وَإِن شَاءَ عذبه وَإِلَى هَذَا ذهب جمَاعَة من التَّابِعين وفقهاء الْأَمْصَار، وَقيل: الْآيَة فِي حق المستحل، وَقيل: المُرَاد بالخلود طول الْإِقَامَة.
٦٨٦١ - ح دّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حدّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي وائِلٍ، عنْ عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: قَالَ رجُلٌ: يَا رسُولَ الله أيُّ الذَّنْبِ أكْبَرُ عِنْدَ الله؟ قَالَ: أنْ تَدْعُو لله نِدّاً وهْوَ خَلَقَك قَالَ: ثُمَّ أَي؟ قَالَ: ثُمَّ أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قَالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ أنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جارِكَ فأنْزَلَ الله عزَّ وجَلَّ تَصْدِيقَها ٠ الْفرْقَان: ٦٨ ف الآيَةَ
مطابقته للتَّرْجَمَة لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله:
وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل هُوَ شَقِيق بن سَلمَة، وَعَمْرو بِفَتْح الْعين ابْن شُرَحْبِيل بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي التَّفْسِير عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَفِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن كثير وَسَيَجِيءُ فِي التَّوْحِيد أَيْضا وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: ندا بِكَسْر النُّون وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة، وَهُوَ النظير والمثل وَكَذَلِكَ النديد. قَوْله: وَهُوَ خلقك الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: ثمَّ أَي؟ بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء أَي: ثمَّ أَي ذَنْب بعد ذَلِك؟ قَوْله: خشيَة أَن يطعم أَي: لأجل خشيَة أَن يطعم مَعَك، قيل: الْقَتْل مُطلقًا أعظم فَمَا وَجه هَذَا التَّقْيِيد؟ . وَأجِيب: بِأَنَّهُ خرج مخرج الْغَالِب إِذْ كَانَت عَادَتهم ذَلِك، وَهَذَا الْمَفْهُوم لَا اعْتِبَار لَهُ، وَجَوَاب آخر وَهُوَ أَن فِيهِ شَيْئَيْنِ: الْقَتْل وَضعف الِاعْتِقَاد فِي أَن الله هُوَ الرَّزَّاق، وَهَذَا نَظِير قَوْله تَعَالَى: ٨ ٩ ٠ الْإِسْرَاء: ٣١ ف وَقَوله تَعَالَى: ٠ ١ ٢ ٣ ٤ ٠ الْأَنْعَام: ١٤٠ ف قَوْله: بحليلة أَي: بِزَوْجَة جَارك وَهُوَ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَفِيه الزِّنَى والخيانة مَعَ الْجَار الَّذِي أوصى الله بِحِفْظ حَقه. قَوْله: فَأنْزل الله تصديقها أَي: تَصْدِيق هَذِه الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة فِي سُورَة الْفرْقَان وَهُوَ قَوْله عز وَجل: ٠ ١ ٢ إِلَى آخر الْآيَة. قَوْله: الْآيَة أَي اقْرَأ تَمام الْآيَة آأقال مُجَاهِد: الأثام وادٍ فِي جَهَنَّم، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ والخليل: أَي يلق جَزَاء الأثام، وَقَالَ القتبي: الأثام الْعقُوبَة.
٦٨٦٢ - ح دّثنا عَلِيٌّ، حدّثنا إسْحَاقُ بنُ سَعِيدِ بنِ عَمْرو بنِ سَعِيدِ بنِ العاصِ، عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عُمَر، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَنْ يَزالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَراماً
هَذَا مُطَابق للْحَدِيث السَّابِق المطابق لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة.
وَعلي شيخ البُخَارِيّ ذكر هَكَذَا غير مَنْسُوب وَلم يذكرهُ أَبُو عَليّ الجياني فِي تَقْيِيده وَلَا نبه عَلَيْهِ الكلاباذي، وَقيل: إِنَّه عَليّ بن الْجَعْد. قلت: عَليّ بن الْجَعْد بن عبيد أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي الْهَاشِمِي مَوْلَاهُم الْبَغْدَادِيّ، قَالَ جَامع رجال الصَّحِيحَيْنِ روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه اثْنَي عشر حَدِيثا وَذكر فِي تَرْجَمَة عَليّ بن أبي هَاشم أَنه سمع إِسْحَاق بن سعيد الْمَذْكُور. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: لن يزَال كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: لَا يزَال قَوْله: فِي فسحة بِضَم الْفَاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وحاء مُهْملَة أَي: فِي سَعَة منشرح الصَّدْر وَإِذا قتل نفسا بِغَيْر حق صَار منحصراً ضيقا لما أوعد الله عَلَيْهِ مَا لم يوعد على غَيره. قَوْله: من دينه كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة من الدّين. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من ذَنبه، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وبالباء الْمُوَحدَة، فَمَعْنَى الأول: أَنه يضيق عَلَيْهِ دينه بِسَبَب الْوَعيد لقَاتل النَّفس عمدا بِغَيْر حق، وَمعنى الثَّانِي: أَنه يصير فِي ضيق بِسَبَب ذَنبه.