٨٤٦٦ - حدّثنا مُوسى بن إسْماعِيلَ حدّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ مُسْلِمٍ حدّثنا عَبْدُ الله بنُ دِينار قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ) .
طابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي، وَعبد الله بن دِينَار مولى ابْن عمر، وَقَالَ الْمُهلب: كَانَت الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة تحلف بآبئهم وآلهتهم فَأَرَادَ الله أَن ينْسَخ من قُلُوبهم وألسنتهم ذكر كل شَيْء سَوَاء وَيبقى ذكره تَعَالَى لِأَنَّهُ الْحق المعبود. وَالسّنة الْيَمين بِاللَّه عز وَجل.
٩٤٦٦ - حدّثنا قُتَيْبَة حدّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ عنْ أيُّوبَ عنْ أبي قِلابَةَ والقاسِمِ التَّمِيمِيِّ عنْ زَهْدمٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ هاذا الحَيِّ مِنْ جَرْمٍ وبَيْنَ الأشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإخاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أبي مُوسى الأشْعَرِيِّ فَقُرِّبَ إلَيْهِ طَعامٌ فِيهِ لَحْمُ دَجاجٍ وعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ الله أحْمَرُ كأنصهُ مِنَ المَوالِي، فَدَعاهُ إِلَى الطَّعامِ فَقَالَ: إنِّي رَأيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئاً فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ أنْ لَا آكلَهُ، فَقَالَ: قمْ فَلأُحَدِّثَنَّكَ عَن ذاكَ، إنِّي أتَيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ: (وَالله! لَا أحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أحْمِلُكُمْ) ، فأتِيَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَهْبِ إبِلٍ، فَسألَ عَنَّا فَقَالَ: (أيْنَ النَّفَرُ الأشْعَرِيُّونَ؟) . فأمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّراى، فَلَمَّا انْطَلَقْنا قُلْنا: مَا صَنَعْنا؟ حَلَفَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَحْمِلُنا وَمَا عِنْدَه مَا يَحْمِلُنا. ثُمَّ حَمَلَنا. تَغَفَّلْنا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمِينَهُ، وَالله لَا نُفْلِحُ أبَداً. فَرَجَعْنا إلَيْهِ فَقُلْنا لهُ: إنَّا أتَيْناكَ لِتَحْمِلَنا فَحَلَفْتَ أنْ لَا تَحْمِلَنا وَمَا عِنْدَكَ مَا تَحْمِلُنا، فَقَالَ: (إنِّي لَسْتُ أَنا حَمَلْتُكُمْ ولَكِنَّ الله حَمَلَكُمْ، وَالله لَا أحْلِفُ عَلى يَمِينٍ فأرَى غَيْرَها خَيْراً مِنْها إلاّ أتَيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ وتَحَلَّلْتُها) .
يل: لَا مُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة على مَا لَا يخفى. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَن هَذَا الحَدِيث كَانَ على الْحَاشِيَة فِي الْبَاب السَّابِق وَنَقله النَّاسِخ إِلَى هَذَا الْبَاب انْتهى.
قلت: هَذَا بعيد جدا مَعَ أَن فِيهِ فِي الْمُطَابقَة أَيْضا. وَقَالَ الْكرْمَانِي أَيْضا: اسْتدلَّ بِهِ البُخَارِيّ من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حلف فِي هَذِه الْقَضِيَّة مرَّتَيْنِ: أَولا عِنْد الْغَضَب وآخراً عِنْد الرِّضَا، وَلم يحلف إلاّ بِاللَّه، فَدلَّ على أَن الْحلف إِنَّمَا هُوَ بِاللَّه فِي الْحَالَتَيْنِ. انْتهى.
قلت: هَذَا الَّذِي ذكره لَيْسَ فِيهِ بَيَان الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة، لِأَن التَّرْجَمَة: لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ. والْحَدِيث فِيهِ: حلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والمطابق ذكره فِي الْبَاب السَّابِق، لِأَن تَرْجَمته: بَاب كَيفَ كَانَت يَمِين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمن جملَة مَا يحلف بِهِ حلفه بِاللَّه، وَلَيْسَت التَّرْجَمَة فِي بَيَان أَن الْحلف على ضَرْبَيْنِ عِنْد الْغَضَب وَعند الرِّضَا، وَإِنَّمَا هُوَ بِاللَّه فِي الْحَالين، وَيُمكن أَن يُوَجه وَجه الْمُطَابقَة وَإِن كَانَ فِيهِ بعض التعسف بِأَن التَّرْجَمَة لما كَانَت فِي معنى الْحلف بِالْآبَاءِ، وَذكر حديثين مطابقين لَهَا، ذكر هَذَا الحَدِيث تَنْبِيها على أَن الْحلف إِذا لم يكن بِالْآبَاءِ وَنَحْو ذَلِك لَا يكون إلاّ بِاللَّه، فَذكره لِأَن فِيهِ الْحلف بِاللَّه فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وقتيبة هُوَ ابْن سعيد، وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ الْبَصْرِيّ، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وَالقَاسِم بن عَاصِم التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ، وزهدم بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْهَاء وَفتح الدَّال الْمُهْملَة ابْن مضرب على وزن اسْم فَاعل من التضريب بالضاد الْمُعْجَمَة الْجرْمِي الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث قد مضى فِي أَوَائِل كتاب الْإِيمَان، وَلَكِن من قَول أبي مُوسَى: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي رَهْط من الْأَشْعَرِيين ... إِلَى آخِره، وَالَّذِي ذكر قبله هُنَا لَيْسَ هُنَاكَ.
قَوْله: (من جرم) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء وَهُوَ بطْنَان من الْعَرَب: أَحدهمَا: من قضاعة وَهُوَ جرم بن ربان. وَالْآخر: فِي طي. قَوْله: (وَبَين الْأَشْعَرِيين) ، ويروى