للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هاذَا الأمْرِ: إنَّ الله كانَ خَصَّ رسولَهُ فِي هاذَا المالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أحَداً غَيْرَهُ، فإنَّ الله يَقُولُ: {وَمَآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ} الآيةَ فَكانَتْ هذِهِ خالِصَةً لِرَسُولِ الله ثُمَّ وَالله مَا احْتازَها دُوَنكُمْ، وَلَا اسْتأْثَرَ بِها عَلَيْكُمْ، وقَدْ أعْطاكُمُوها وبَثَّهافِيكُمْ، حتَّى بَقَيَ مِنْها هَذَا المالُ، وكانَ النبيُّ يُنْفِقُ عَلى أهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المالِ، ثُمَّ يأخذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلَهُ مَجْعلَ مالِ الله، فَعَمَلَ النبيُّ بِذَلِكَ حَياتَهُ أنْشُدُكُمْ بِاللَّه هَلْ تَعْلَمُونَ ذالِكَ؟ فقالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيَ وعبَّاسٍ: أنْشُدُكما الله هَلْ تَعْلَمانِ ذالِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى الله نَبِيَّهُ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: أَنا وَلِيُّ رسولِ الله فَقَبَضَها أبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيها بِما عَمِلَ فِيهَا رسولُ الله وأنْتُما حِينَئذٍ، وأقْبَلَ عَلى عَلِيَ وعَبَّاسٍ فَقَالَ: تَزْعُمانِ أنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيها كَذَا؟ وَالله يَعْلَمُ أنَّهُ فِيها صادِقٌ بارٌّ راشِدٌ تابِعٌ لِلْحَقِّ؟ ثُمَّ تُوَفَّى الله أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنا وَلِيُّ رسولِ الله وَأبي بَكْرٍ، فَقَبَضَتُها سَنَتْينِ أعْمَلُ فِيها بِما عَمِلَ بِهِ رَسُولُ الله وأبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمانِي وكَلِمَتُكُما عَلى كَلِمَةٍ واحِدَةٍ وأمْرُكُما جَمِيعٌ، جِئْتَنِي تَسْألُنِي نَصِيبَكَ مِنِ ابنِ أخِيكَ، وأتانِي هَذا يَسْألُنِي نَصِيبَ امْرَأتِهِ مِنْ أبِيهَا، فَقُلْتُ: إنْ شِئْتُما دَفَعْتُها إلَيْكُما عَلى أنَّ عَلَيْكُما عَهْدَ الله ومِيثاقَهُ، تَعْمَلانِ فِيها بِما عَمِلَ بِهِ رسولُ الله وبِما عَمِلَ فِيها أبُو بَكْرٍ وبِما عَمِلْتُ فِيها مُنْذُ وَلِيتُها، وإلاّ فَلَا تُكَلِّمانِي فِيها فقُلْتُما: ادْفَعْها إلَيْنا بِذالِكَ، فَدَفَعْتُها إلَيْكُما بِذالِكَ، أنْشُدُكُمْ بِالله هَلْ دَفَعْتُها إلَيْهِما بِذالِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ. فأقْبَلَ عَلى عَلِيَ وعَبَّاسٍ فَقَالَ: أنْشُدُكُما بِالله هَلْ دَفَعْتُها إلَيْكُما؟ بِذالِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ. قَالَ: أفَتَلْتَمِسانِ مِنِّي قَضاءً غيْرَ ذالِكَ؟ فَوالّذِي بِإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ لَا أقْضي فِيها قَضاءً غَيْرَ ذالِكَ حتَّى تَقُوم السَّاعَةُ، فإنْ عَجَزْتُما عَنْها فادْفَعاها إلَيَّ فَأَنا أكْفِيكُماها.

ا

مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة لِأَن مُنَازعَة عَليّ وعباس قد طَالَتْ واشتدت عِنْد عمر، وَفِيه نوع من التعمق. أَلا ترى إِلَى قَول عُثْمَان وَمن مَعَه: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اقْضِ بَينهمَا. وأرح أَحدهمَا من الآخر.

وَمَالك بن أَوْس النضري بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة نِسْبَة إِلَى النَّضر بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر، وَفِي هَمدَان أَيْضا النَّضر بن ربيعَة، قَالَ ابْن دُرَيْد: النَّضر الذَّهَب.

والْحَدِيث مضى فِي بَاب فرض الْخمس بِطُولِهِ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.

قَوْله (يرفأ بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وبالفاء مهموزاً وَغير مَهْمُوز اسْم حَاجِب عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ومولاه. قَوْله: الظَّالِم إِنَّمَا جَازَ للْعَبَّاس مثل هَذَا القَوْل لِأَن عليّاً كَانَ كَالْوَلَدِ لَهُ وللوالد مَا لَيْسَ لغيره، أَو هِيَ كلمة لَا يُرَاد بهَا حَقِيقَتهَا إِذْ الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَهُوَ متناول للصغيرة وللخصلة الْمُبَاحَة الَّتِي لَا تلِيق بِهِ عرفا، وَبِالْجُمْلَةِ حاشا لعَلي أَن يكون ظَالِما، وَلَا يصير ظَالِما بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَلَا بُد من التَّأْوِيل. قَالَ بَعضهم: هَاهُنَا مُقَدّر أَي: هَذَا الظَّالِم إِن لم ينصف، أَو: كالظالم. وَقَالَ الْمَازرِيّ: هَذَا اللَّفْظ لَا يَلِيق بِالْعَبَّاسِ وحاشا عَليّ من ذَلِك، فَهُوَ سَهْو من الروَاة، وَإِن كَانَ لَا بُد من صِحَّته فيؤول بِأَن الْعَبَّاس تكلم بِمَا لَا يعْتَقد ظَاهره مُبَالغَة فِي الزّجر وردعاً لما يعْتَقد أَنه مخطىء فِيهِ، وَلِهَذَا لم يُنكره أحد من الصَّحَابَة لَا الْخَلِيفَة وَلَا غَيره مَعَ تشددهم فِي إِنْكَار الْمُنكر، وَمَا ذَاك إلَاّ أَنهم فَهموا بِقَرِينَة الْحَال أَنه لَا يُرِيد بِهِ الْحَقِيقَة. قَوْله: اسْتَبَّا أَي: تخاشنا فِي الْكَلَام، تكلما بغليظ القَوْل كالمستبين. قَوْله: اتئدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>