عَن أَيُّوب: (أَن رهطا من عكل) ، وَلم يشك، وَكَذَا فِي الْمُحَاربين: عَن يحيى بن أبي كثير، وَفِي الدِّيات: عَن أبي رَجَاء، كِلَاهُمَا عَن أبي قلَابَة، وَله فِي الزَّكَاة عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن نَاسا من عرينة، وَلم يشك أَيْضا، وَكَذَا لمُسلم من رِوَايَة أبي عوَانَة مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس، وَفِي الْمَغَازِي: عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة: (أَن نَاسا من عكل وعرينة) ، بِالْوَاو العاطفية. قيل: هُوَ الصَّوَاب، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا وَقع فِي رِوَايَة أبي عوَانَة، وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس قَالَ: (كَانُوا أَرْبَعَة من عرينة وَثَلَاثَة من عكل) . قلت: هَذَا يُخَالف مَا عِنْد البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد من طَرِيق وهيب عَن أَيُّوب، وَفِي الدِّيات من طَرِيق حجاج الصَّواف عَن أبي رَجَاء، كِلَاهُمَا عَن أبي قلَابَة عَن أنس: (أَن رهطا من عكل ثَمَانِيَة) ، وَجه ذَلِك أَنه صرح بِأَن الثَّمَانِية من عكل، وَلم يذكر عرينة قلت: يُمكن التَّوْفِيق بِأَن احداً من الروَاة طوى ذكر عرينة لِأَنَّهُ روى عَن أنس تَارَة من عكل أَو عرينة، وَتارَة من عرينة بِدُونِ ذكر عكل، وَتارَة من عكل وعرينة، كَمَا بَينا. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة أبي عوَانَة والطبري: (كَانُوا سَبْعَة) ، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: ثَمَانِيَة، فَهَذَا مُخَالف. قلت: لَا مُخَالفَة أصلا لاحْتِمَال أَن يكون الثَّامِن من غير القبيلتين، وَكَانَ من أتباعهم. قَوْله: (فاجتووا الْمَدِينَة) وَفِي رِوَايَة: (استوخموها) ، وللبخاري من رِوَايَة سعيد عَن قَتَادَة فِي هَذِه الْقِصَّة: (فَقَالُوا: يَا نَبِي الله إِنَّا كُنَّا أهل ضرع وَلم نَكُنْ أهل ريف) ، وَله فِي الطِّبّ من رِوَايَة ثَابت عَن أنس: (أَن نَاسا كَانَ بهم سقم قَالُوا: يَا رَسُول الله أرونا وأطعمنا، فَلَمَّا صحوا قَالُوا: إِن الْمَدِينَة وخمة) . وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة من رِوَايَة غيلَان عَن أنس: (كَانَ بهم هزال شَدِيد) . وَعِنْده من رِوَايَة ابْن سعد عَنهُ: (مصفر ألوانهم) بعد أَن صحت أَجْسَادهم، فَهُوَ من حمى الْمَدِينَة كَمَا عِنْد أَحْمد من رِوَايَة حميد عَن أنس. قَوْله: (فامرهم بلقاح) وللبخاري فِي رِوَايَة همام عَن قَتَادَة: (فَأَمرهمْ أَن يلْحقُوا براعية) ، وَله عَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد: (فَأمر لَهُم بلقاح) بِزِيَادَة الَّلام، وَوَجهه أَن تكون الَّلام زَائِدَة أَو للاختصاص، وَلَيْسَت للتَّمْلِيك. وَعند أبي عوَانَة من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن قُرَّة الَّتِي أخرج مُسلم إسنادها: أَنهم بدؤوا بِطَلَب الْخُرُوج إِلَى اللقَاح، (فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، قد وَقع هَذَا الوجع، فَلَو أَذِنت لنا فخرجنا إِلَى الْإِبِل) ، وللبخاري من رِوَايَة وهيب عَن أَيُّوب: (أَنهم قَالُوا: يَا رَسُول الله إبغنار سلاً، أَي: أطلب لَبَنًا. قَالَ: مَا أجد لكم إلَاّ أَن تلحقوا بالذود) ، وَفِي رِوَايَة ابي رَجَاء: (هَذِه نعم لنا نخرج فاخرجوا فِيهَا) . وَله فِي الْمُحَاربين: عَن مُوسَى عَن وهيب بِسَنَدِهِ فَقَالَ: (إلَاّ أَن تلحقوا بِإِبِل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . وَله فِيهِ من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: عَن يحيى بن أبي كثير بِسَنَدِهِ: (فَأَمرهمْ أَن يَأْتُوا إبل الصَّدَقَة) ، وَكَذَا فِي الزَّكَاة من طَرِيق شُعْبَة عَن قَتَادَة. فان قلت: كَيفَ التَّوْفِيق بَين هَذِه الْأَحَادِيث؟ قلت: طَريقَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت لَهُ إبل من نصِيبه من الْمغنم، وَكَانَ يشرب لَبنهَا، وَكَانَت ترعى مَعَ إبل الصَّدَقَة. فَأخْبرهُ مرّة عَن إبِله، وَمرَّة عَن إبل الصَّدَقَة لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي مَوضِع وَاحِد. وَقَالَ بَعضهم: وَالْجمع بَينهَا أَن إبل الصَّدَقَة كَانَت ترعى خَارج الْمَدِينَة، وصادف بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلقاحه إِلَى المرعى طلب هَؤُلَاءِ النَّفر الْخُرُوج إِلَى الصَّحرَاء لشرب ألبان الْإِبِل، فَأَمرهمْ أَن يخرجُوا مَعَه فَخَرجُوا مَعَه إِلَى الْإِبِل، فَفَعَلُوا مَا فعلوا. قَوْله: (وَأَن يشْربُوا) وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ عَن أبي رَجَاء: (فأخرجوا فَاشْرَبُوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا) ، بِصِيغَة الْأَمر. وَفِي رِوَايَة شُعْبَة عَن قَتَادَة: (فَرخص لَهُم أَن يَأْتُوا الصَّدَقَة فيشربوا) . قَوْله: (فَلَمَّا صحوا) ، وَفِي رِوَايَة أبي رَجَاء: (فَانْطَلقُوا فَشَرِبُوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا فَلَمَّا صحوا) ، وَفِي رِوَايَة وهيب: (وسمنوا) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة ثَابت: (وَرجعت إِلَيْهِم ألوانهم) . قَوْله: (فجَاء الْخَبَر) ، وَفِي رِوَايَة وهيب عَن أَيُّوب: الصَّرِيخ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَهُوَ على وزن: فعيل، بِمَعْنى: فَاعل، أَي صرخَ بالإعلام بِمَا وَقع مِنْهُم، وَهَذَا الصَّارِخ هُوَ أحد الراعيين، كَمَا ثَبت فِي (صَحِيح أبي عوَانَة) من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس. وَقد أخرج مُسلم إِسْنَاده وَلَفظه: (فَقتلُوا أحد الراعيين وَجَاء الآخر وَقد حزع، فَقَالَ: قد قتلوا صَاحِبي وذهبوا بِالْإِبِلِ) . قَوْله: (فَذهب فِي آثَارهم) زَاد فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: الطّلب، وَفِي حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع: (خيلاً من الْمُسلمين أَمِيرهمْ كرز بن جَابر الفِهري) . وَكَذَا ذكره ابْن إِسْحَاق وَالْأَكْثَرُونَ، وكرز، بِضَم الْكَاف وَسُكُون الرَّاء وَفِي آخِره زَاي مُعْجمَة، وللنسائي من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: (فَبعث فِي طَلَبهمْ قافة) ، وَهُوَ جمع: قائف، وَلمُسلم من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس: (أَنهم شباب من الْأَنْصَار قريب من عشْرين رجلا، وَبعث مَعَهم قائفاً يقتفي آثَارهم) . قَوْله: (قطع أَيْديهم) ، كَذَا هُوَ للأكثرين، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَالْمُسْتَمْلِي والسرخسي: (فَأمر بِقطع أَيْديهم) ، وَقَالَ: الدَّاودِيّ: يَعْنِي قطع يَدي كل وَاحِد وَرجلَيْهِ، وهذ يردهُ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من خلاف، وَكَذَا ذكر الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْفرْيَابِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ بِسَنَدِهِ، وللبخاري من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ أَيْضا. قَوْله:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute