الرِّوَايَة مَعَ أَنه قَالَ بعد: فِي شهركم هَذَا فَكيف شبهه بِهِ فِيمَا قَالَ فِي شهركم؟ ثمَّ أجَاب بقوله: كَانَ السُّؤَال لتقرير ذَلِك فِي أذهانهم وَحُرْمَة أشهر كَانَت متقررة عِنْدهم. فَإِن قلت: فَكَذَا حُرْمَة الْبَلدة؟ . قلت: هَذِه الْخطْبَة كَانَت بمنى، وَرُبمَا قصد دفع وهم من يتَوَهَّم أَنَّهَا خَارِجَة عَن الْحرم، أَو دفع من يتَوَهَّم أَن الْبَلدة لم تبْق حَرَامًا لقتاله فِيهَا يَوْم الْفَتْح، أَو اقتصره الرَّاوِي اعْتِمَادًا على سَائِر الرِّوَايَات مَعَ أَنه لَا يلْزم ذكره فِي صِحَة التَّشْبِيه. قَوْله: رب مبلغ قَالَ الْكرْمَانِي: بِكَسْر اللَّام، وَكَذَا يبلغهُ وَالضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الحَدِيث الْمَذْكُور مفعول أول لَهُ وَمن هُوَ أوعى مفعول ثَان لَهُ واللفظان من التَّبْلِيغ أَو من الإبلاغ، وَقَالَ بَعضهم: رب مبلغ، بِفَتْح اللَّام الثَّقِيلَة، ويبلغه بِكَسْرِهَا. قلت: الصَّوَاب مَا قَالَه الْكرْمَانِي. قَوْله: من هُوَ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: لمن هُوَ. قَوْله: أوعى لَهُ أَي: أحفظ، وَزَاد فِي الْحَج، مِنْهُ. قَوْله: فَكَانَ كَذَلِك جملَة مَوْقُوفَة من كَلَام مُحَمَّد بن سِيرِين تخللت بَين الْجمل المرفوعة أَي: وَقع التَّبْلِيغ كثيرا من الْحَافِظ إِلَّا الأحفظ.
قَوْله: قَالَ: لَا ترجعوا بالسند الْمَذْكُور من رِوَايَة مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عبد الرحمان بن أبي بكرَة. قَوْله: فَلَمَّا كَانَ يَوْم حرق على صِيغَة الْمَجْهُول من التحريق، وَضبط الْحَافِظ الدمياطي: أحرق من الإحراق، وَقَالَ: هُوَ الصَّوَاب وَقَالَ بَعضهم: وَلَيْسَ الآخر بخطأ بل جزم أهل اللُّغَة باللغتين أحرقه وَحَرقه، وَالتَّشْدِيد للتكثير انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام من لَا يَذُوق من مَعَاني التراكيب شَيْئا، وتصويب الدمياطي بَاب الْأَفْعَال لكَون الْمَقْصُود حُصُول الإحراق وَلَيْسَ المُرَاد الْمُبَالغَة فِيهِ حَتَّى يذكر بَاب التفعيل. قَوْله: ابْن الْحَضْرَمِيّ هُوَ عبد الله بن عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ وَأَبوهُ عمر وَهُوَ أول من قتل من الْمُشْركين يَوْم بدر، ولعَبْد الله رُؤْيَة على هَذَا، وَذكره بَعضهم فِي الصَّحَابَة، وَاسم الْحَضْرَمِيّ عبد الله بن عمار وَكَانَ حَالف بني أُميَّة فِي الْجَاهِلِيَّة، والْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور عَم عبد الله. قَوْله: حِين حرقه جَارِيَة بجيم وياء آخر الْحُرُوف. ابْن قدامَة بِضَم الْقَاف وَتَخْفِيف الدَّال ابْن مَالك بن زُهَيْر بن الْحصين التَّمِيمِي السَّعْدِيّ، وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك مَا ذكره العسكري فِي الصَّحَابَة قَالَ: كَانَ جَارِيَة يلقب محرقاً لِأَنَّهُ أحرق أبي الْحَضْرَمِيّ بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَ مُعَاوِيَة وَجه ابْن الْحَضْرَمِيّ إِلَى الْبَصْرَة يستنفرهم على قتال عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَوجه على جَارِيَة بن قدامَة فحصره فتحصن مِنْهُ ابْن الْحَضْرَمِيّ فِي دَار فأحرقها جَارِيَة عَلَيْهِ، وَذكر الطَّبَرِيّ فِي حوادث سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ هَذِه الْقَضِيَّة، وفيهَا: بعث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، جَارِيَة بن قدامَة فحصر ابْن الْحَضْرَمِيّ فِي الدَّار الَّتِي نزل فِيهَا ثمَّ أحرق الدَّار عَلَيْهِ وعَلى من مَعَه، وَكَانُوا سبعين رجلا أَو أَرْبَعِينَ، وَنقل الْكرْمَانِي عَن الْمُهلب قَالَ: ابْن الْحَضْرَمِيّ رجل امْتنع عَن الطَّاعَة فَأخْرج إِلَيْهِ جَارِيَة بن قدامَة جَيْشًا فظفر بِهِ فِي نَاحيَة من الْعرَاق، كَانَ أَبُو بكرَة الثَّقَفِيّ الصَّحَابِيّ يسكنهَا، فَأمر جَارِيَة بصلبه فصلب ثمَّ ألقِي فِي النَّار فِي الْجذع الَّذِي صلب فِيهِ. قلت: الْعُمْدَة على مَا ذكره العسكري والطبري وَمَا ذكره الْمُهلب لَيْسَ لَهُ أصل. قَوْله: قَالَ: أشرفوا على أبي بكرَة ... إِلَى آخِره جَوَاب قَوْله: فَلَمَّا كَانَ إِلَى آخِره، وَذَلِكَ أَن جَارِيَة لما أحرق ابْن الْحَضْرَمِيّ أَمر جَيْشه أَن يشرفوا على أبي بكرَة هَل هُوَ على الاستسلام والانقياد أم لَا، فَقَالَ لَهُ جَيْشه: هَذَا أَبُو بكرَة يراك وَمَا صنعت بِابْن الْحَضْرَمِيّ وَمَا أنكر عَلَيْك بِكَلَام وَلَا بسلاح، فَلَمَّا سمع أَبُو بكرَة ذَلِك وَهُوَ فِي غرفَة لَهُ قَالَ: لَو دخلُوا عليّ مَا بهشت بقصبة بِكَسْر الْهَاء وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِفَتْح الْهَاء، وهما لُغَتَانِ وَالْمعْنَى: مَا دفعتهم بقصبة وَنَحْوهَا فَكيف أَن أقاتلهم لِأَنِّي مَا أرى الْفِتْنَة فِي الْإِسْلَام وَلَا التحريك إِلَيْهَا مَعَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. قَوْله: قَالَ عبد الرحمان هُوَ ابْن أبي بكرَة الرَّاوِي وَهُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور. قَوْله: حَدَّثتنِي أُمِّي هِيَ: هَالة بنت غليظ العجيلة، ذكر كَذَلِك خَليفَة بن خياط فِي تَارِيخه وَجَمَاعَة. وَقَالَ ابْن سعد: هِيَ هولة، وَالله أعلم. قَوْله: عَليّ بتَشْديد الْيَاء.
٧٠٧٩ - حدّثنا أحْمَدُ بنُ إشْكابٍ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عنْ أبِيهِ عنْ عِكْرِمَةَ عنْ ابنِ عَبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَرْتَدُّوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute