الْمَذْكُورَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذِه أَي الْمقَالة. وَقَوله: وَأَنا أَقُول هَذِه كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَفِي جَمِيع الطّرق، وَوَقع فِي شرح ابْن بطال وَأَنا أَقُول هَذِه الْأمة، وَذكره عِيَاض كَذَلِك، وَقَالَ: خشِي ابْن سِيرِين أَن يتَأَوَّل أحد معنى قَوْله: وأصدقهم رُؤْيا أصدقهم حَدِيثا، أَنه إِذا تقَارب الزَّمَان لم يصدق إلاّ رُؤْيا الرجل الصَّالح، وَأَنا أَقُول هَذِه الْأمة يَعْنِي: أَن رُؤْيا هَذِه الْأمة صَادِقَة كلهَا صالحها وفاجرها ليَكُون صدق رؤياهم زجرا لَهُم وَحجَّة عَلَيْهِم لدروس أَعْلَام الدّين وطموس آثاره بِمَوْت الْعلمَاء وَظُهُور الْمُنكر. انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: وَهَذَا مُرَتّب على ثُبُوت هَذِه الزِّيَادَة وَهِي لفظ: الْأمة، وَلم أَجدهَا فِي شَيْء من الْأُصُول. انْتهى. قلت: عدم وجدانه ذَلِك لَا يسْتَلْزم عدم وجدانه عِنْد غَيره. قَوْله: قَالَ: وَكَانَ يُقَال: الرُّؤْيَا ثَلَاث ... الخ. أَي قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين: الرُّؤْيَا على ثَلَاثَة أَقسَام، وَلم يعين ابْن سِيرِين الْقَائِل بِهَذَا من هُوَ. قَالُوا: هُوَ أَبُو هُرَيْرَة وَقد رَفعه بعض الروَاة وَوَقفه آخَرُونَ، وَقد أخرجه أَحْمد عَن هَوْذَة بن خَليفَة عَن عَوْف بِسَنَدِهِ مَرْفُوعا: الرُّؤْيَا ثَلَاث ... الحَدِيث مثله. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: قَالَ رَسُول الله الرُّؤْيَا ثَلَاث: فرؤيا حق، ورؤيا يحدث بهَا الرجل نَفسه، ورؤيا تخويف من الشَّيْطَان وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد بن سِيرِين مَرْفُوعا أَيْضا بِلَفْظ: الرُّؤْيَا ثَلَاث فالرؤيا الصَّالِحَة بشرى من الله، وَالْبَاقِي نَحوه. قَوْله: حَدِيث النَّفس أَي: أَولهَا حَدِيث النَّفس وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْيَقَظَة فِي خيال الشَّخْص فَيرى مَا يتَعَلَّق بِهِ عِنْد الْمَنَام. قَوْله: وتخويف الشَّيْطَان وَهُوَ الْحلم أَي: المكروهات مِنْهُ. قَوْله: وبشرى أَي: الثَّالِث بشرى من الله. أَي: الْمُبَشِّرَات وَهِي المحبوبات. وَوَقع فِي حَدِيث عَوْف بن مَالك عِنْد ابْن مَاجَه بِسَنَد حسن رَفعه: الرُّؤْيَا ثَلَاث: مِنْهَا أهاويل من الشَّيْطَان ليحزن ابْن آدم، وَمِنْهَا مَا بهم بِهِ الرجل فِي يقظته فيراه فِي مَنَامه وَمِنْهَا جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة، قيل: لَيْسَ الْحصْر مرَادا من قَوْله: ثَلَاث، لثُبُوت أَرْبَعَة أَنْوَاع أُخْرَى الأول: حَدِيث النَّفس وَهُوَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي الْبَاب. الثَّانِي: تلاعب الشَّيْطَان، وَقد ثَبت عِنْد مُسلم من حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله رَأَيْت فِي الْمَنَام كَانَ رَأْسِي قطع فَأَنا أتبعه، وَفِي لفظ: فتدحرج فاشتددت فِي إثره، فَقَالَ: لَا تخبر بتلاعب الشَّيْطَان بك فِي الْمَنَام، وَفِي رِوَايَة لَهُ: إِذا لعب الشَّيْطَان بأحدكم فِي مَنَامه فَلَا يخبر بِهِ النَّاس وَالثَّالِث: رُؤْيا مَا يعتاده الرَّائِي فِي الْيَقَظَة كمن كَانَت عَادَته أَن يَأْكُل فِي وَقت فَنَامَ فِيهِ فَرَأى أَنه يَأْكُل، أَو بَات طافحاً من أكل أَو شرب فَرَأى أَنه يتقيأ، وَبَينه وَبَين حَدِيث النَّفس عُمُوم وخصوص. الرَّابِع: الأضغاث. قَوْله: قَالَ: وَكَانَ يكره أَي: قَالَ ابْن سِيرِين: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يكره الغل فِي النّوم، لِأَنَّهُ من صِفَات أهل النَّار لقَوْله تَعَالَى: {إِذِ الَاْغْلَالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ والسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} الْآيَة، وَقد تدل على الْكفْر وَقد تدل على امْرَأَة تؤذي، يَعْنِي يعبر بهَا. والغل بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام هُوَ الْحَدِيد الَّذِي يَجْعَل فِي الْعُنُق، وَقَالُوا: إِن انْضَمَّ الغل إِلَى الْقَيْد يدل على زِيَادَة الْمَكْرُوه، وَإِذ جعل الغل فِي الْيَدَيْنِ حمد لِأَنَّهُ كف لَهما عَن الشَّرّ، وَقد يدل الغل على الْبُخْل بِحَسب الْحَال، وَقَالُوا أَيْضا: إِن رأى أَن يَدَيْهِ مغلولتان فَإِنَّهُ بخيل، وَإِن رأى أَنه قيد وغل فَإِنَّهُ يَقع فِي سجن أَو شدَّة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: اخْتلفُوا فِي قَوْله: وَكَانَ يُقَال إِلَى قَوْله: فِي الدّين فَقَالَ بَعضهم: كُله كَلَام الرَّسُول وَقيل: كُله كَلَام ابْن سِيرِين، وَقيل: الْقَيْد ثبات فِي الدّين هُوَ كَلَام رَسُول الله وَقيل: وَكَانَ يكره، فَاعله رَسُول الله وَهُوَ كَلَام أبي هُرَيْرَة. انْتهى. قلت: أَخذ الْكرْمَانِي هَذَا من كَلَام الطَّيِّبِيّ. قَوْله: وَكَانَ يعجبهم كَذَا ثَبت هُنَا بِلَفْظ الْجمع والإفراد فِي: يكره، ونقول: وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: ضمير الْجمع لأهل التَّعْبِير، وَكَذَا قَوْله: وَكَانَ يُقَال: الْقَيْد ثبات فِي الدّين قَالَ الْمُهلب: رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: الْقَيْد ثبات فِي الدّين، من رِوَايَة قَتَادَة وَيُونُس وَآخَرين، وَتَفْسِير ذَلِك أَنه يمْنَع الْخَطَايَا ويقيد عَنْهَا، وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث وَكِيع عَن أبي بكر الْهُذلِيّ عَن ابْن سِيرِين، فَذكر قصَّة الْقَيْد مَرْفُوعَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute