وجارِيَةٍ لي ثُمَّ إنِّي سألْتُ أهْلَ العِلْمِ فأخْبَرُونِي أنَّ مَا عَلى ابْنِي جَلْدُ مائَةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ، وإنَّما الرَّجْمُ عَلى امْرَأتِهِ. فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أما والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأقْضيَنَّ بَيْنَكُما بِكِتابِ الله! أمَّا غنَمُكَ وجارِيَتُكَ فَرَدٍّ عَلَيْك) ، وجَلَدَ ابْنَهُ مائَةً وغَرَّبَهُ عَاما، وأُمِرَ أُنَيْسٌ الأسْلَمِيُّ أنْ يأتِيَ امْرَأةَ الآخَرِ، فَإِن اعْتَرَفَتْ رَجَمعَها فاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَها.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) .
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَزيد بن خَالِد الْجُهَنِىّ أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمدنِي من جُهَيْنَة ابْن زيد بن لَيْث بن سعد بن أسلم بن ألحاف بن قضاعة من مشاهير الصَّحَابَة، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ، وَقيل: بِالْكُوفَةِ، سنة ثَمَان وَسبعين وَهُوَ ابْن خمس وَثَمَانِينَ سنة.
وَذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مُخْتَصرا أَو مطولا: فِي الصُّلْح وَفِي الْأَحْكَام عَن آدم عَن ابْن أبي ذِئْب فِي: بَاب إِذا اصْطَلحُوا على صلح جور، وَفِي الْمُحَاربين عَن عبد الله بن يُوسُف وَعَن عَاصِم بن عَليّ، وَفِي الْوكَالَة عَن أبي الْوَلِيد، وَفِي الشُّرُوط عَن قُتَيْبَة، وَفِي الِاعْتِصَام عَن مُسَدّد، وَفِي خبر الْوَاحِد عَن أبي الْيَمَان، وَفِي الشَّهَادَات عَن يحيى بن بكير. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي الصُّلْح وَغَيره.
قَوْله: (أجل يَا رَسُول الله) أَي: نعم، قَالَ الْأَخْفَش: أجل، جَوَاب مثل: نعم، إلَاّ أَنه أحسن مِنْهُ فِي التَّصْدِيق، وَنعم أحسن مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَام. قَوْله: (والعسيف) بِفَتْح الْعين وَكسر السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء. قَوْله: (ثمَّ إِنِّي سَأَلت أهل الْعلم فَأَخْبرُونِي) فِيهِ فتيا الْعَالم مَعَ وجود من هُوَ أعلم مِنْهُ. قَالَ أَبُو الْقَاسِم العذري: كَانَ يُفْتِي من الصَّحَابَة فِيمَا بَلغنِي فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَثَلَاثَة من الْأَنْصَار: أبي ومعاذ وَزيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. قَوْله: (بِكِتَاب الله) قيل: هُوَ قَوْله: {ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب} (النُّور: ٨) وَالْعَذَاب الَّذِي يدْرَأ للزَّوْجَة عَن نَفسهَا هُوَ الرَّجْم. وَأهل السّنة مجمعون على أَن الرَّجْم من حكم الله وَقَالَ قوم: إِنَّه لَيْسَ فِي كتاب الله وَإِنَّمَا هُوَ فِي السّنة، وَأَن السّنة تنسخ الْقُرْآن، فزعموا أَن معنى قَوْله: (لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله) أَي: بِوَحْي الله تَعَالَى لَا بالمتلو، وَقيل: يُرِيد بِقَضَاء الله حكمه. كَقَوْلِه: كتاب الله عَلَيْكُم، أَي: حكمه فِيكُم وقضاؤه عَلَيْكُم. قَوْله: (أما غنمك وجاريتك فَرد عَلَيْك) أَي: فيردان عَلَيْك، وَفِيه أَن الصُّلْح الْفَاسِد ينْتَقض إِذا وَقع. قَوْله: (وَأمر أنيس الْأَسْلَمِيّ) أنيس مصغر أنس ابْن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ نِسْبَة إِلَى أسلم بن أقْصَى بِالْفَاءِ ابْن حَارِثَة بن عَمْرو، والأسلمي أَيْضا نِسْبَة إِلَى أسلم بن جمح، قيل: فِيهِ إِبَاحَة تَأْخِير الْحُدُود عِنْد ضيق الْوَقْت، وَأنْكرهُ بَعضهم، ويروى: فَامْضِ إِلَى امْرَأَة هَذَا، وَفِي لفظ: أغدو يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا قَوْله: (إِلَى امْرَأَة الآخر) بِفَتْح الْخَاء كَذَا ضَبطه الدمياطي خطأ. وَقَالَ ابْن التِّين هُوَ بقصر الْألف وَكسر الْخَاء، كَذَا روينَاهُ. قَوْله: (فَإِن اعْترفت فارجمها) .
قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : فِيهِ أَن مُطلق الِاعْتِرَاف يُوجب الْحَد وَلَا يحْتَاج إِلَى تكراره، وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ، وَقَالَ أَحْمد: لَا يجب إلَاّ باعتراف أَربع مَرَّات فِي مجْلِس، أَو أَربع مجَالِس، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجب إلَاّ باعتراف فِي أَربع مجَالِس، فَإِن اعْترف فِي مجْلِس وَاحِد ألف مرّة فَهُوَ اعْتِرَاف وَاحِد. وَاحْتج أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِمَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. فَلَمَّا شهد على نَفسه أَربع مَرَّات ... الحَدِيث. أَخْرجَاهُ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) : وَكَذَا فِي حَدِيث جَابر بن سَمُرَة أخرجه مُسلم حَتَّى شهد على نَفسه أَربع مَرَّات، وَكَذَا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه مُسلم: حَتَّى شهد أَربع مَرَّات، وَكَذَا فِي حَدِيث جَابر بن عبد الله أخرجه مُسلم: حَتَّى شهد على نَفسه أَربع شَهَادَات.
وَالْجَوَاب عَن حَدِيث العسيف أَن مَعْنَاهُ: أغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا فَإِن اعْترفت الِاعْتِرَاف الْمَعْهُود بالتردد أَربع مَرَّات، وَجَاء فِي بعض طرق حَدِيث الغامدية أَنه ردهَا أَربع مَرَّات، أخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) : فَإِن قلت: سلمنَا الْإِقْرَار أَربع مَرَّات فاشتراط اخْتِلَاف الْمجَالِس من أَيْن؟ .
قلت: أخرج مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن ماعزاً أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرده ثمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَة من الْغَد فَرده ... ، الحَدِيث. وَفِيه: فَأَتَاهُ الثَّالِثَة إِلَى أَن قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَة حفر لَهُ ورجمه.
٦٣٦٦ - حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَةُ عنْ أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أنَّهُ أخْبَرَهُ أَن رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَعْمَلَ عامِلاً، فَجاءَهُ العامِلُ حِينَ فَرَغَ منْ عَمَلِهِ فَقَالَ: