وَمُحَمّد بن عُثْمَان بن كَرَامَة بِفَتْح الْكَاف وَتَخْفِيف الرَّاء الْعجلِيّ بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة الْكُوفِي مَاتَ بِبَغْدَاد سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من صغَار شُيُوخ البُخَارِيّ، وَقد شَاركهُ فِي كثير من مشايخه. مِنْهُم: خَالِد بن مخلد شَيْخه فِي هَذَا الحَدِيث فقد أخرج عَنهُ البُخَارِيّ بِغَيْر وَاسِطَة أَيْضا فِي: بَاب الِاسْتِعَاذَة من الْجُبْن فِي كتاب الدَّعْوَات. وخَالِد بن مخلد بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام البَجلِيّ، وَيُقَال الْقَطوَانِي الْكُوفِي مَاتَ بِالْكُوفَةِ فِي محرم سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَسليمَان بن بِلَال أَبُو أَيُّوب الْقرشِي التَّيْمِيّ مَاتَ سنة سبع وَسبعين وَمِائَة، وَشريك بن عبد الله بن أبي نمر بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور الْقرشِي، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ، مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة. فَإِن قلت: خَالِد فِيهِ مقَال، فَعَن أَحْمد لَهُ مَنَاكِير، وَعَن أبي حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ. وَأخرج ابْن عدي عشرَة أَحَادِيث من حَدِيثه استنكرها مِنْهَا حَدِيث الْبَاب، وَشريك أَيْضا فِيهِ مقَال، وَهُوَ رَاوِي حَدِيث الْمِعْرَاج الَّذِي زَاد فِيهِ وَنقص وَقدم وَأخر وَتفرد بأَشْيَاء لم يُتَابع عَلَيْهَا.
قلت: أما خَالِد فَعَن ابْن معِين: مَا بِهِ بَأْس، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: صَدُوق وَلكنه تشيع وَهُوَ عِنْدِي، إِن شَاءَ الله، لَا بَأْس بِهِ. وَأما شريك فَعَن يحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد: كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث، وَعَطَاء هُوَ ابْن يسَار ضد الْيَمين وَوَقع فِي بعض النّسخ كَذَلِك، وَقيل: هُوَ ابْن أبي رَبَاح، وَالْأول أصح. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله:(إِن الله قَالَ) هَذَا من الْأَحَادِيث الإلهية الَّتِي تسمى: القدسية، وَقد مر الْكَلَام فِيهَا عَن قريب، وَقد وَقع فِي بعض طرقه: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حدث بِهِ عَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، عَن الله عز وَجل. قَوْله:(لي) ، صفة لقَوْله: وليا، لكنه لما قدم صَار حَالا. قَوْله:(وليا) ، الْوَلِيّ: هُوَ الْعَالم بِاللَّه المواظب على طَاعَته المخلص فِي عِبَادَته. فَإِن قلت: قَوْله: (عادى) من المعاداة وَهُوَ من بَاب المفاعلة الَّتِي تقع من الْجَانِبَيْنِ، وَمن شَأْن الْوَلِيّ الْحلم والاجتناب عَن المعاداة والصفح عَمَّن يجهل عَلَيْهِ.
قلت: أُجِيب بِأَن المعاداة لم تَنْحَصِر فِي الْخُصُومَة، والمعاداة الدُّنْيَوِيَّة مثلا، بل تقع عَن بغض ينشأ عَن التعصب: كالرافضي فِي بغضه لأبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، والمبتدع فِي بغضه للسني، فَتَقَع المعاداة من الْجَانِبَيْنِ، أما من جَانب الْوَلِيّ فللَّه، وَفِي الله وَأما من الْجَانِب الآخر فَظَاهر. انْتهى.
قلت: لَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّكَلُّف، فَإِذا قُلْنَا: إِن فَاعل يَأْتِي بِمَعْنى فعل كَمَا فِي قَوْله عز وَجل: {وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم}(آل عمرَان: ٣٣١) بِمَعْنى: اسرعوا يحصل الْجَواب. قَوْله:(فقد آذنته) بِالْمدِّ وَفتح الْمُعْجَمَة بعد هانون أَي: أعلمته من الإيذان، وَهُوَ الْإِعْلَام. قَوْله:(بِالْحَرْبِ) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بِحَرب، وَوَقع فِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا:(من عادى لي والياً فقد اسْتحلَّ محاربتي) وَفِي حَدِيث معَاذ: (فقد بارز الله بالمحاربة) ، وَفِي حَدِيث أبي أُمَامَة وَأنس:(فقد بارزني) . فَإِن قيل: الْمُحَاربَة من الْجَانِبَيْنِ والمخلوق فِي أسر الْخَالِق؟ قيل لَهُ: أطلق الْحَرْب وَأَرَادَ لَازمه، أَي: أعمل بِهِ مَا يعمله الْعَدو الْمُحَارب. قَوْله:(أحب) بِالرَّفْع وَالنّصب، قَالَه الْكرْمَانِي.