مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الْفَرَائِض من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: الْجد أَب، وَأما قَول عبد الله بن الزبير فَمضى فِي المناقب مَوْصُولا من طَرِيق ابْن أبي مليكَة، قَالَ: كتب أهل الْكُوفَة إِلَى ابْن الزبير فِي الْجد فَقَالَ: إِن أَبَا بكر أنزلهُ أَبَا.
وقَرَأ ابنُ عَبَّاسٍ {يَا بني آدم} (الْأَعْرَاف: ٦٢، وَغَيرهَا) {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} (يُوسُف: ٨٣) ولَمْ يَذْكُرْ أنَّ أحَداً خالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِي زَمانِهِ وأصْحابُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتَوَافِرُونَ.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: يَرِثُنِي ابنُ ابْني دُونَ إخْوَتِي وَلَا أرِثُ أَنا ابنَ ابْنِي.
أَشَارَ بقوله: وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس {يَا بني آدم} إِلَى احتجاجه بِأَن الْجد أَب بقوله تَعَالَى: {يَا بني آدم} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} فَإِنَّهُ أطلق على هؤلا الْأَب مَعَ أَنهم أجداد، وروى سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْجد أَب، وَقَرَأَ {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم} الْآيَة. قَوْله: وَلم يذكر، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: خَالف أَبَا بكر أَي: فِيمَا قَالَه من الْجَسَد حكمه حكم الْأَب. قَوْله: (وَأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (متوافرون) أَي: فيهم كَثْرَة وَعدد، وَهُوَ إِجْمَاع سكوتي. وَمِمَّنْ قَالَ مثل قَول ابْن عَبَّاس: معَاذ وَأَبُو الدَّرْدَاء وَأَبُو مُوسَى وَأبي بن كَعْب وَأَبُو هُرَيْرَة وَعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَمن التَّابِعين أَيْضا: عَطاء وطاووس وَشُرَيْح وَالشعْبِيّ، وَقَالَ أَيْضا من الْفُقَهَاء: عُثْمَان البتي وَأَبُو حنيفَة وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد والمزني وَابْن شُرَيْح، وَذهب عمر وَعلي وَزيد بن ثَابت وَابْن مَسْعُود إِلَى تَوْرِيث الْإِخْوَة مَعَ الْجد، لَكِن اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة ذَلِك، وموضعه كتب الْفَرَائِض.
قَوْله: (وَقَالَ ابْن عَبَّاس يَرِثنِي)
إِلَى آخِره أَرَادَ بِهِ الْإِنْكَار أَي: لم لَا يَرث الْجد فَيكون ردا على من حجب الْجد بالإخوة، أَو مَعْنَاهُ: فَلم لَا يَرث الْجد وَحده دون الْإِخْوَة، كَمَا فِي الْعَكْس، فَهُوَ رد على من قَالَ بِالشّركَةِ بَينهمَا. وَقَالَ أَبُو عمر: وَجه قِيَاس ابْن عَبَّاس أَن ابْن الابْن لما كَانَ كالابن عِنْد عدم الابْن كَانَ أَبُو الْأَب عِنْد عدم الْأَب كَالْأَبِ.
ويُذْكَرُ عنْ عُمَرَ وعَلِيٍّ وابنِ مَسْعُودٍ وزَيْدٍ أقاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ
وَيذكر على صِيغَة الْمَجْهُول إِشَارَة إِلَى التمريض، وَقد ذكرنَا الْآن أَنهم ذَهَبُوا إِلَى تَوْرِيث الْإِخْوَة مَعَ الْجد وَلَكِن باخْتلَاف بَينهم فِي ذَلِك. وَقَول عمر: إِنَّه كَانَ يقاسم الْجد مَعَ الْأَخ والأخوين فَإِذا زادوا أعطَاهُ الثُّلُث وَكَانَ يُعْطِيهِ مَعَ الْوَلَد السُّدس، رَوَاهُ الدَّارمِيّ من طَرِيق عِيسَى الحناط عَن الشّعبِيّ فَذكره، وَقَول عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَرَوَاهُ الشّعبِيّ: كتب ابْن عَبَّاس إِلَى عَليّ يسْأَله عَن سِتَّة إخْوَة وجد، فَكتب إِلَيْهِ أَن أجعله كأحدهم وامح كتابي، وروى الْحسن الْبَصْرِيّ أَن عليا كَانَ يُشْرك الْجد مَعَ الْإِخْوَة إِلَى السُّدس، وَله أَقْوَال أخر، وَقَول ابْن مَسْعُود رُوِيَ فِي امْرَأَة تركت زَوجهَا وَأمّهَا وجدهَا وأخاها لأَبِيهَا أَن للزَّوْج ثَلَاثَة أسْهم: النّصْف وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَهُوَ السُّدس من رَأس المَال، وللأخ سهم وللجد سهم. وَقَول زيد بن ثَابت فَرَوَاهُ الدَّارمِيّ من طَرِيق الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: كَانَ زيد يُشْرك الْجد مَعَ الْأُخوة إِلَى الثُّلُث، وَأخرج عبد الرَّزَّاق من طَرِيق إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ زيد يُشْرك الْجد مَعَ الْإِخْوَة إِلَى الثُّلُث، فَإِذا بلغ الثُّلُث أعطَاهُ إِيَّاه وللأخوة مَا بَقِي ويقاسم الْأَخ للْأَب ثمَّ يرد على أَخِيه ويقاسم الْأُخوة من الْأَب مَعَ الْأُخوة الأشقاء، وَلَا يُورث الْأُخوة للْأَب شَيْئا، وَلَا يُعْطي أَخا لأم مَعَ الْجد شَيْئا، وَله أَقْوَال أُخْرَى طوينا ذكرهَا طلبا للاختصار.
٧٣٧٦ - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حدّثنا وُهَيْبٌ عَن ابنِ طاوُوسٍ عَن أبِيهِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (ألْحِقُوا الفَرائِضَ بِأهْلِها، فَما بَقِيَ فَلأولَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) .
وَجه إِيرَاد هَذَا الحَدِيث هُنَا، مَعَ أَنه تقدم عَن قريب وَتقدم شَرحه، هُوَ أَن الَّذِي يبْقى بعد الْفَرْض يصرف لأَقْرَب النَّاس إِلَى الْمَيِّت، فَكَانَ الْجد أقرب فَيقدم. وَقَالَ ابْن بطال: وَقد احْتج بِهِ من يُشْرك بَين الْجد وَالْأَخ فَإِنَّهُ أقرب إِلَى الْمَيِّت وَهُوَ ظَاهر