للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي القاع المستوي وسط النَّهَار فِي الْحر الشَّديد لامعاً مثل المَاء {وَالَّذِينَ كَفَرُو اْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَآءً حَتَّى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} قَوْله: عُزَيْر اسْم منصرف وَإِن كَانَت فِيهِ العجمة والعلمية، مثل نوح وَلُوط، قَوْله: فَيُقَال كَذبْتُمْ قيل: كَانُوا صَادِقين فِي عبَادَة عُزَيْر؟ وَأجِيب بِأَنَّهُم كذبُوا فِي كَونه ابْن الله. قَالَ الْكرْمَانِي؛ فَإِن قلت: الْمرجع هُوَ الحكم الْوَاقِع لَا الْمشَار إِلَيْهِ، فالصدق وَالْكذب راجعان إِلَى الحكم بِالْعبَادَة لَا إِلَى الحكم بِكَوْنِهِ ابْنا. قلت: إِن الْكَذِب رَاجع إِلَى الحكم بِالْعبَادَة الْمقيدَة وَهِي منتفية فِي الْوَاقِع بِاعْتِبَار انْتِفَاء قيدها، وَهُوَ فِي حكم القضيتين كَأَنَّهُمْ قَالُوا: عُزَيْر هُوَ ابْن الله وَنحن كُنَّا نعبده، فكذبهم فِي الْقَضِيَّة الأولى. قَوْله: فيتساقطون لشدَّة عطشهم وإفراط حرارتهم. قَوْله: مَا يحبسكم؟ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة من الْحَبْس، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني أَي: مَا يمنعكم من الذّهاب؟ وَفِي رِوَايَة غَيره: مَا يجلسكم؟ بِالْجِيم وَاللَّام من الْجُلُوس أَي: مَا يقعدكم عَن الذّهاب؟ قَوْله: فَيَقُولُونَ: فارقناهم أَي: النَّاس فِي الدُّنْيَا وَكُنَّا فِي ذَلِك الْوَقْت أحْوج إِلَيْهِم منا فِي هَذَا الْيَوْم فَكل وَاحِد هُوَ الْمفضل والمفضل عَلَيْهِ لَكِن بِاعْتِبَار زمانين أَي: نَحن فارقنا أقاربنا وأصحابنا مِمَّن كَانُوا يحْتَاج إِلَيْهِم فِي المعاش لُزُوما لطاعتك ومقاطعة لأعداء الدّين وغرضهم مِنْهُ التضرع إِلَى الله فِي كشف هَذِه خوفًا من المصاحبة مَعَهم فِي النَّار، يَعْنِي: كَمَا لم نَكُنْ مصاحبين لَهُم فِي الدُّنْيَا لَا نَكُون مصاحبين لَهُم فِي الْآخِرَة. قَوْله: فِي صُورَة أَي: فِي صفة. وَأطلق الصُّورَة على سَبِيل المشاكلة، وَاسْتدلَّ ابْن قُتَيْبَة بِذكر الصُّورَة على أَن لله صُورَة لَا كالصور، كَمَا ثَبت أَنه شَيْء لَا كالأشياء. وَقَالَ ابْن بطال: تمسكت بِهِ المجسمة فأثبتوا لله صُورَة، وَلَا حجَّة لاحْتِمَال أَن تكون بِمَعْنى الْعَلامَة وَضعهَا الله لَهُم دَلِيلا على مَعْرفَته، كَمَا يُسمى الدَّلِيل والعلامة صُورَة. قَوْله: غير صورته الَّتِي رَأَوْهُ أول مرّة قيل: يحْتَمل أَن يُشِير بذلك إِلَى مَا عرفوه حِين أخرج ذُرِّيَّة آدم من صلبه. ثمَّ أنساهم ذَلِك فِي الدُّنْيَا، ثمَّ يذكرهم بهَا فِي الْآخِرَة. قَوْله: فَإِذا رَأينَا رَبنَا عَرفْنَاهُ قَالَ ابْن بطال: عَن الْمُهلب أَن الله يبْعَث لَهُم ملكا ليختبرهم فِي اعْتِقَاد صِفَات رَبهم الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء، فَإِذا قَالَ لَهُم: أَنا ربكُم، ردوا عَلَيْهِ لما رَأَوْا عَلَيْهِ من صفة الْمَخْلُوق، فَقَوله: فَإِذا جَاءَ رَبنَا عَرفْنَاهُ أَي: إِذا أظهر لنا فِي ملك لَا يَنْبَغِي لغيره وعظمته لَا تشبه شَيْئا من مخلوقاته فحينئذٍ يَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا. قَالَ: وَأما قَوْله: هَل بَيْنكُم وَبَينه آيَة تعرفونه؟ فَيَقُولُونَ: السَّاق فَهَذَا يحْتَمل أَن الله عرفهم على أَلْسِنَة الرُّسُل من الْمَلَائِكَة والأنبياء أَن الله جعل لَهُم عَلامَة تجلية السَّاق. قَوْله: يكْشف على صِيغَة الْمَجْهُول وَالْمَعْرُوف عَن سَاقه فسر السَّاق بالشدة أَي: يكْشف عَن شدَّة ذَلِك الْيَوْم وَأمر مهول وَهَذَا مثل تضربه الْعَرَب لشدَّة الْأَمر كَمَا يُقَال: قَامَت الْحَرْب على سَاق، وَجَاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} قَالَ: عَن شدَّة من الْأَمر. وَقيل: المُرَاد بِهِ النُّور الْعَظِيم، وَقيل: هُوَ جمَاعَة من الْمَلَائِكَة يُقَال: سَاق من النَّاس، كَمَا يُقَال: رجل من جَراد، وَقيل: هُوَ سَاق يخلقه الله خَارِجا عَن السُّوق الْمُعْتَادَة، وَقيل: جَاءَ السَّاق بِمَعْنى النَّفس أَي: تتجلى لَهُم ذَاته. قَوْله: رِيَاء أَي: ليراه النَّاس. قَوْله: وَسُمْعَة أَي: ليسمعه النَّاس. قَوْله: فَيذْهب كَيْمَا يسْجد لَفْظَة: كي. هُنَا بِمَنْزِلَة لَام التَّعْلِيل فِي الْمَعْنى وَالْعَمَل، دخلت على كلمة: مَا، المصدرية بعْدهَا: أَن، مضمرة تَقْدِيره: يذهب لأجل السُّجُود. قَوْله: طبقًا وَاحِدًا الطَّبَق فقار الظّهْر أَي: صَار فقارة وَاحِدَة كالصفحة فَلَا يقدر على السُّجُود، وَقيل: الطَّبَق عظم رَقِيق يفصل بَين كل فقارين، وَقَالَ ابْن بطال: تمسك بِهِ من أجَاز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق من الأشاعرة، والمانعون تمسكوا بقوله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} ورد عَلَيْهِم: بِأَن هَذَا لَيْسَ فِيهِ تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق، وَإِنَّمَا هُوَ خزي وتوبيخ إِذْ أدخلُوا أنفسهم بزعهمم فِي جملَة الْمُؤمنِينَ الساجدين فِي الدُّنْيَا، وَعلم الله مِنْهُم الرِّيَاء فِي سجودهم، فدعوا فِي الْآخِرَة إِلَى السُّجُود كَمَا دعِي الْمُؤْمِنُونَ المحقون فيتعذر السُّجُود عَلَيْهِم وتعود ظُهُورهمْ طبقًا وَاحِدًا وَيظْهر الله تَعَالَى نفاقهم، فَأخْبرهُم وأوقع الْحجَّة عَلَيْهِم. قَوْله: ثمَّ يُؤْتى بالجسر بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا حَكَاهُمَا ابْن السّكيت والجوهري. قَوْله: مدحضة من دحضت رجله دحضاً زلقت، ودحضت الشَّمْس عَن كبد السَّمَاء زَالَت، ودحضت حجَّته بطلت. قَوْله: مزلة من زلت الْأَقْدَام سَقَطت. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مزلة بِكَسْر الزَّاي وَفتحهَا بِمَعْنى المزلقة، أَي: مَوضِع تزلق فِيهِ الْأَقْدَام، ومدحضة أَي: مَحل ميل الشَّخْص، وهما بِفَتْح الْمِيم ومعناهما متقاربان. قَوْله: خطاطيف جمع خطَّاف بِالضَّمِّ وَهُوَ الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بهَا الشَّيْء، والكلاليب جمع كَلوب، وَقد مر تَفْسِيره فِي الحَدِيث الْمَاضِي. قَوْله: وحسكة بِفَتَحَات

<<  <  ج: ص:  >  >>