للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي إجَازَة خبر الْوَاحِد ... الخ، الْإِجَازَة هُوَ الإنفاذ وَالْعَمَل بِهِ وَالْقَوْل بحجيته. قَوْله: الصدوق، بِبِنَاء الْمُبَالغَة وَالْمرَاد أَن يكون لَهُ ملكة الصدْق يَعْنِي: يكون عدلا وَهُوَ من بَاب إِطْلَاق اللَّازِم وَإِرَادَة الْمَلْزُوم. قَوْله: فِي الْأَذَان ... الخ. إِنَّمَا ذكر هَذِه الْأَشْيَاء ليعلم أَن إِنْفَاذ الْخَبَر إِنَّمَا هُوَ فِي العمليات لَا فِي الاعتقاديات، وَالْمرَاد بِقبُول خَبره فِي الْأَذَان أَنه إِذا كَانَ مؤتمناً فَأذن تضمن دُخُول الْوَقْت فجازت صَلَاة ذَلِك الْوَقْت، وَفِي الصَّلَاة الْإِعْلَام بِجِهَة الْقبْلَة، وَفِي الصَّوْم الْإِعْلَام بِطُلُوع الْفجْر أَو غرُوب الشَّمْس. قَوْله: والفرائض من عطف الْعَام على الْخَاص. قَوْله: وَالْأَحْكَام جمع الحكم وَهُوَ خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير، وَهُوَ من عطف الْعَام على عَام أخص مِنْهُ لِأَن الْفَرَائِض فَرد من الْأَحْكَام.

قُم اعْلَم أَنه عِنْد جَمِيع الروَاة هَكَذَا: بَاب مَا جَاءَ ... الخ، بِلَفْظ: بَاب، وَوَقع فِي بعض النّسخ قبل الْبَسْمَلَة: كتاب خبر الْوَاحِد، وَكَذَا وَقع عِنْد الْكرْمَانِي، وَثبتت الْبَسْمَلَة قبل لفظ: بَاب، فِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي، وَسَقَطت لأبي ذَر والقابسي والجرجاني.

وَقَوْل الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}

وَقَول الله تَعَالَى بِالْجَرِّ عطف على الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي بَاب مَا جَاءَ، أَي: وَفِي بَيَان قَول الله تَعَالَى، وسَاق الْآيَة كلهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة غَيرهَا وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} الْآيَة وَأول الْآيَة قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} الْآيَة. وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة أَن الله لما أنزل فِي حق الْمُنَافِقين مَا أنزل بِسَبَب تخلفهم عَن الْغُزَاة مَعَ رَسُول الله قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: وَالله لَا نتخلف غَزْوَة يغزوها رَسُول الله وَلَا سَرِيَّة أبدا، فَلَمَّا أرسل السَّرَايَا بعد تَبُوك نفر الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا وتركوه وَحده، فَنزلت هَذِه الْآيَة ولفظها لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ الْأَمر، وَالْمعْنَى: مَا كَانَ لَهُم أَن ينفروا جَمِيعًا بل ينفر بَعضهم وَيبقى مَعَ النَّبِي بعض قَوْله: {فلولا نفر} يَعْنِي: فحين لم يكن نفير الكافة وَلم يكن مصلحَة فَهَلا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة؟ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي: من كل جمَاعَة كَثِيرَة قَليلَة مِنْهُم يكفونهم النفير {ليتفقهوا بِالدّينِ} أَي: ليتكلفوا الفقاهة. فِيهِ {ولينذروا قَومهمْ} بعلمهم {إِذا رجعُوا إِلَيْهِم} أَي النافرين لَعَلَّهُم يحذرون إِرَادَة أَن يحذروا الله فيعملوا عملا صَالحا، وَالْكَلَام فِي الطَّائِفَة، وَمُرَاد البُخَارِيّ أَن لفظ طَائِفَة يتَنَاوَل الْوَاحِد فَمَا فَوْقه وَلَا يخْتَص بِعَدَد معِين، وَهُوَ مَنْقُول عَن ابْن عَبَّاس وَالنَّخَعِيّ وَمُجاهد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا: من أَرْبَعَة إِلَى أَرْبَعِينَ، وَعَن الزُّهْرِيّ: ثَلَاثَة، وَعَن الْحسن: عشرَة، وَعَن مَالك: أقل الطَّائِفَة أَرْبَعَة، وَعَن عَطاء: اثْنَان فَصَاعِدا، وَقَالَ الرَّاغِب: لفظ طَائِفَة يُرَاد بهَا الْجمع وَالْوَاحد طائف وَيُرَاد بهَا الْوَاحِد.

ويُسَمَّى الرَّجُلُ طائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فَلَو اقْتَتَل رَجُلانِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الآيَةِ.

لَو قَالَ: وَيُسمى الْوَاحِد، أَو الشَّخْص، لَكَانَ أولى. قَوْله لقَوْله تَعَالَى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} اسْتِدْلَال مِنْهُ بِهَذِهِ الْآيَة على أَن الْوَاحِد يُسمى طَائِفَة. قَوْله: فَلَو اقتتل رجلَانِ، دخل فِي معنى الْآيَة لإِطْلَاق الطَّائِفَة على الْوَاحِد، وَعَن مُجَاهِد فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة أَنَّهُمَا كَانَا رجلَيْنِ، ويروى: فَلَو اقتتل الرّجلَانِ بِالْألف وَاللَّام. قَوْله: دخل، ويروى: دخلا، وَهُوَ الصَّوَاب.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُو اْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو اْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}

قَالَ الْكرْمَانِي: وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ أَنه أوجب الحذر عِنْد مَجِيء فَاسق بِنَبَأٍ، أَي: بِخَبَر وَأمر بالتبين عِنْد الْفسق فَحَيْثُ لَا فسق لَا يجب التبين فَيجب الْعَمَل بِهِ. وَقَالَ بَعضهم: وَجه الدّلَالَة مِنْهَا تُؤْخَذ من مفهومي الشَّرْط وَالصّفة فَإِنَّهُمَا يقتضيان قبُول

<<  <  ج: ص:  >  >>