ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِي الطَّهَارَة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن أبي عَاصِم عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ قَوْله:(كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل) أَي: إِذا أَرَادَ أَن يغْتَسل. قَوْله:(دَعَا) أَي: طلب. قَوْله:(نَحْو الحلاب) أَي: إِنَاء مثل الْإِنَاء الَّذِي يُسمى الحلاب، وَقد وَصفه أَبُو عَاصِم بِأَنَّهُ أقل من شبر فِي شبر، أخرجه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) عَنهُ، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان: وَأَشَارَ أَبُو عَاصِم بكفيه، حِكَايَة حلق شبريه، يصف بِهِ دوره الْأَعْلَى وَفِي رِوَايَة للبيهقي (كَقدْر كوز يسع ثَمَانِيَة أَرْطَال) وَفِي حَدِيث مكي عَن الْقَاسِم: (إِنَّه سُئِلَ كم يَكْفِي من غسل الْجَنَابَة، فَأَشَارَ إِلَى الْقدح والحلاب) ، فَفِيهِ بَيَان مِقْدَار مَا يحْتَمل من المَاء لَا الطّيب والتطيب، وَمن لَهُ ذوق من الْمعَانِي وَتصرف فِي التراكيب يعلم أَن الحلاب الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة إِنَّمَا هُوَ الْإِنَاء وَلم يقْصد البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا غير أَن الْقَوْم أَكْثرُوا الْكَلَام فِيهِ من غير زِيَادَة فَائِدَة، وَلَفظ الحَدِيث أكبر شَاهد على مَا ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ قَالَ: دَعَا بِشَيْء نَحْو الحلاب: فَلفظ: نَحْو: هَاهُنَا بِمَعْنى: الْمثل، وَمثل الشَّيْء غَيره، فَلَو كَانَ دَعَا بالحلاب كَانَ رُبمَا يشكل على أَن فِي بعض الْأَلْفَاظ دَعَا بِإِنَاء مثل الحلاب قَوْله:(فَأخذ بكفه) بِالْإِفْرَادِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بكفيه، بالتثنية، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم بعد قَوْله:(الْأَيْسَر) وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد قَوْله: (فَقَالَ بهما) أَي: بكفيه، وَهَذَا يدل على أَن الرِّوَايَة الصَّحِيحَة، فَأخذ بكفيه، بالتثنية حَيْثُ أعَاد الضَّمِير بالتثنية. وَأما على رِوَايَة مُسلم فَظَاهر، لِأَنَّهُ زَاد فِي رِوَايَته بعد قَوْله:(الْأَيْسَر)(فَأخذ بكفيه) وَمعنى: قَالَ بهما. قلب بكفيه على وسط رَأسه وَالْعرب تجْعَل القَوْل عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال، وتطلقه أَيْضا على غير الْكَلَام فَتَقول: قَالَ بِيَدِهِ، أَي: أَخذ، وَقَالَ بِرجلِهِ، أَي: مَشى قَالَ الشَّاعِر:
(وَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة)
أَي: أَوْمَأت وَجَاء فِي حَدِيث آخر: (فَقَالَ بِثَوْبِهِ) أَي: دَفعه، وكل ذَلِك على الْمجَاز والاتساع، وَيُقَال: إِن قَالَ: يَجِيء لمعان كَثِيرَة بِمَعْنى: أقبل وَمَال واستراح وَذهب وَغلب وَأحب وَحكم وَغير ذَلِك، وَسمعت أهل مصر يستعملون هَذَا فِي كثير من ألفاظهم، وَيَقُولُونَ: أَخذ الْعَصَا وَقَالَ بِهِ كَذَا أَي ضرب بِهِ، وَأخذ ثَوْبه وَقَالَ بِهِ عَلَيْهِ، أَي: لبسه وَغير ذَلِك، يقف على هَذَا من تتبع كَلَامهم قَوْله:(وسط رَأسه) بِفَتْح السِّين، وَقَالَ الْجَوْهَرِي بِالسُّكُونِ ظرف، وبالحركة اسْم، وكل مَوضِع صلح فِيهِ بَين فَهُوَ بِالسُّكُونِ، وَإِن لم يصلح فِيهِ فَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ، وَقَالَ المطرزي: سَمِعت ثعلباً يَقُول: استنبطنا من هَذَا الْبَاب أَن كل مَا كَانَ أَجزَاء ينْفَصل. قلت: فِيهِ وسط بالتسكين، وَمَا كَانَ لَا ينْفَصل وَلَا يتفرق، قلت: بِالتَّحْرِيكِ. تَقول من الأول: أجعَل هَذِه الحرزة وسط السبحة، وانظم هَذِه الياقوتة وسط القلادة، وَتقول أَيْضا مِنْهُ، لَا تقعد وسط الْحلقَة، ووسط الْقَوْم، هَذَا كُله