وروى أَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس مطولا مَرْفُوعا نَحْو حَدِيث الْبَاب، وَزَاد: وَأول من يكسى من الْجنَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، يكسى حلَّة من الْجنَّة وَيُؤْتى بكرسي فيطرح عَن يَمِين الْعَرْش ثمَّ يُؤْتى بِي فأكسى حلَّة من الْجنَّة لَا يقوم لَهَا الْبشر، ثمَّ يُؤْتى بكرسي فيطرح عَن يَمِين الْعَرْش. وَقيل: هَل فِيهِ دلَالَة على أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، أفضل مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَا يلْزم من اخْتِصَاص الشَّخْص بفضيلة كَونه أفضل مُطلقًا. قَوْله:(ذَات الشمَال) أَي: طَرِيق جَهَنَّم وجهتها. قَوْله:(أصيحابي) أَي: هَؤُلَاءِ أَصْحَابِي ذكرهم بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ من بَاب تَصْغِير الشَّفَقَة كَمَا فِي: يَا بني. قَوْله:(العَبْد الصَّالح) أَرَادَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام. قَوْله:(لم يزَالُوا) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لن يزَالُوا. قَوْله:(مرتدين) قَالَ الْخطابِيّ: لم يرد بقوله: مرتدين، الرِّدَّة عَن الْإِسْلَام، بل التَّخَلُّف عَن الْحُقُوق الْوَاجِبَة، وَلم يرْتَد أحد بِحَمْد الله من الصَّحَابَة، وَإِنَّمَا ارْتَدَّ قوم من جُفَاة الْأَعْرَاب، وَقَالَ عِيَاض: هَؤُلَاءِ صنفان: إِمَّا العصاة، وَإِمَّا المرتدون إِلَى الْكفْر، وَقيل: هُوَ على ظَاهره من الْكفْر، وَالْمرَاد: بأمتي، أمة الدعْوَة لَا أمة الْإِجَابَة، وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يَكُونُوا منافقين أَو مرتكبي الْكَبَائِر، وَقَالَ الدَّاودِيّ: لَا يمْتَنع دُخُول أَصْحَاب الْكَبَائِر والبدع فِي ذَلِك. وَقَالَ النَّوَوِيّ: قيل: هم المُنَافِقُونَ والمرتدون، فَيجوز أَن يحْشرُوا بالغرة والتحجيل لكَوْنهم من جملَة الْأمة فيناديهم من السيماء الَّتِي عَلَيْهِم، فَيُقَال: إِنَّهُم بدلُوا بعْدك، أَي: لم يموتوا على ظَاهر مَا فَارَقْتهمْ عَلَيْهِ، قَالَ عِيَاض وَغَيره: وعَلى هَذَا فتذهب عَنْهُم الْغرَّة والتحجيل ويطفى نورهم، وَقَالَ الْفربرِي: ذكر عَن أبي عبد الله البُخَارِيّ عَن قبيصَة قَالَ: هم الَّذين ارْتَدُّوا على عهد أبي بكر رَضِي الله عَنهُ، فَقَاتلهُمْ أَبُو بكر حَتَّى قتلوا أَو مَاتُوا على الْكفْر.
٧٢٥٦ - حدّثنا قَيْسُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا خالدُ بنُ الحارِث حَدثنَا حاتِمُ بنُ أبي صَغِيرَةَ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي مُلَيْكَةَ قَالَ: حدّثني القاسمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكْر أنَّ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (تُحْشَرُونَ حُفاةً عُرَاةً غُرْلاً) قالَتْ عائِشَةُ: فَقُلْتُ: (يَا رسولَ الله! الرِّجالُ والنِّساءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: (الأمْرُ أشَدُّ مِنْ أنْ يُهْتَمَّ لِذالِكَ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَقيس بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الدَّارمِيّ الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ أَو نَحْوهَا، قَالَه البُخَارِيّ، وخَالِد بن الْحَارِث أَبُو عُثْمَان الهُجَيْمِي مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وحاتم بن أبي صَغِيرَة بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة ضد الْكَبِيرَة واسْمه مُسلم الْقشيرِي، وَعبد الله بن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة واسْمه زُهَيْر الْأَحول الْمَكِّيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي أَوَاخِر الْكتاب فِي صفة الْحَشْر عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن عمر بن عَليّ، وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الزّهْد عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
قَوْله:(أَن يهتم) على صِيغَة الْمَجْهُول من الاهتمام، ويروى: من أَن يهمهم، بِضَم الْيَاء وَكسر الْهَاء من الإهمام وَهُوَ الْقَصْد، وَجوز ابْن التِّين فتح أَوله وَضم ثَانِيه من: همه الشي إِذا أقلقه، وَفِي رِوَايَة مُسلم: يَا عَائِشَة الْأَمر أَشد من أَن ينظر بعض إِلَى بعض، وَفِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة: الْأَمر أهم من أَن ينظر بَعضهم إِلَى بعض.