْله: { (٩٦) عيشة راضية} (الحاقة: ٢١) أَي: ذَات رضى، وَكَذَلِكَ تَوْبَة نصُوحًا أَي: ينصح فِيهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: بَالِغَة فِي النصح وَهِي الْخياطَة كَانَ الْعِصْيَان يخرق وَالتَّوْبَة ترفع، والنصاح بِالْكَسْرِ الْخَيط الَّذِي يخلط بِهِ، والناصح الْخياط والنصيحة الِاسْم والنصح بِالضَّمِّ الْمصدر، وَهُوَ بِمَعْنى الْإِخْلَاص: الخلوص والصدق، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الناصح الْخَالِص من الْعَسَل وَغَيره مثل الناصع وكل شَيْء خلص فقد نصح، قَالَ الْجَوْهَرِي: نَصَحْتُك نصحاً ونصاحة، يُقَال: نصحه ونصح لَهُ وَهُوَ بِاللَّامِ أفْصح، قَالَ الله تَعَالَى: { (٧) وأنصح لكم} (الْأَعْرَاف: ٦٢) وَرجل نَاصح الجيب أَي: نقي الْقلب، وانتصح فلَان أَي: قبل النَّصِيحَة.
٤ - (حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس حَدثنَا أَبُو شهَاب عَن الْأَعْمَش عَن عمَارَة بن عُمَيْر عَن الْحَارِث بن سُوَيْد حَدثنَا عبد الله بن مَسْعُود حديثين أَحدهمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْآخر عَن نَفسه قَالَ إِن الْمُؤمن يرى ذنُوبه كَأَنَّهُ قَاعد تَحت جبل يخَاف أَن يَقع عَلَيْهِ وَإِن الْفَاجِر يرى ذنُوبه كذباب مر على أَنفه فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو شهَاب بِيَدِهِ فَوق أَنفه ثمَّ قَالَ لله أفرح بتوبة عَبده من رجل نزل منزلا وَبِه مهلكة وَمَعَهُ رَاحِلَته عَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه فَوضع رَأسه فَنَامَ نومَة فَاسْتَيْقَظَ وَقد ذهبت رَاحِلَته حَتَّى إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحر والعطش أَو مَا شَاءَ الله قَالَ أرجع إِلَى مَكَان فَرجع فَنَامَ نومَة ثمَّ رفع رَأسه فَإِذا رَاحِلَته عِنْده) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله لله أفرح بتوبة عَبده وَأحمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي الْكُوفِي وَهُوَ قد نسب إِلَى جده واشتهر بِهِ وَأَبُو شهَاب اسْمه عبد ربه بن نَافِع الحناط بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون وَهُوَ أَبُو شهَاب الحناط الصَّغِير وَأما أَبُو شهَاب الحناط الْكَبِير وَهُوَ فِي طبقَة شُيُوخ هَذَا واسْمه مُوسَى بن نَافِع وليسا أَخَوَيْنِ وهما كوفيان وَكَذَا بَقِيَّة رجال السَّنَد وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان وَعمارَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم ابْن عُمَيْر بِضَم الْعين وَفتح الْمِيم التَّيْمِيّ تيم الله من بني تيم اللات بن ثَعْلَبَة والْحَارث بن سُوَيْد التَّيْمِيّ تيم الربَاب وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد أَوَّلهمْ الْأَعْمَش وَهُوَ من صغَار التَّابِعين وَالثَّانِي عمَارَة بن عُمَيْر وَهُوَ من أوساطهم وَالثَّالِث الْحَارِث بن سُوَيْد وَهُوَ من كبارهم والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَغَيره وَلم يذكر أَن الْمُؤمن يرى إِلَى آخر الْقِصَّة وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن هناد وَغَيره وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النعوت عَن مُحَمَّد بن عبيد وَغَيره وَذكر قصَّة التَّوْبَة فَقَط قَوْله حديثين أَحدهمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْآخر عَن نَفسه أَي نفس ابْن مَسْعُود وَلم يُصَرح بالمرفوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ النَّوَوِيّ وَابْن بطال أَيْضا أَن الْمَرْفُوع هُوَ قَوْله لله أفرح إِلَى آخِره وَالْأول قَول ابْن مَسْعُود وَوَقع الْبَيَان فِي رِوَايَة مُسلم مَعَ أَنه لم يسق مَوْقُوف ابْن مَسْعُود وَرَوَاهُ عَن جرير عَن الْأَعْمَش عَن عمَارَة عَن الْحَارِث قَالَ دخلت على ابْن مَسْعُود أعوده وَهُوَ مَرِيض فحدثنا بحديثين حَدِيثا عَن نَفسه وحديثا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول " لله أَشد فَرحا " الحَدِيث قَوْله " إِن الْمُؤمن يرى ذنُوبه " إِلَى قَوْله أَن يَقع عَلَيْهِ السَّبَب فِيهِ أَن قلب الْمُؤمن منور فَإِذا رأى من نَفسه مَا يُخَالف ذَلِك عظم الْأَمر عَلَيْهِ وَالْحكمَة فِي التَّمْثِيل بِالْجَبَلِ أَن غَيره من المهلكات قد يحصل مِنْهُ النجَاة بِخِلَاف الْجَبَل إِذا سقط عَلَيْهِ لَا ينجو عَادَة قَوْله " وَإِن الْفَاجِر " أَي العَاصِي الْفَاسِق قَوْله كذباب مر على أَنفه وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ يرى ذنُوبه كَأَنَّهَا ذُبَاب مر على أَنفه أَرَادَ أَن ذَنبه سهل عَلَيْهِ لِأَن قلبه مظلم فالذنب عِنْده خَفِيف قَوْله " فَقَالَ بِهِ هَكَذَا " أَي نحاه بِيَدِهِ أَو دَفعه وذبه وَهُوَ من إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل قَوْله قَالَ أَبُو شهَاب هُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور قَوْله بِيَدِهِ فَوق أَنفه تَفْسِير مِنْهُ لقَوْله فَقَالَ بِهِ قَوْله ثمَّ قَالَ أَي عبد الله بن مَسْعُود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute