فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث مضى فِي الصّيام بأتم مِنْهُ فِي: بَاب فضل الصَّوْم من رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَمضى أَيْضا فِي التَّوْحِيد فِي بَاب قَوْله الله تَعَالَى: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لَا يَفْقَهُونَ إِلَاّ قَلِيلاً}
قَوْله: لكل عمل أَي: من الْمعاصِي كَفَّارَة أَي: مَا يُوجب سترهَا وغفرانها، قيل: جَمِيع الطَّاعَات لله. وَأجِيب بِأَن الصَّوْم لم يتَقرَّب بِهِ إِلَى معبود غير الله بِخِلَاف غَيره من الطَّاعَات. فَإِن قلت: جَزَاء الْكل من الله تَعَالَى؟ قلت: رُبمَا فوض جَزَاء غير الصّيام إِلَى الْمَلَائِكَة. قَوْله: ولخلوف بِضَم الْخَاء؛ الرَّائِحَة المتغيرة للفم. فَإِن قلت: الله منزه عَن الأطيبية. قلت: هُوَ على سَبِيل الْفَرْض، يَعْنِي: لَو فرض لَكَانَ أطيب مِنْهُ. فَإِن قلت: دم الشَّهِيد كريح الْمسك والخلوف أطيب مِنْهُ فالصائم أفضل من الشَّهِيد؟ قلت: منشأ الأطيبية رُبمَا تكون الطَّهَارَة لِأَنَّهُ طَاهِر، وَالدَّم نجس. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي تَحْرِيم إِزَالَة الدَّم مَعَ أَن رَائِحَته مُسَاوِيَة لرائحة الْمسك وَعدم تَحْرِيم إِزَالَة الخلوف مَعَ أَنه أطيب مِنْهُ؟ قلت: إِمَّا أَن تَحْصِيل مثل ذَلِك الدَّم محَال بِخِلَاف الخلوف، أَو أَن تَحْرِيمه مُسْتَلْزم للجرح، أَو رُبمَا يُؤَدِّي إِلَى ضَرَر كأدائه إِلَى النَّحْر، أَو أَن الدَّم لكَونه نجسا وَاجِب الْإِزَالَة شرعا.
٧٥٣٩ - حدّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ قتادَةَ. ح وَقَالَ لي خَلِيفَةُ: حدّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، عنْ سَعيدٍ، عنْ قَتادَةَ، عنْ أبي العالِيَةِ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيما يَرْوِيهِ عنْ رَبِّهِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أنْ يَقُولَ: إنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بنِ مَتَّى، ونَسَبَهُ إِلَى أبِيهِ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فِيمَا يرويهِ عَن ربه
وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة رفيع مُصَغرًا عَن ابْن عَبَّاس. وَالثَّانِي: بطرِيق المذاكرة عَن خَليفَة بن خياط عَن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن زُرَيْع مصغر زرع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة ... إِلَى آخِره، وَسَاقه على لفظ سعيد، وَمضى الحَدِيث فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، فِي تَرْجَمَة يُونُس، عَلَيْهِ السَّلَام، عَن حَفْص بن عمر بالسند الْمَذْكُور هُنَا، وَمضى أَيْضا فِي تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام، وَصرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله: وَنسبه إِلَى أَبِيه جملَة حَالية مُوضحَة، وَقيل: مَتى اسْم أمه وَالْأول أصح عِنْد الْجُمْهُور، وَإِنَّمَا خصصه من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء لِئَلَّا يتَوَهَّم غَضَاضَة فِي حَقه بِسَبَب نزُول قَوْله تَعَالَى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} قَوْله: إِنَّه خير ويروى: أَنا خير، وَهِي الْأَشْهر. قَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل لفظ: أَنا، أَن يكون كِنَايَة عَن رَسُول الله، أَو عَن كل مُتَكَلم، وَإِنَّمَا قَالَه مَعَ أَنه سيد ولد آدم قبل علمه بِأَنَّهُ سيدهم وأفضلهم، أَو قَالَه تواضعاً وهضماً لنَفسِهِ.
٧٥٤٠ - حدّثنا أحْمَدُ بنُ أبي سُرَيْجٍ، أخبرنَا شَبابَةُ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ مُعاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، عنْ عَبْدِ الله بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ قَالَ: رَأيْتُ رسولَ الله يَوْمَ الفَتْحِ عَلى ناقَةٍ لهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ، أوْ: مِنْ سُورَةِ الفَتْحِ، قَالَ: فَرَجَّعَ فِيها. قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعاوِيَةُ يَحْكِي قراءَةَ ابنِ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ: لوْلا أنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابنُ مُغَفَّلٍ يَحْكِي النبيَّ فَقُلْتُ لِمُعاوِيَةَ كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ قَالَ:، ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
ا
تعلق هَذَا الحَدِيث بِالْبَابِ من حَيْثُ إِن الرِّوَايَة عَن الرب أَعم من أَن تكون قُرْآنًا أَو غَيره بالواسطة أَو بِدُونِهَا، لَكِن الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن المتداول على الْأَلْسِنَة مَا كَانَ بِغَيْر الْوَاسِطَة. وَقَالَ الْمُهلب: معنى هَذَا الْبَاب لَهُ، روى عَن ربه السّنة كَمَا روى عَنهُ الْقُرْآن، وَدخُول حَدِيث ابْن مُغفل فِيهِ للتّنْبِيه على أَن الْقُرْآن أَيْضا رِوَايَة لَهُ عَن ربه. وَقيل: قَول النَّبِي، قَالَ الله، و: روى عَن ربه، سَوَاء.
وَشَيخ البُخَارِيّ أَحْمد بن أبي سُرَيج