للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أخَذَ بِيَدِهِ مَاء فَمَسَحَ رَأْسَهُ فأدْبَرَ بِهِ وأقْبَلَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فقالَ هَكَذَا رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَوَضَّأُ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: خَالِد بن مخلد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام: الْقَطوَانِي البَجلِيّ، مر فِي أول كتاب الْعلم. الثَّانِي: سُلَيْمَان بن بِلَال أَبُو مُحَمَّد، مر فِي أول كتاب الْإِيمَان. الثَّالِث: عَمْرو بن يحيى. الرَّابِع: يحيى بن عمَارَة. الْخَامِس: عَم يحيى هُوَ عَمْرو بن أبي حسن، كَمَا تقدم.

وَبَقِيَّة الْكَلَام فِيهِ وَفِيمَا يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ مر فِي بَاب مسح الرَّأْس كُله، ولنذكر هُنَا مَا لم نذكرهُ هُنَاكَ.

قَوْله: (ثَلَاث مَرَّات) وَفِي رِوَايَة: (ثَلَاث مَرَّات) ، فَإِن قلت: حكم الْعدَد فِي ثَلَاثَة إِلَى عشرَة أَن يُضَاف إِلَى جمع الْقلَّة، فَلم أضيف إِلَى جمع الْكَثْرَة مَعَ وجود الْقلَّة وَهُوَ: مَرَّات؟ قلت: هما يتعاوضان فيستعمل كل مِنْهُمَا مَكَان الآخر كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثَلَاثَة قُرُوء} (الْبَقَرَة: ٢٢٨) . قَوْله: (ثمَّ ادخل يَده فِي التور فَمَضْمض) فِيهِ حذف تَقْدِيره: ثمَّ أخرجهَا فَمَضْمض، وَقد صرح بِهِ مُسلم فِي رِوَايَته. قَوْله: (واستنثر) قد مر تَفْسِير الاستنثار هُنَاكَ. فَإِن قلت: لِمَ لَمْ يذكر الِاسْتِنْشَاق؟ قلت: الاستنثار مُسْتَلْزم للاستنشاق لِأَنَّهُ إِخْرَاج المَاء من الْأنف، هَكَذَا قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: لَا يَتَأَتَّى هَذَا على قَول من يَقُول: الاستنثار وَالِاسْتِنْشَاق وَاحِد، فعلى قَول هَذَا يكون هَذَا من بَاب الِاكْتِفَاء أَو الِاعْتِمَاد على الرِّوَايَة الاخرى. قَوْله: (من غرفَة وَاحِدَة) حَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: (مضمض) ، وَالْمعْنَى: مضمض ثَلَاث مَرَّات واستنثر ثَلَاث مَرَّات حَال كَونه مغترفاً بغرفة وَاحِدَة وَهُوَ أحد الْوُجُوه الْخَمْسَة للشَّافِعِيَّة. وَقَالَ بَعضهم قَوْله (من غرفَة وَاحِدَة) يتَعَلَّق بقوله: (فَمَضْمض واستنثر) ، وَالْمعْنَى جمع بَينهمَا بِثَلَاث مَرَّات من غرفَة وَاحِدَة كل مرّة بغرفة. قلت: يكون الْجَمِيع ثَلَاث غرفات، والتركيب لَا يدل على هَذَا، وَهُوَ يُصَرح بغرفة وَاحِدَة. نعم، جَاءَ فِي حَدِيث عبد الله بن زيد: بِثَلَاث غرفات، وَفِي رِوَايَة ابي دَاوُد وَمُسلم: (فَمَضْمض واستنشق من كف وَاحِدَة، يفعل ذَلِك ثَلَاثًا) . يَعْنِي: بِفعل الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق كل مرّة مِنْهُمَا بغرفة، فَتكون المضامض الثَّلَاث والاستنشاقات الثَّلَاث بِثَلَاث غرفات، وَهُوَ أحد الْوُجُوه للشَّافِعِيَّة وَهُوَ الْأَصَح عِنْدهم قَوْله: (فَغسل وَجهه ثَلَاث مَرَّات) لفظ: ثَلَاث مَرَّات، مُتَعَلق بالفعلين اي: اغترف ثَلَاثًا فَغسل ثَلَاثًا، وَهُوَ على سَبِيل تنَازع العاملين، وَذَلِكَ لِأَن الْغسْل ثَلَاثًا لَا يُمكن باغتراف وَاحِد. قَوْله: (فَأَدْبَرَ بيدَيْهِ وَأَقْبل) ، احْتج بِهِ الْحسن بن حَيّ على أَن الْبدَاءَة بمؤخر الرَّأْس، وَالْجَوَاب أَن: الْوَاو، لَا تدل على التَّرْتِيب، وَقد سبقت الرِّوَايَة بِتَقْدِيم الإقبال حَيْثُ قَالَ: (فَأقبل بِيَدِهِ وَأدبر بهَا) ، وَإِنَّمَا اخْتلف فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّأْخِير والتقديم ليري أمته السعَة فِي ذَلِك والتيسير لَهُم. قَوْله: (فَقَالَ) ، أَي: عبد الله بن زيد.

٢٠٠ - حدّثنا مُسَدَّدٌ قالَ حدّثنا حَمَّادٌ عَنْ ثابِتٍ عَنْ أنَسٍ أنّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعا بِاناءٍ مِنْ ماءٍ فُاتِيَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ فِيهِ شَيءٌ مِنْ ماءٍ فَوَضَعَ أصَابِعَهُ فِيهِ قَالَ أنَسٌ فَجَعَلْتُ أنْظُرُ إلَى المَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أصَابِعِه قالَ أنَسٌ فَحَزَرْتُ مَنْ تَوضَّأَ مِنْهُ مَا بَيْنَ السَّبْعِين إِلَى الثَّمَانِينِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة لِأَن التَّرْجَمَة بَاب الْوضُوء من التور، اللَّهُمَّ إلَاّ إِذا أطلق اسْم التور على الْقدح.

بَيَان رِجَاله وهم أَرْبَعَة. الأول: مُسَدّد بن مسهرد. الثَّانِي: حَمَّاد بن زيد، تقدم كِلَاهُمَا. فَإِن قلت: فَلِمَ لَا يجوز أَن يكون حَمَّاد هَذَا هُوَ حَمَّاد ابْن سَلمَة؟ قلت: لِأَن مُسَددًا لم يسمع من حَمَّاد بن سَلمَة. الثَّالِث: ثَابت الْبنانِيّ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وبالنونين، مر فِي بَاب الْقِرَاءَة الْعرض. الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم بصريون. وَمِنْهَا: أَنهم كلهم أَئِمَّة أجلاء.

بَيَان من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي.

بَيَان الْمَعْنى قَوْله: (رحراح) ، بِفَتْح الرَّاء وبالحاءين الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي: وَاسع، وَيُقَال: رحرح أَيْضا بِحَذْف الْألف. وَقَالَ الْخطابِيّ: الرحراح: الْإِنَاء الْوَاسِع الْفَم الْقَرِيب القعر، وَمثله لَا يسع المَاء الْكثير، فَهُوَ أدل على المعجزة. وروى ابْن خُزَيْمَة هَذَا الحَدِيث عَن أَحْمد بن عَبدة عَن حَمَّاد بن زيد، فَقَالَ بدل رحراح: زجاج، بزاي مَضْمُومَة وجيمين،

<<  <  ج: ص:  >  >>