نَافِعًا: كَيفَ كَانَ رَأْي ابْن عمر فِي الحرورية؟ قَالَ: كَانَ يراهم شرار خلق الله، انْطَلقُوا إِلَى آيَات نزلت فِي الْكفَّار فجعلوها على الْمُؤمنِينَ. انْتهى. قلت: الحرورية هم الْخَوَارِج وَإِنَّمَا سموا حرورية لأَنهم نزلُوا فِي مَوضِع يُسمى حروراء، بِالْمدِّ وَالْقصر وَهُوَ مَوضِع قريب من الْكُوفَة، وَكَانَ أول مجتمعهم وتحكيمهم فِيهَا، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الحرورية طَائِفَة من الْخَوَارِج وهم الَّذين قَاتلهم عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ عِنْدهم من التشدد فِي الدّين مَا هُوَ مَعْرُوف، وَكَانَ كَبِيرهمْ عبد الله بن الْكواء بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الْوَاو وبالمد الْيَشْكُرِي، وعدة الْخَوَارِج عشرُون فرقة.
وَقَالَ ابْن حزم: وأسوؤهم حَالا الغلاة وهم الَّذين يُنكرُونَ الصَّلَوَات الْخمس وَيَقُولُونَ: الْوَاجِب صَلَاة بِالْغَدَاةِ وَصَلَاة بالْعَشي، وَمِنْهُم من يجوز نِكَاح بنت الابْن وَبنت ابْن الْأَخ وَالْأُخْت، وَمِنْهُم من أنكر أَن تكون سُورَة يُوسُف من الْقُرْآن، وَأَن من قَالَ: لَا إلاه إِلَّا الله، فَهُوَ مُؤمن عِنْد الله وَلَو اعْتقد الْكفْر بِقَلْبِه، وأقربهم إِلَى قَول أهل الْحق الإباضية، وَقد بقيت مِنْهُم بَقِيَّة بالغرب. وَقَالَ الْجَوْهَرِي الإباضية فرقة من الْخَوَارِج أَصْحَاب عبد الله بن إباض التَّيْمِيّ وَهُوَ بِكَسْر الْهمزَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وبالضاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ فِي الأَصْل: الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ رسغ الْبَعِير إِلَى عضده حَتَّى ترْتَفع يَده عَن الأَرْض.
قَوْله: شرار خلق الله قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: شرار الْمُسلمين لِأَن الْكفَّار لَا يؤولون كتاب الله. قَوْله: فجعلوها أَي أولوها وصيروها، وَكَانَ ابْن عمر يكره الْقَدَرِيَّة أَيْضا ويراهم من الشرار. وَفِي التَّوْضِيح عَن كتاب الإسفرايني: كَانَ عبد الله بن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن أبي أوفى وَجَابِر وَأنس بن مَالك وَأَبُو هُرَيْرَة وَعقبَة بن عَامر وأقرانهم، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، يوضون إِلَى أخلافهم بِأَن لَا يسلمُوا على الْقَدَرِيَّة وَلَا يعودوهم وَلَا يصلوا خَلفهم وَلَا يصلوا عَلَيْهِم إِذا مَاتُوا.