الْمُهلب، رَحمَه الله: اسْتشْهد البُخَارِيّ بقول عبد الرحمان بن عَوْف الْمَذْكُور بقول عمر هَذَا أَنه كَانَت عِنْده شَهَادَة فِي آيَة الرَّجْم أَنَّهَا من الْقُرْآن فَلم يلْحقهَا بِنَصّ الْمُصحف بِشَهَادَتِهِ فِيهِ وَحده، وأفصح بِالْعِلَّةِ فِي ذَلِك بقوله: لَوْلَا أَن يَقُول النَّاس زَاد عمر فِي كتاب الله، فَأَشَارَ إِلَى أَن ذَلِك من قطع الذرائع، لِئَلَّا يجد حكام السوء السَّبِيل إِلَى أَن يدعوا الْعلم لمن أَحبُّوا لَهُ الحكم بِشَيْء.
وأقَرَّ ماعِزٌ عِنْدَ النبيِّ بِالزِّنى أرْبعاً، فأمَرَ بِرَجْمِهِ، ولَمْ يُذْكَرْ أنَّ النبيَّ أشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن حكم رَسُول الله على مَاعِز بِالرَّجمِ كَانَ بِإِقْرَارِهِ دون أَن يشْهد من حَضَره. وَحَدِيث مَاعِز قد تكَرر ذكره.
وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذا أقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الحاكِمِ رُجِم، وَقَالَ الحَكَمُ: أرْبعاً.
حَمَّاد هُوَ ابْن سُلَيْمَان فَقِيه الْكُوفَة، وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ ابْن عتيبة مصغر عتبَة الْبَاب فَقِيه الْكُوفَة أَيْضا. قَوْله: أَرْبعا، يَعْنِي لَا يرْجم حَتَّى يقر، أَربع مَرَّات، وَوَصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق شُعْبَة قَالَ: سَأَلت حماداً عَن الرجل يقر بالزنى كم يردد؟ قَالَ: مرّة. قَالَ: وَسَأَلت الحكم فَقَالَ: أَربع مَرَّات، وَالله أعلم.
٧١٧٠ - حدّثنا قُتَيْبَةُ، حدّثنا اللَّيْثُ، عنْ يَحْياى، عنْ عُمَرَ بنِ كَثِيرٍ، عنْ أبي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبي قَتَادَةَ أنَّ أَبَا قَتَادةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله يَوْمَ حُنَيْنٍ مَنْ لهُ بَيِّنَةٌ عَلى قَتِيلٍ قَتَلهُ فَلَه سَلَبُهُ فَقُمْتُ لألْتمِسَ بَيَّنَةً عَلى قَتِيل فَلَمْ أرَ أحَداً يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أمْرَهُ إِلَى رسولِ الله فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسائِه: سِلاحُ هاذَا القَتِيلِ الّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي. قَالَ: فأرْضِهِ مِنْهُ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: كلَاّ لَا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ ويَدَعَ أسَداً مِنْ أُسْدِ الله يُقاتِلُ عنِ الله ورَسُولِهِ، قَالَ: فأمَرَ رسولُ الله فأدَّاهُ إلَيَّ فاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرافاً فَكان أوَّلَ مالٍ تأَثَّلْتُهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فَأمر رَسُول الله هَكَذَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، فأُمر بِفَتْح الْهمزَة وَالْمِيم بعْدهَا رَاء، وَفِي رِوَايَة: فَقَامَ رَسُول الله فأداه إليّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن غير الْكشميهني: فَحكم، وَكَذَا الْأَكْثَر رُوَاة الْفربرِي.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَعمر بن كثير ضد الْقَلِيل مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو مُحَمَّد هُوَ نَافِع مولى أبي قَتَادَة الْحَارِث الْأنْصَارِيّ الخزرجي.
والْحَدِيث مضى فِي الْخمس والبيوع عَن القعْنبِي وَفِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة حنين عَن عبد الله بن يُوسُف، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: سلبه بِفَتْح اللَّام مَال مَعَ الْقَتِيل من الثِّيَاب والأسلحة وَنَحْوهمَا. قَوْله: فأرضه مِنْهُ هِيَ رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَعند الْكشميهني: مني. قَوْله: كلا كلمة ردع. قَوْله: أصيبغ بِضَم الْهمزَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وبالغين الْمُعْجَمَة تَصْغِير أصْبع صغره تحقيراً لَهُ بوصفه باللون الرَّدِيء، وَقَالَ الْخطابِيّ: الأصيبغ بالصَّاد الْمُهْملَة نوع من الطير ونبات ضَعِيف كالثمام، ويروى بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة مصغر الضبع على غير قِيَاس، كَأَنَّهُ لما عظم أَبَا قَتَادَة بِأَنَّهُ أَسد صغر هَذَا وَشبهه بالضبع لضعف افتراسه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأسد، وأصيبغ مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول ثَان لقَوْله: لَا يُعْطه قَوْله: ويدع قَالَ الْكرْمَانِي: بِالرَّفْع وَالنّصب والجزم، وَلم يين وَجه ذَلِك اعْتِمَادًا على أَن القارىء الَّذِي لَهُ يَد فِي الْعَرَبيَّة لَا يخفى عَلَيْهِ ذَلِك. قَوْله: أسداً بِفتْحَتَيْنِ، و: من أَسد الله بِضَم الْهمزَة وَسُكُون السِّين جمع: أَسد. قَوْله: يُقَاتل فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ صفة. قَوْله: أسداً قَوْله: فأداه إليّ بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: خرافاً بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء هُوَ الْبُسْتَان. قَوْله: تأثلته أَي: اتخذته أصل المَال واقتنيته، وَيُقَال: مَال مؤثل ومجد مؤثل أَي: مَجْمُوع ذُو أصل. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: أول الْقِصَّة وَهُوَ طلب الْبَيِّنَة