للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وكانَ الآخَرُ يَمْشِيِ بالنَّميمَةِ ثمَّ دَعَا بِجَرِيدةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ فَوَضَع عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً لهُ يَا رسولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذا قالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَم يَيْبسَا أوْ أنْ يَيْبَسَا..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لَا تخفي.

بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة. الأول: عُثْمَان بن أبي شيبَة الْكُوفِي. الثَّانِي: جرير ابْن عبد الحميد. الثَّالِث: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، الثَّلَاثَة تقدمُوا فِي بَاب: من جعل لأهل الْعلم أَيَّامًا. الرَّابِع: مُجَاهِد بن جبر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: الإِمَام فِي التَّفْسِير، تقدم فِي أول كتاب الْإِيمَان. الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ورازي ومكي. وَمِنْهَا: أَن هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس، فَادْخُلْ بَينه وَبَين ابْن عَبَّاس طاوساً، لما يَأْتِي عَن قريب أَن البُخَارِيّ أخرجه هَكَذَا، وَإِخْرَاج البُخَارِيّ بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يَقْتَضِي أَن كليهمَا صَحِيح عِنْده، فَيحمل على أَن مُجَاهدًا سَمعه من طَاوس عَن ابْن عَبَّاس، وسَمعه أَيْضا من ابْن عَبَّاس بِلَا وَاسِطَة. أَو الْعَكْس، وَيُؤَيّد ذَلِك أَن فِي سِيَاق: مُجَاهِد عَن طَاوس زِيَادَة على مَا فِي رِوَايَته عَن ابْن عَبَّاس، وَصرح ابْن حبَان بِصِحَّة الطَّرِيقَيْنِ مَعًا، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: رِوَايَة الْأَعْمَش أصح. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي (الْعِلَل) : سَأَلت مُحَمَّدًا: أَيهمَا أصح؟ فَقَالَ: رِوَايَة الْأَعْمَش أصح، فَإِن قيل: إِذا كَانَ حَدِيث الْأَعْمَش أصح فلِمَ لم يُخرجهُ وَخرج الَّذِي غير صَحِيح؟ قيل لَهُ: كِلَاهُمَا صَحِيح؟ قيل لَهُ: كِلَاهُمَا صَحِيح، فَحَدِيث الْأَعْمَش أصح، فَالْأَصَحّ يسْتَلْزم الصَّحِيح على مَا لَا يخفى، وَيُؤَيِّدهُ أَن شُعْبَة بن الْحجَّاج رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش كَمَا رَوَاهُ مَنْصُور وَلم يذكر طاوساً.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه الْأَئِمَّة السِّتَّة وَغَيرهم، وَالْبُخَارِيّ أخرجه فِي مَوَاضِع هُنَا عَن عُثْمَان، وَفِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن مُحَمَّد بن الْمثنى فِي موضِعين، وَفِي الْجَنَائِز عَن يحيى بن يحيى، وَفِي الْأَدَب عَن يحيى، وَعَن مُحَمَّد بن سَلام، وَفِي الْجَنَائِز أَيْضا عَن قُتَيْبَة، وَفِي الْحَج عَن عَليّ. وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن أبي سعيد الْأَشَج، وَأبي كريب، وَإِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم، ثَلَاثَتهمْ عَن وَكِيع بِهِ، وَعَن أَحْمد بن يُوسُف. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن زُهَيْر بن حَرْب، وهناد بن السّري، كِلَاهُمَا عَن وَكِيع بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وهناد وَأبي كريب، ثَلَاثَتهمْ عَن وَكِيع بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ، وَفِي التَّفْسِير عَن هناد عَن وَكِيع بِهِ، وَفِي الْجَنَائِز عَن هناد عَن مُعَاوِيَة بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن أبي مُعَاوِيَة ووكيع بِهِ.

بَيَان لغاته قَوْله: (بحائط) أَي: بُسْتَان من النّخل إِذا كَانَ عَلَيْهِ جِدَار، وَيجمع على: حيطان وحوائط، وَأَصله: حاوط بِالْوَاو، قلبت الْوَاو: يَاء، لِأَنَّهُ من الحوط، وَهُوَ الْحِفْظ والحراسة، والبستان إِذا عمل حواليه جدران يحفظ من الدَّاخِل، وَلَا يُسمى الْبُسْتَان حَائِطا إِلَّا إِذا كَانَ عَلَيْهِ جدران. فان قلت: أخرج البُخَارِيّ فِي هَذَا الْأَدَب، وَلَفظه: (خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بعض حيطان الْمَدِينَة) ، وَهنا: (مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحائط) . وَبَينهمَا تنافٍ. قلت: مَعْنَاهُ أَن الْحَائِط الَّذِي خرج مِنْهُ غير الْحَائِط الَّذِي مر بِهِ، وَفِي (أَفْرَاد) الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث جَابر: أَن الْحَائِط كَانَت لأم مُبشر الْأَنْصَارِيَّة. قَوْله: (أَو مَكَّة) الشَّك من جرير بن عبد الحميد. وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب: (من حيطان الْمَدِينَة) ، بِالْجَزْمِ من غير شكّ، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ، لِأَن حَائِط أم مُبشر كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا عرف: الْمَدِينَة، وَلم يعرف: مَكَّة، لِأَن: مَكَّة، علم فَلَا تحْتَاج إِلَى التَّعْرِيف، ومدينة اسْم جنس، فَعرفت بِالْألف وَاللَّام ليَكُون معهوداً عَن مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (يعذبان فِي قبورهما) ، وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش: (مر بقبرين) ، وَزَاد ابْن مَاجَه فِي رِوَايَته: (بقبرين جديدين فَقَالَ: إنَّهُمَا يعذبان) فان قلت: المعذب مَا فِي القبرين، فَكيف أسْند الْعَذَاب إِلَى القبرين؟ قلت: هَذَا من بَاب ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال. قَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون الضَّمِير عَائِدًا على غير مَذْكُور، لِأَن سِيَاق الْكَلَام يدل عَلَيْهِ. قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن الَّذِي يرجع إِلَيْهِ الضَّمِير مَوْجُود، وَهُوَ: القبران، وَلَو لم يكن مَوْجُودا لَكَانَ لكَلَامه وَجه، وَالْوَجْه مَا ذَكرْنَاهُ. فَافْهَم. قَوْله: (لَا يسْتَتر) هَكَذَا فِي أَكثر الرِّوَايَات، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَكسر الثَّانِيَة، من: الستْرَة، وَمَعْنَاهُ: لَا يستر جسده وَلَا ثَوْبه من مماسة الْبَوْل، وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: (لَا يستبرىء) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة

<<  <  ج: ص:  >  >>