لَا يقبل فِيهِ إلَاّ عَدْلَانِ كَالشَّهَادَةِ، وَقَالَ أَشهب وَابْن نَافِع عَن مَالك وَابْن حبيب عَن مطرف وَابْن الْمَاجشون: إِذا اخْتصم إِلَى القَاضِي من لَا يتَكَلَّم بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا يفقه كَلَامه فليترجم لَهُ عَنْهُم ثِقَة مُسلم مَأْمُون، وَاثْنَانِ أحب إليّ، وَالْمَرْأَة تجزىء، وَلَا يقبل تَرْجَمَة كَافِر، وَشرط الْمَرْأَة عِنْد من يرَاهُ أَن تكون عدلة، وَلَا يترجم من لَا تجوز شَهَادَته.
٧١٩٥ - وَقَالَ خارِجَةُ بنُ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ: عنْ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ، أنَّ النبيَّ أمَرَهُ أنْ يَتَعَلّمَ كِتابَ اليَهُودِ حتَّى كَتَبْتُ لِلنبيِّ كُتُبَهُ وأقْرَأتُهُ كُتُبَهُمْ إذَا كَتَبُوا إلَيْهِ.
هَذَا التَّعْلِيق من الْأَحَادِيث الَّتِي لم يُخرجهَا البُخَارِيّ إلَاّ معلقَة وَقد وَصله مطولا فِي كتاب التَّارِيخ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس: حَدثنِي عبد الرحمان بن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت الحَدِيث.
قَوْله: كتاب الْيَهُود أَي: كتابتهم يَعْنِي: خطهم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: كتاب الْيَهُودِيّ. بياء النِّسْبَة. قَوْله: حَتَّى كتبت بِلَفْظ الْمُتَكَلّم. قَوْله: كتبه يَعْنِي: إِلَيْهِم. قَوْله: وَأَقْرَأْته كتبهمْ يَعْنِي: الَّتِي يكتبونها إِلَيْهِ.
وَقَالَ عُمَرُ وعِنْدَهُ عَلِيٌّ وعَبْدُ الرَّحْمانِ وعُثْمانُ: ماذَا تَقُولُ هَذِهِ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ حاطِبٍ: فَقُلْت: تخْبِرُكَ بِصاحِبِهما الَّذِي صَنَعَ بِهِما.
أَي: قَالَ عمر بن الْخطاب. وَالْحَال أَن عِنْده عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الرحمان بن عَوْف وَعُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَوْله: مَاذَا تَقول هَذِه؟ مقول عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَشَارَ بقوله: هَذِه، إِلَى امْرَأَة كَانَت حَاضِرَة عِنْدهم، فترجم عبد الرحمان بن حَاطِب بن أبي بلتعة مترجماً عَنْهَا لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بإخبارها عَن فعل صَاحبهمَا، وَهِي كَانَت نوبية بِضَم النُّون وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف أَعْجَمِيَّة من جملَة عُتَقَاء حَاطِب، وَقد زنت وحملت فأقرت أَن ذَلِك من عبد اسْمه: برغوس، بالراء والغين الْمُعْجَمَة وبالسين الْمُهْملَة بِدِرْهَمَيْنِ، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق وَسعد بن مَنْصُور من طرق عَن يحيى بن عبد الرحمان بن حَاطِب عَن أَبِيه نَحوه.
وَقَالَ أبُو جَمْرَةَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابنِ عباسٍ وبَيْنَ النَّاس.
أَبُو جَمْرَة بِالْجِيم وَالرَّاء واسْمه نصر بن عمرَان الضبعِي الْبَصْرِيّ. وَأخرجه النَّسَائِيّ بِزِيَادَة بعد قَوْله: وَبَين النَّاس، وأتته امْرَأَة فسالته عَن نَبِيذ الْجَرّ فَنهى عَنهُ ... الحَدِيث.
وَقَالَ بَعْضُ النّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ.
قَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ مغلطاي الْمصْرِيّ: كَأَنَّهُ يُرِيد بِبَعْض النَّاس الشَّافِعِي، وَهُوَ رد لقَوْل من قَالَ: إِن البُخَارِيّ إِذا قَالَ: بعض النَّاس، أَرَادَ بِهِ أَبَا حنيفَة، ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: أَقُول غرضهم بذلك غَالب الْأَمر أَو فِي مَوضِع تشنيع عَلَيْهِ وقبح الْحَال، أَو أَرَادَ بِهِ هَاهُنَا أَيْضا بعض الْحَنَفِيَّة، لِأَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ بِأَنَّهُ لَا بُد من اثْنَيْنِ، غَايَة مَا فِي الْبَاب أَن الشَّافِعِيَّة أَيْضا قَائِل بِهِ، لَكِن لم يكن مَقْصُودا بِالذَّاتِ انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: المُرَاد بِبَعْض النَّاس مُحَمَّد بن الْحسن فَإِنَّمَا الَّذِي اشْترط أَنه لَا بُد فِي التَّرْجَمَة من اثْنَيْنِ، ونزلها منزلَة الشَّهَادَة. وَوَافَقَهُ الشَّافِعِي فَتعلق بذلك مغلطاي، فَقَالَ: فِيهِ رد لقَوْل من قَالَ: إِن البُخَارِيّ ... الخ. قلت: سُبْحَانَ الله مَا هَذَا التعصب الْبَاطِل حَتَّى يوقعوا بِهِ أنفسهم فِي الْمَحْذُور فمآله لكرماني الَّذِي طرح جِلْبَاب الْحيَاء وَبقول أَو فِي مَوضِع تشنيع عَلَيْهِ وقبح الْحَال وَمَا التشنيع وقبح الْحَال، إِلَّا على من يتَكَلَّم فِي الْأَئِمَّة الْكِبَار الَّذين سَبَقُوهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَقُوَّة الدّين وَكَثْرَة الْعلم وَشدَّة الْوَرع والقرب من زمن النَّبِي وَمَعَ هَذَا فالكرماني مَا جزم بِأَن مُرَاد البُخَارِيّ بِبَعْض النَّاس أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد بن الْحسن لِأَنَّهُ ردد فِي كَلَامه، وَالْعجب من بَعضهم الَّذِي جزم بِأَن المُرَاد بِهِ مُحَمَّد بن الْحسن، فهروبهم عَن المُرَاد بِهِ الشَّافِعِي مثل مَا ذكره الشَّيْخ