وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه السُّؤَال وَالْجَوَاب وَفِيه أَن بَين عبد الله بن مُحَمَّد وَبَين زُهَيْر يحيى بن آدم قَالَ الغساني قد سقط ذكر يحيى فِي بعض النّسخ وَهُوَ خطأ إِذْ لَا يتَّصل الْإِسْنَاد إِلَّا بِهِ وَفِيه أَن أَكثر الروَاة كوفيون والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ قَالَ أخبرنَا قُتَيْبَة قَالَ أخبرنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي جَعْفَر قَالَ " تمار يُنَافِي الْغسْل عِنْد جَابر بن عبد الله فَقَالَ جَابر يَكْفِي فِي الْغسْل من الْجَنَابَة صَاع من مَاء قُلْنَا مَا يَكْفِي صَاع وَلَا صَاعَانِ قَالَ جَابر قد كَانَ يَكْفِي من كَانَ خيرا مِنْك وَأكْثر شعرًا ". (بَيَان مَعَانِيه وَإِعْرَابه) قَوْله " هُوَ وَأَبوهُ " أَي مُحَمَّد بن عَليّ وَأَبوهُ عَليّ بن الْحُسَيْن قَوْله " وَعِنْده قوم " هَكَذَا فِي أَكثر النّسخ وَفِي بَعْضهَا " وَعِنْده قومه " وَكَذَا وَقع فِي الْعُمْدَة قَوْله " فَسَأَلُوهُ عَن الْغسْل " أَي مِقْدَار مَاء الْغسْل وَفِي مُسْند اسحق بن رَاهَوَيْه أَن مُتَوَلِّي السُّؤَال هُوَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الْكرْمَانِي الْقَوْم هم السائلون فَلم أفرد الْكَاف حَيْثُ قَالَ يَكْفِيك صَاع وَالظَّاهِر يَقْتَضِي أَن يُقَال يَكْفِي كل وَاحِد مِنْكُم صَاع (قلت) السَّائِل كَانَ شخصا وَاحِدًا من الْقَوْم وأضيف السُّؤَال إِلَيْهِم لِأَنَّهُ مِنْهُم كَمَا يُقَال النُّبُوَّة فِي قُرَيْش وَإِن كَانَ النَّبِي مِنْهُم وَاحِدًا أَو يُرَاد بِالْخِطَابِ الْعُمُوم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رُؤْسهمْ} وَكَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بشر الْمَشَّائِينَ فِي ظلم اللَّيَالِي إِلَى الْمَسَاجِد بِالنورِ التَّام " أَي يَكْفِي لكل مَا يَصح الْخطاب لَهُ صَاع قَوْله " فَقَالَ رجل " المُرَاد بِهِ الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب الَّذِي يعرف أَبوهُ بِابْن الْحَنَفِيَّة مَاتَ فِي سنة مائَة أَو نَحْوهَا وَاسم الْحَنَفِيَّة خَوْلَة بنت جَعْفَر وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " فَقَالَ رجل مِنْهُم " أَي من الْقَوْم قَوْله " أوفى مِنْك شعرًا " ارتفاعه بالخبرية وشعرا مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَأَرَادَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " وَخير مِنْك " روى بِالرَّفْع وَالنّصب أما الرّفْع فبكونه عطفا على أوفى وَأما النصب فبكونه عطفا على الْمَوْصُول أَعنِي قَوْله من فَاتَهُ مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول يَكْفِي وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ " وخبرا " بِالنّصب قَوْله " ثمَّ أمنا " أَي جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَالضَّمِير الْمَرْفُوع الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَيْهِ وَقَالَ الْكرْمَانِي قَوْله " ثمَّ أمنا " أما مقول جَابر فَهُوَ مَعْطُوف على قَوْله " كَانَ يَكْفِي " فالإمام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأما مقول أبي جَعْفَر فَهُوَ عطف على " فَقَالَ رجل " فالإمام جَابر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ بَعضهم فَاعل أمنا جَابر كَمَا سَيَأْتِي ذَلِك وَاضحا فِي كتاب الصَّلَاة وَلَا الْتِفَات إِلَى من جعله مقوله وَالْفَاعِل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت أَرَادَ بِهَذَا الرَّد على الْكرْمَانِي فِيمَا ذكرنَا عَنهُ وَجزم بقوله أَن الإِمَام جَابر وَاحْتج عَلَيْهِ بِمَا جَاءَ فِي كتاب الصَّلَاة وَهُوَ مَا روى عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ " رَأَيْت جَابِرا يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد وَقَالَ رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي ثوب " فَإِن كَانَ استدلاله بِهَذَا الحَدِيث فِي رده على الْكرْمَانِي فَلَا وَجه لَهُ وَهُوَ ظَاهر لَا يخفى. (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) فِيهِ بَيَان مَا كَانَ السّلف عَلَيْهِ من الِاحْتِجَاج بِفعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والانقياد إِلَى ذَلِك وَفِيه جَوَاز الرَّد على من يُمَارِي بِغَيْر علم إِذْ الْقَصْد من ذَلِك إِيضَاح الْحق والإرشاد إِلَى من لَا يعلم وَفِيه كَرَاهِيَة الْإِسْرَاف فِي اسْتِعْمَال المَاء وَفِيه اسْتِحْبَاب اسْتِعْمَال قدر الصَّاع فِي الِاغْتِسَال وَفِيه جَوَاز الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد
٢٥٣ - حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍ وعَنْ جَابِرٍ بِنْ زَيْدٍ عَنِ ابنَ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَيْمُونةَ كَانَا يَغْتَسِلَانِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة.
وَجه الْكرْمَانِي فِي ذَلِك بِثَلَاثَة أوجه بالتعسف. الأول: أَن يُرَاد بِالْإِنَاءِ الْفرق، الْمَذْكُور. الثَّانِي: أَن الْإِنَاء كَانَ معهوداً عِنْدهم أَنه هُوَ الَّذِي يسع الصَّاع وَالْأَكْثَر، فَترك تَعْرِيفه اعْتِمَادًا على الْعرف وَالْعَادَة. الثَّالِث: أَنه من بَاب اخْتِصَار الحَدِيث، وَفِي تَمَامه مَا يدل عَلَيْهِ، كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا. وَوَجهه بَعضهم بِأَن مناسبته للتَّرْجَمَة مستفادة من مُقَدّمَة أُخْرَى، وَهُوَ أَن أوانيهم كَانَت صغَارًا، فَيدْخل هَذَا الحَدِيث تَحت قَوْله: وَنَحْوه، وَنَحْو الصَّاع، أَو يحمل الْمُطلق فِيهِ على الْمُقَيد فِي حَدِيث عَائِشَة، وَهُوَ: الْفرق لكَون كل مِنْهُمَا زَوْجَة لَهُ، وَاغْتَسَلت مَعَه، فَيكون حِصَّة كل مِنْهُمَا أَزِيد من صَاع، فَيدْخل تَحت التَّرْجَمَة بالتقريب. قلت: مقَال هَذَا الْقَائِل أَكثر تعسفاً وَأبْعد وَجها من كَلَام الْكرْمَانِي، لِأَن المُرَاد من هَذَا الحَدِيث جَوَاز اغتسال الرجل وَالْمَرْأَة من إِنَاء وَاحِد، وَهَذَا هُوَ مورد الحَدِيث، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ بَيَان مِقْدَار الْإِنَاء، وَالْبَاب فِي بَيَان الْمِقْدَار فَمن أَيْن يلتثم وَجه التطابق بَينه وَبَين الْبَاب؟ وَقَوله: لكَون كل مِنْهُمَا زَوْجَة لَهُ، كَلَام من لم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute