يذكر على صِيغَة الْمَجْهُول إِشَارَة إِلَى تمريضه. قَوْله: عَن تَمِيم، هُوَ ابْن أَوْس الدَّارِيّ بِالدَّال الْمُهْملَة وبالراء نِسْبَة إِلَى بني الدَّار بطن من لحم. قَوْله:(رَفعه) الضَّمِير الْمَنْصُوب يرجع إِلَى حَدِيث: إِذا أسلم على يَدَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي ذكره بعده، وَهُوَ قَوْله: أولى النَّاس بمحياه ومماته، وَمعنى: رَفعه، مثل معنى قَوْله: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسَنذكر الحَدِيث وَمن أخرجه. قَوْله:(بمحياه) ، أَي: فِي حَيَاته بالنصرة (ومماته) أَي: فِي مَوته بِالْغسْلِ والتكفين وَالصَّلَاة عَلَيْهِ لَا فِي مِيرَاثه، لِأَن الْوَلَاء لمن أعتق، والمحيا وَالْمَمَات مصدران ميميان.
واخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ هَذَا الخَبَرِ
أَي: فِي خبر تَمِيم الدَّارِيّ الْمَذْكُور، فَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ بَعضهم: عَن ابْن موهب سمع تميماً، وَلَا يَصح لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(الْوَلَاء لمن أعتق) . وَقَالَ الشَّافِعِي: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِثَابِت إِنَّمَا يرويهِ عبد الْعَزِيز بن عمر عَن ابْن موهب، وَابْن موهب لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا نعلمهُ لَقِي تميماً، وَمثل هَذَا لَا يثبت. وَقَالَ الْخطابِيّ: ضعف هَذَا الحَدِيث أَحْمد، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: لَيْسَ إِسْنَاده بِمُتَّصِل قَالَ: وَأدْخل بَعضهم بَين ابْن موهب وَبَين تَمِيم قبيصَة رَوَاهُ يحيى بن حَمْزَة، وَقيل: إِنَّه تفرد فِيهِ بِذكر قبيصَة، وَقد رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي عَن ابْن موهب بِدُونِ ذكر تَمِيم، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: هَذَا الحَدِيث مُضْطَرب، هَل هُوَ عَن ابْن موهب عَن تَمِيم أَو بَينهمَا قبيصَة؟ وَقَالَ بعض الروَاة فِيهِ: عَن عبد الله بن موهب، وَبَعْضهمْ: ابْن موهب، وَعبد الْعَزِيز رَاوِيه لَيْسَ بِالْحَافِظِ. وَقَالَ بَعضهم: ابْن موهب لم يدْرك تميماً، وَقد أَشَارَ النَّسَائِيّ إِلَى أَن الرِّوَايَة الَّتِي وَقع التَّصْرِيح فِيهَا بِسَمَاعِهِ من تَمِيم خطأ، وَلَكِن وَثَّقَهُ بَعضهم، وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ولَاّه الْقَضَاء بفلسطين. وَنقل أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي فِي (تَارِيخه) : بِسَنَد لَهُ صَحِيح عَن الْأَوْزَاعِيّ: أَنه كَانَ يدْفع هَذَا الحَدِيث وَلَا يرى لَهُ وَجها. انْتهى كَلَامه.
قلت: صحّح هَذَا الحَدِيث أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن الْمخْرج مُتَّصِل، ورد على الْأَوْزَاعِيّ فَقَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِك وَلم أر أحدا من أهل الْعلم يرفعهُ، وَأخرجه الْحَاكِم من طَرِيق ابْن موهب عَن تَمِيم، ثمَّ قَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم. وَأخرجه الْأَرْبَعَة فِي الْفَرَائِض: فَأَبُو دَاوُد رَوَاهُ عَن يزِيد بن خَالِد بن موهب الرَّمْلِيّ وَهِشَام بن عمار الدِّمَشْقِي قَالَا: حَدثنَا يحيى هُوَ ابْن حَمْزَة عَن عبد الْعَزِيز بن عمر قَالَ: سَمِعت عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد الْعَزِيز عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب، وَقَالَ هِشَام: عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله {وَقَالَ يزِيد: إِن تميماً قَالَ: يَا رَسُول الله} مَا السّنة فِي الرجل يسلم على يَدي الرجل من الْمُسلمين؟ فَقَالَ: هُوَ أولى النَّاس بمحياه ومماته. انْتهى. وَقد علم من عَادَة أبي دَاوُد أَنه إِذا روى حَدِيثا وَسكت عَنهُ فَإِنَّهُ يدل