شُعْبَة عَن حبيب بن عبد الرَّحْمَن عَن حَفْص بن عَاصِم: أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: خُذُوا حظكم من الْعُزْلَة، وَفِي رِوَايَة قَالَ عمر: الْعُزْلَة رَاحَة من خليط السوء، وروى الطَّحَاوِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: أَلا أخْبركُم بِخَير النَّاس منزلا؟ قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله {قَالَ: رجل أَخذ بعنان فرسه فِي سَبِيل الله} وأخبركم بِالَّذِي يَلِيهِ؟ رجل معتزل فِي شعب يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة، ثمَّ قَالَ: فَإِن قَالَ قَائِل: أَيْن مَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من قَوْله: الْمُسلم الَّذِي يخالط النَّاس ويصبر على أذاهم خير من الْمُسلم الَّذِي لَا يخالط النَّاس وَلَا يصبر على أذاهم؟ وَيُجَاب بِأَنَّهُ لَا تضَاد بَينهمَا لِأَن قَوْله: رجل أَخذ بعنان فرسه، خرج مخرج الْعُمُوم، وَالْمرَاد بِهِ الْخُصُوص فَالْمَعْنى فِيهِ أَنه من خير النَّاس، كَمَا ذكره غَيره بِمثل ذَلِك، فَقَالَ: خير النَّاس من طَال عمره وَحسن عمله، أَو يكون المُرَاد بتفضيله فِي وَقت من الْأَوْقَات لَا فِي كل الْأَوْقَات.
٤٩٤٦ - حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدثنِي عَطاءُ بنُ يَزِيدَ أنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قِيلَ: يَا رسولَ الله.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ: حَدثنَا الأوْزاعِيُّ حَدثنَا الزُّهْرِيُّ عنْ عَطاءٍ ابنِ يَزِيدَ اللّيْثِيِّ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: جاءَ أعْرابِيٌّ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رسولَ الله! أيُّ الناسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (رَجلٌ جاهَدَ بِنَفْسِهِ ومالِهِ، ورَجْلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشّعابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ ويَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ) . (انْظُر الحَدِيث ٦٨٧٢) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَرجل فِي شعب)
إِلَى آخِره.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَعَطَاء بن يزِيد من الزِّيَادَة وَاسم أبي سعيد سعد بن مَالك، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل الْجِهَاد فِي: بَاب أفضل النَّاس مُؤمن مُجَاهِد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (وَقَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف) هُوَ الْفرْيَابِيّ قرنه هُنَا بِرِوَايَة أبي الْيَمَان وأفرد أَبَا الْيَمَان فِي الْجِهَاد، وَرَوَاهُ مُسلم عَن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف. قَوْله: (أَعْرَابِي) لم يدر اسْمه. قَوْله: (أَي النَّاس خير؟) وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة بِلَفْظ: أفضل. قَوْله: (رجل جَاهد) أَي: خير النَّاس رجل جَاهد، وَلَا يُعَارضهُ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خَيركُمْ من تعلم الْقُرْآن وَعلمه) ، وَمثل ذَلِك، لِأَن اخْتِلَاف هَذَا بِحَسب اخْتِلَاف الْأَوْقَات والأقوام وَالْأَحْوَال. قَوْله: (فِي شعب) ، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة: الطَّرِيق فِي الْجَبَل ومسيل المَاء وَمَا انفرج بَين الجبلين. قَوْله: (ويدع) أَي: يتْرك.
تابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وسُلَيْمانُ بنُ كَثِيرٍ والنُّعْمانُ عنِ الزُّهْرِيِّ
أَي: تَابع شعيباً فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ الزبيدِيّ، وَكَذَا تَابع الْأَوْزَاعِيّ فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ، والزبيدي هُوَ مُحَمَّد بن الْوَلِيد السَّامِي نِسْبَة إِلَى زبيد بِضَم الزاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ مُنَبّه بن صَعب وَهُوَ زبيد الْأَكْبَر، وَإِلَيْهِ يرجع قبائل زبيد، وروى مُتَابَعَته مُسلم عَن مَنْصُور بن أبي مُزَاحم: حَدثنَا يحيى بن حَمْزَة عَن الزبيدِيّ. قَوْله: وَسليمَان، بِالرَّفْع عطف على: الزبيدِيّ، وروى مُتَابَعَته أَبُو دَاوُد عَن أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ عَن سُلَيْمَان بِهِ. قَوْله: والنعمان هُوَ ابْن رَاشد الْجَزرِي وروى مُتَابَعَته أَحْمد عَن وهب بن جرير: حَدثنَا أبي سَمِعت النُّعْمَان بن رَاشد بِهِ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: عَن الزُّهْريِّ عنْ عَطاءِ أوْ عُبَيْدِ الله عنْ أبي سَعِيدٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
أَي قَالَ معمر بن رَاشد: عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد أَو عبيد الله بِالشَّكِّ، وَهُوَ عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود الْهُذلِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَحْمد عَن عبد الرَّزَّاق، وَقَالَ فِي سِيَاقه: معمر، يشك، وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن أبي حميد: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن مُحَمَّد عَن عَطاء، بِغَيْر شكّ.