للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حسن صَحِيح. وَضعف ابْن الْقطَّان حَدِيث أبي رَافع، وَصَححهُ ابْن حزم، وَعبارَة أبي دَاوُد أَيْضا تدل على صِحَّته.

وَأما الْوضُوء بَين الجماعين فقد اخْتلفُوا فِيهِ فَعِنْدَ الْجُمْهُور لَيْسَ بِوَاجِب، قَوَّال ابْن حبيب الْمَالِكِي وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ: إِنَّه وَاجِب وَقَالَ ابْن جزم، وَهُوَ قَول عَطاء وَإِبْرَاهِيم وَعِكْرِمَة وَالْحسن وَابْن سِيرِين، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي سعيد قَالَ: (قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود، فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضوأً) أخرجه مُسلم من طَرِيق حَفْص بن عَاصِم عَن أبي المتَوَكل عَنهُ، وَحمل الْجُمْهُور الْأَمر بِالْوضُوءِ على النّدب والاستحباب، لَا للْوُجُوب، مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة، قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُجَامع ثمَّ يعود وَلَا يتَوَضَّأ) قَالَ أَبُو عمر: مَا أعلم أحدا من أهل الْعلم أوجبه إلَاّ طَائِفَة من أهل الظَّاهِر. قلت: روى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) حَدثنَا وَكِيع عَن مسعر عَن محَارب بن دثار، سَمِعت ابْن عمر يَقُول: إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ وَحدثنَا وَكِيع عَن عمر بن الْوَلِيد سَمِعت ابْن مُحَمَّد يَقُول إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ، وَحدثنَا وَكِيع عَن الْفضل بن عبد الْملك عَن عَطاء مثله، وَمَا نسب ابْن حزم من إِيجَاب الْوضُوء إِلَى الْحسن وَابْن سِيرِين فَيردهُ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) فَقَالَ: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن هِشَام عَن الْحسن أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يُجَامع الرجل امْرَأَته أَنه ثمَّ يعود قبل أَن يتَوَضَّأ قَالَ: وَكَانَ ابْن سِيرِين يَقُول: لَا أعلم بذلك بَأْسا إِنَّمَا قبل ذَلِك لِأَنَّهُ أجْرى أَن يعود. وَنقل عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه حمل الْوضُوء الْمَذْكُور على الْوضُوء اللّغَوِيّ، حَيْثُ نقل ابْن الْمُنْذر عَنهُ أَنه قَالَ: لَا بُد من غسل الْفرج إِذا أَرَادَ الْعود. قلت: يرد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن عَاصِم فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة؟ وَفِي لفظ عِنْده: فَهُوَ أنشط للعود، وصحيح الْحَاكِم لفظ: وضوءه للصَّلَاة، ثمَّ قَالَ: هَذِه لَفْظَة تفرد بهَا شُعْبَة عَن عَاصِم، والتفرد من مثله مَقْبُول عِنْد الشَّيْخَيْنِ: فَإِن قلت: يُعَارض هَذِه الْأَخْبَار حَدِيث ابْن عَبَّاس (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا أمرت بِالْوضُوءِ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة) قَالَه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) قلت قَيده أَبُو عوَانَة بقوله: إِن كَانَ صَحِيحا عِنْد أهل الحَدِيث. قلت: الحَدِيث صَحِيح، وَلَكِن قَالَ الطَّحَاوِيّ: الْعَمَل على حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. وَقَالَ الضياء الْمَقْدِسِي والثقفي، من حَدِيث فِي نصْرَة الصِّحَاح، هَذَا كُله مَشْرُوع جَائِز، من شَاءَ أَخذ بِهَذَا، وَمن شَاءَ أَخذ بِالْآخرِ.

٢٦٧ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قالَ حدّثنا ابنُ أبي عَدِىً وَيَحْيَى بنُ سَعِيدً عَنْ شُعَحبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ المُنْتَشِرٍ عَنْ أبِيهِ قالَ ذَكَرْتَهُ لِعَائِشَةَ فقالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ كُنْتُ أطيبُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَي عطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً يَنْضَحُ طيبا.

(الحَدِيث ٢٦٧ طرفه فِي: ٢٧٠) .

مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فيطوف على نِسَائِهِ) . فَإِن قلت: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْجِمَاع، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ تَجْدِيد الْعَهْد بِهن. قلت: الِاحْتِمَال الثَّانِي يُعِيد، وَالْمرَاد بِهِ الْجِمَاع، يدل عَلَيْهِ الحَدِيث الثَّانِي الَّذِي يَلِيهِ فَإِنَّهُ ذكر فِيهِ أَنه أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ، وَيَطوف هَاهُنَا مثل: يَدُور، فِي الحَدِيث الثَّانِي. ثمَّ اعْلَم أَن نسخ البُخَارِيّ مُخْتَلفَة فِي تَقْدِيم حَدِيث أنس على حَدِيث عَائِشَة وَعَكسه، وَمَشى الدَّاودِيّ على تَقْدِيم حَدِيث عَائِشَة، وَكَذَا ابْن بطال فِي شَرحه.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة، الْمَعْرُوف ببندار، وَقد تقدم. الثَّانِي: ابْن أبي عدي، هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة. الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْقطَّان. تقدم. الرَّابِع: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الْخَامِس: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الشين الْمُعْجَمَة. السَّادِس: أَبوهُ مُحَمَّد الْمَذْكُور. السَّابِع: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: الذّكر وَالْقَوْل وَفِيه: قَوْله: وَيحيى بن سعيد، وَبَين شُعْبَة لَفْظَة: كِلَاهُمَا مقدرَة، لِأَن كلاًّ من ابْن أبي عدي وَيحيى روى عَن شُعْبَة هَذَا الحَدِيث، وحذفت من الْكِتَابَة للاصطلاح، وَلَكِن عِنْد الْقِرَاءَة يَنْبَغِي أَن تثبت. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره رجه البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب وَفِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ كَمَا يَجِيء عَن قريب، وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن سعيد بن مَنْصُور وَأبي كَامِل الجحدري، كلاهماعن أبي عوَانَة وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن أبي كريب أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن هناد، وَعَن حميد بن مسْعدَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>