للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَدِينَة، وَفِي حَدِيث ثَوْبَان: مَا بَين عدن وعمان البلقاء، وَعند عبد الرَّزَّاق فِي حَدِيث ثَوْبَان: مَا بَين مَكَّة وأيلة، وَفِي لفظ: مَا بَين مَكَّة وعمان، وَفِي حَدِيث عبد الله بن عمر وَعند أَحْمد: بعْدهَا بَين مَكَّة وأيلة، وَفِي لفظ: مَا بَين مَكَّة وعمان، وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد: مَا بَين صنعاء إِلَى بَصرِي، وَفِي حَدِيث أنس عِنْد أَحْمد: كَمَا بَين مَكَّة وأيلة، أَو: بَين صنعاء وَمَكَّة، وَفِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد ابْن أبي شيبَة وَابْن مَاجَه: مَا بَين كعبة إِلَى الْقُدس، وَفِي حَدِيث عتبَة بن عمر وَعند الطَّبَرَانِيّ: كَمَا بَين الْبَيْضَاء إِلَى بَصرِي.

وَقد جمع الْعلمَاء بَين هَذَا الِاخْتِلَاف، فَقَالَ القَاضِي عِيَاض: هَذَا من اخْتِلَاف التقادير لِأَن ذَلِك لم يَقع فِي حَدِيث وَاحِد فيعد اضطراباً من الروَاة، وَإِنَّمَا جَاءَ من أَحَادِيث مُخْتَلفَة عَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة سَمِعُوهُ فِي مَوَاطِن مُخْتَلفَة، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْرب فِي كل مِنْهَا مثلا لبعد أقطار الْحَوْض وسعته بِمَا سنح لَهُ من الْعبارَة، وَيقرب ذَلِك ببعد مَا بَين الْبِلَاد النائية بَعْضهَا من بعض، لَا على إِرَادَة الْمسَافَة المتحققة. قَالَ: فَبِهَذَا يجمع بَين الْأَلْفَاظ الْمُخْتَلفَة من جِهَة الْمَعْنى. انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: وَفِيه نظر من جِهَة أَن ضرب الْمثل وَالتَّقْدِير إِنَّمَا يكون فِيمَا يتقارب، وَإِمَّا هَذَا الِاخْتِلَاف المتباعد الَّذِي يزِيد تَارَة إِلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَينْقص إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا. انْتهى.

قلت: فِي نظره نظر لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما أخبر بِثَلَاثَة أَيَّام كَانَ هَذَا الْمِقْدَار، ثمَّ إِن الله تَعَالَى تفضل عَلَيْهِ باتساعه شَيْئا بعد شَيْء، وَكلما اتَّسع أخبرهُ بِقدر مَا اتَّسع، وكل من روى بِمِقْدَار خلاف مَا رَوَاهُ غَيره بِحَسب ذَلِك، وَبِهَذَا الْوَجْه يحصل الْجَواب الشافي عَن الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور، فَلَا يحْتَاج بعد ذَلِك إِلَى كَلَام طَوِيل غير طائل، كَمَا صدر ذَلِك عَن بَعضهم.

وَأما تَفْسِير الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة فَنَقُول: الأيلة مَدِينَة كَانَت عامرة وَهِي بِطرف بَحر القلزم من طرف الشَّام، وَهِي الْآن خراب يمر بهَا الْحَاج من مصر وغزة وإليها تنْسب الْعقبَة الْمَشْهُورَة عِنْد أهل مصر، بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة نَحْو شهر بسير الأثقال كل يَوْم مرحلة. وإلَاّ فدون ذَلِك. وَصَنْعَاء: ثِنْتَانِ إِحْدَاهمَا: صنعاء الْيمن أعظم مدنها. وَالْأُخْرَى: صنعاء قَرْيَة عل بَاب دمشق من نَاحيَة بَاب الفراديس، قَالَه ياقوت، وَالْأولَى هِيَ المرادة فِي الحَدِيث، فَلذَلِك قيد فِي الحَدِيث: وَصَنْعَاء من الْيمن. والجحفة بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء وَهُوَ مَوضِع بِالْقربِ من رابغ وَهِي من مِيقَات أهل الشَّام ومصر، وَالْيَوْم أهل الشَّام يحرمُونَ من ذِي الحليفة مِيقَات أهل الْمَدِينَة، وعدن مَدِينَة فِي أقْصَى الْيمن على سَاحل بَحر الْهِنْد، وعمان ثِنْتَانِ. الأولى بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْمِيم وبتخفيفها بلد قريب من البلقاء فلذك قيل عمان البلقاء، وَالْأُخْرَى بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْمِيم بلد على شاطىء الْبَحْر بَين الْبَصْرَة وعدن. والبلقاء: بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون اللَّام بعْدهَا قَاف وبالمد بَلْدَة مَعْرُوفَة من فلسطين، قَالَه بَعضهم.

قلت: البلقاء تمد وتقصر، وَقَالَ الرشاطي: البلقاء من عمل دمشق. وبصري: بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة، قَالَ ياقوت: بلد بِالشَّام وَهِي قَصَبَة حوران من أَعمال دمشق. والبيضاء: بِالْقربِ من الربذَة الْبَلَد الْمَعْرُوف بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَقَالَ الرشاطي: الْبَيْضَاء تَأْنِيث الْأَبْيَض، مَوضِع تِلْقَاء حمى الربذَة.

٨٧٥٦ - حدّثني عَمْرُو بنُ مُحَمدٍ حدّثنا هُشَيْمٌ أخبرنَا أبُو بِشْرٍ وعَطاءُ بنُ السَّائِبِ عنْ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: الكَوْثَرُ الخَيرُ الكثيرُ الّذِي أعْطاهُ الله إيَّاهُ.

(انْظُر الحَدِيث ٦٦٩٤) .

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير الْكَوْثَر فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} (الْكَوْثَر: ١) .

قد مضى هَذَا فِي تَفْسِير سُورَة الْكَوْثَر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن هشيم عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير، وَهنا أخرجه عَن عَمْرو بن مُحَمَّد بن بكير النَّاقِد الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا يروي عَن هشيم مصغر هشم ابْن بشير بِالتَّصْغِيرِ أَيْضا عَن أبي بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة جَعْفَر بن أبي وحشية واسْمه إِيَاس، وَعَن عَطاء بن السَّائِب الْكُوفِي الْمُحدث الْمَشْهُور من صغَار التَّابِعين صَدُوق اخْتَلَط فِي آخر عمره، وَسَمَاع هشيم مِنْهُ بعد اخْتِلَاطه، فَلذَلِك أخرج لَهُ البُخَارِيّ مَقْرُونا بِأبي بشر وَمَاله غَيره إلَاّ فِي هَذَا الْموضع.

قَوْله: (إِيَّاه) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

قَالَ أبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إنَّ أُناساً يَزْعَمُونَ أنّهُ نَهَرٌ فِي الجَنّةِ؟ فَقَالَ سَعيدٌ: النَّهَرُ الّذِي فِي الجَنة

<<  <  ج: ص:  >  >>