للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

تصمت الْجنَّة وَالنَّار إِمَّا مجَاز عَن حَالهمَا المشابهة للخصومة، وَإِمَّا حَقِيقَة بِأَن يخلق الله فيهمَا الْحَيَاة والنطق وَنَحْوهمَا، واختصامهما افتخار بعضهما على بعض بِمن يسكنهما، وَفِي رِوَايَة مُسلم: احتجت النَّار وَالْجنَّة، وَفِي لفظ آخر: تَحَاجَّتْ النَّار وَالْجنَّة. قَوْله: فَقَالَت الْجنَّة: يَا رب مَا لَهَا هُوَ على طَريقَة الِالْتِفَات، وَإِلَّا فَمُقْتَضى الظَّاهِر: مَا لي. قَوْله: وَسَقَطهمْ بالفتحتين الضُّعَفَاء الساقطون من أعين النَّاس، وَفِي رِوَايَة مُسلم بعد قَوْله: وَسَقَطهمْ وعجزهم، وَفِي رِوَايَة بعده: وغرتهم وعجزهم، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالْجِيم جمع عَاجز أَي: العاجزون عَن طلب الدُّنْيَا والتمكن فِيهَا، وَضبط أَيْضا بِضَم الْعين وَتَشْديد الْجِيم الْمَفْتُوحَة وَهُوَ أَيْضا جمع عَاجز، وغرتهم بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق، قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا هُوَ الْأَشْهر فِي نسخ بِلَادنَا أَي: البله الغافلون الَّذين لَيْسَ لَهُم حذق فِي أُمُور الدُّنْيَا. قَوْله: وَقَالَت النَّار: يَعْنِي أُوثِرت على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: اختصصت، وَهَذَا مقول القَوْل أبرزه فِي بعض النّسخ بقوله: يَعْنِي أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ؟ وَلم يَقع هَذَا فِي كثير من النّسخ حَتَّى قَالَ ابْن بطال: سقط قَوْله: أُوثِرت هُنَا من جَمِيع النّسخ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَيْن مقول القَوْل؟ ثمَّ قَالَ: قلت: مُقَدّر مَعْلُوم من سَائِر الرِّوَايَات وَهُوَ أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ. قَوْله: وَإنَّهُ ينشىء للنار من يَشَاء أَي: يُوجد ويخلق، وَقَالَ الْقَابِسِيّ: الْمَعْرُوف فِي هَذَا الْموضع أَن الله ينشىء للجنة خلقا، وَأما النَّار فَيَضَع فِيهَا قدمه قَالَ: وَلَا أعلم فِي شَيْء من الْأَحَادِيث أَنه ينشىء للنار خلقا، وَأما النَّار فَيَضَع فِيهَا قدمه قَالَ: وَلَا أعلم فِي شَيْء من الْأَحَادِيث أَنه ينشيء للنار خلقا، إلَاّ هَذَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث مر فِي سُورَة ق بعكس هَذِه الرِّوَايَة، قَالَ ثمَّة: وَأما النَّار فتمتلىء وَلَا يظلم الله من خلقه أحدا. وَأما الْجنَّة فَإِن الله ينشىء لَهَا خلقا، كَذَا فِي صَحِيح مُسلم وَقيل: هَذَا وهم من الرَّاوِي إِذْ تَعْذِيب غير العَاصِي لَا يَلِيق بكرم الله تَعَالَى، بِخِلَاف الإنعام على غير الْمُطِيع، ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: لَا محذوراً فِي تَعْذِيب الله من لَا ذَنْب لَهُ إِذا الْقَاعِدَة القائلة بالْحسنِ والقبح العقليين بَاطِلَة، فَلَو عذبه لَكَانَ عدلا والإنشاء للجنة لَا يُنَافِي الْإِنْشَاء للنار، وَالله يفعل مَا يَشَاء فَلَا حَاجَة إِلَى الْحمل على الْوَهم. قَوْله: فيلقون فِيهَا على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: هَل من مزِيد قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الْمَزِيد إِمَّا مصدر كالمجيد، وَإِمَّا اسْم مفعول كَالْمَبِيعِ، وَقيل: هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار وَإنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى زيادتها. قَوْله: حَتَّى يضع فِيهَا قدمه هَذَا لفظ من المتشابهات، وَالْحكم فِيهِ إِمَّا التَّفْوِيض وَإِمَّا التَّأْوِيل، فَقيل: المُرَاد بِهِ التَّقَدُّم أَي: يضع الله فِيهَا من قدمه لَهَا من أهل الْعَذَاب أَو ثمَّة مَخْلُوق اسْمه الْقدَم، أَو وضع الْقدَم عبارَة عَن الزّجر والتسكين لَهَا كَمَا يُقَال: جعلته تَحت رجْلي وَوَضَعته تَحت قدمي. قَوْله: وَيرد ويروى: يزوى، أَي: يضم. قَوْله: قطّ قطّ قطّ ثَلَاث مَرَّات كَذَا وَقع فِي بعض النّسخ، وَفِي بَعْضهَا مرَّتَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهر، وَمعنى: قطّ، حسب وتكرارها للتَّأْكِيد وَهِي سَاكِنة الطَّاء مُخَفّفَة، ويروى: قطي قطي، أَي: حسبي.

٧٤٥٠ - حدّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ، حدّثنا هِشامٌ، عنْ قَتادَةَ، عنْ أنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيُصيبَنَّ أقْواماً سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أصابُوها عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ الله الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقالُ لَهُمُ: الجَهَنَّمِيُّونَ

انْظُر الحَدِيث ٦٥٥٩

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: بِفضل رَحمته

وَهِشَام هُوَ ابْن أبي عبد الله الدسّتوائي.

والْحَدِيث بِهَذَا الْوَجْه من أَفْرَاده.

قَوْله: ليصيبن مُؤَكدَة بالنُّون الثَّقِيلَة وَاللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد. وَقَوله: سفع بِالرَّفْع فَاعله بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء وبالعين الْمُهْملَة وَهُوَ اللفح واللهب كَذَا، قَالَه الْكرْمَانِي، وَهُوَ تَفْسِير الشَّيْء بِمَا هُوَ أخْفى مِنْهُ. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: السفع عَلامَة تغير ألوانهم، يُقَال: سفعت الشَّيْء إِذا جعلت عَلَيْهِ عَلامَة يُرِيد أثرا من النَّار. قلت: اللفح بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْفَاء وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة حر النَّار ووهجها. قَوْله: عُقُوبَة نصب على التَّعْلِيل أَي: لأجل الْعقُوبَة. قَوْله: الجهنميون جمع جهنمي نِسْبَة إِلَى جَهَنَّم.

وَقَالَ هَمَّامٌ: حدّثنا قتادَةُ حدّثنا أنَسٌ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>