{وَلَا تقف وَلَا تقل مَا لَيْسَ لَك علم بِهِ}
احْتج بِهِ لما ذكره من ذمّ التَّكَلُّف ثمَّ فسر القفو بالْقَوْل، وَهُوَ من كَلَام ابْن عَبَّاس، أخرجه الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ لَا تتبع مَا لَا تعلم وَمَا لَا يَعْنِيك. وَقَالَ الرَّاغِب: الاقتفاء اتِّبَاع الْقَفَا كَمَا أَن الارتداف اتِّبَاع الردف، ويكنى بذلك عَن الاغتياب وتتبع المعائب، وَمعنى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} لَا تحكم بالقيافة وَالظَّن وَهُوَ حجَّة على من يحكم بالقائف.
٧٣٠٧ - حدّثنا سَعِيدُ بنُ تَلِيدٍ، حدّثنا ابنُ وهْبٍ حدّثني عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ شُرَيْحٍ وغَيْرُهُ عنْ أبي الأسْودَ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: حَجَّ عَليْنا عَبْدُ الله بنُ عَمْرٍ وفَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ إنَّ الله لَا يَنْزِعُ العِلْمَ بَعْدَ أنْ أعْطاهُمُوهُ انْتِزاعاً، ولَكِنْ يَنْتَزِعهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبَضِ العُلماءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى ناسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتوْنَ فَيُفْتُونَ بِرأيِهم فَيُضِلُّونَ ويَضلُّونَ فَحَدَّثْتُ بِهِ عائِشَةَ زَوْجَ النبيِّ.
ثُمَّ إنَّ عَبْدَ الله بنَ عَمْرٍ وحَجَّ بَعْدُ فقالَتْ: يَا ابنَ أُخْتِي انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ الله فاسْتَثْبِتْ لِي مِنْهُ الّذِي حدَّثْتَنِي عنْهُ، فَجئْتُهُ فَسألْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ كَنحوِ مَا حَدَّثَنِي، فأتَيْتُ عائِشَةَ فأخْبَرْتُها فَعَجِبْتْ فقالتْ: وَالله لَقدْ حَفِظَ عَبْدُ الله بنُ عَمْرٍ و.
انْظُر الحَدِيث ١٠٠
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فيفتون برأيهم الَّذِي هُوَ غير مَبْنِيّ على أصل من الْكتاب أَو السّنة أَو الْإِجْمَاع.
وَسَعِيد بن تليد بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر اللَّام على وزن عَظِيم وَهُوَ سعيد بن عِيسَى بن تليد نسب إِلَى جده أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ يروي عَن عبد الله بن وهب عَن عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح الإسْكَنْدراني عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن. قَوْله: وَغَيره هُوَ عبد الله بن لَهِيعَة، أبهمه البُخَارِيّ لضَعْفه عِنْده وَاعْتمد على عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب كَيفَ يقبض الْعلم، وَأخرجه مُسلم فِي الْقدر عَن قُتَيْبَة وَآخَرين. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْعلم عَن هَارُون بن إِسْحَاق. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن أبي كريب وَغَيره.
قَوْله: حج علينا أَي: ماراً علينا. قَوْله: عبد الله بن عَمْرو أَي: ابْن الْعَاصِ. قَوْله: أعطاهموه كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيرهم: أعطاكموه. قَوْله: انتزاعاً نصب على المصدرية، وَوَقع فِي رِوَايَة حَرْمَلَة: لَا ينْزع الْعلم من النَّاس، وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي كتاب الْعلم من طَرِيق مَالك: إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعاً ينتزعه من الْعباد، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي فِي مُسْنده من قُلُوب الْعباد. وَعند الطَّبَرَانِيّ: إِن الله لَا ينْزع الْعلم من صُدُور النَّاس بعد أَن يعطيهم إِيَّاه. قَوْله: مَعَ قبض الْعلمَاء بعلمهم أَي: يقبض الْعلمَاء مَعَ علمهمْ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَو يُرَاد من لفظ: بعلمهم، بكتبهم بِأَن يمحى الْعلم من الدفاتر وَيبقى: مَعَ، على المصاحبة أَو: مَعَ، بِمَعْنى عِنْد. قَوْله: يستفتون على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: يطْلب مِنْهُم الْفَتْوَى. قَوْله: فيفتون بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَعْلُوم من الْإِفْتَاء. قَوْله: فيضلون بِفَتْح الْيَاء قَوْله: ويضلون بِضَم الْيَاء من الإضلال. قَوْله: فَحدثت بِهِ عَائِشَة أَي: قَالَ عُرْوَة: حدثت بِهَذَا الحَدِيث عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ. قَوْله: بعد أَي: بعد تِلْكَ السّنة وَالْحجّة. قَوْله: فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي أَي: فَقَالَت عَائِشَة لعروة: يَا ابْن أُخْتِي، لِأَن عُرْوَة ابْن أَسمَاء أُخْت عَائِشَة. قَوْله: فاستثبت لي مِنْهُ أَي: من عبد الله بن عَمْرو. قَوْله: كنحو مَا حَدثنِي أَي: فِي مرته الأولى. قَوْله: فعجبت أَي: عَائِشَة من جِهَة أَنه مَا غير حرفا مِنْهُ.
٧٣٠٨ - حدّثنا عَبْدانُ أخبرنَا أبُو حَمْزَةَ سَمِعْتُ الأعْمَشَ قَالَ: سَألْتُ أَبَا وائِلٍ: هَلْ شَهِدْتَ صِفِّينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَسَمِعْتُ سَهْلَ بنَ حُنَيْفٍ يَقُول. وحّدثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا أبُو عَوَانَة، عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي وائِلٍ قَالَ: قَالَ سَهلُ بنُ حُنَيْفٍ: يَا أيُّها النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، لَقَدْ