للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَنُصَلِّي لَك، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي (أساس البلاغة) سبحت الله وسبحت لَهُ وَكَثُرت تسبحاته وتسابيحه، وَفِي (المغيث) لأبي الْمَدِينِيّ: سُبْحَانَ الله قَائِم مقَام الْفِعْل أَي: أسبحه، وسبحت أَي: لفظت سُبْحَانَ الله، وَقيل: معنى: سُبْحَانَ الله. أتَسرع إِلَيْهِ وألحقه فِي طَاعَته من قَوْلهم فرس سايح. وَذكر النَّضر بن شُمَيْل أَن مَعْنَاهُ: السرعة إِلَى هَذِه اللُّغَة وَلِأَنَّهُ الْإِنْسَان يبْدَأ فَيَقُول: سُبْحَانَ الله. قَوْله: (لَا ينجس) قَالَ ابْن سَيّده النَّجس وَالنَّجس وَالنَّجس القذر من كل شَيْء، وَرجل نجس، وَالْجمع أنجاس، وَقيل: النَّجس يكون اللواحد والاثنين وَالْجمع والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد فَإِذا كسر وَالنُّون جمعُوا وانئوا وَرجل، رِجْس نجس، يَقُولُونَهَا بِالْكَسْرِ لمَكَان رِجْس، فَإِذا أفردوه وَقَالُوا: نجس، وَفِي (الْجَامِع) أَحسب الْمصدر من قَوْلهم: نجس ينجس نجسا، وَاسم النَّجَاسَة. وَذكره ابْن الْقُوطِيَّة وَابْن طريف فِي بَاب: فعل وَفعل، فَقَالَا: نجس الشَّيْء ونجسا نَجَاسَة ضد طهر. وَفِي (الصِّحَاح) نجس الشَّيْء بِالْكَسْرِ ينجس نجسا فَهُوَ نجس ونجس وَفِي (كتاب ابْن عديس) نجس الرجل ونجس نَجَاسَة ونجوسة بِكَسْر الْجِيم وضمهاإذا تقذر.

ذكر إعرابه قَوْله: (وَهُوَ جنب) جملَة إسمية وَقعت حَالا من الضَّمِير الْمَنْصُوب الَّذِي فِي لَقيته. قَوْله: (فَذَهَبت فاغتسلت) قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا أَي: فِي بعض النّسخ فَذهب فاغتسل. قلت: على تَقْدِير صِحَة الرِّوَايَة بهَا يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ الْغَيْبَة بِالنّظرِ إِلَى نقل كَلَام أبي هُرَيْرَة بِالْمَعْنَى، والتكلم بِالنّظرِ إِلَى نَقله بِلَفْظِهِ بِعَيْنِه على سَبِيل الْحِكَايَة عَنهُ. وَأما جَوَاز لَفظه بالغيبة فَمن بَاب التَّجْرِيد، وَهُوَ أَنه جرد من نَفسه شخصا وَأخْبر عَنهُ. قَوْله: (كنت جنبا) أَي: ذَا جَنَابَة. قَوْله: (وَأَنا على غير طَهَارَة) جملَة إسمية وَقعت حَالا من الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي أجالسك. (وأجالسك) فِي قُوَّة الْمصدر بِأَن الْمصدر، وَإِنَّمَا فعل أَبُو هُرَيْرَة هَذَا لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ إِذا لَقِي أحدا من أَصْحَابه ماسحه ودعا لَهُ كَمَا ورد فِي النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود. قَالَ: (لَقِيَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا جنب فاهوى إليّ فَقلت: إِنِّي جنب، فَقَالَ: إِن الْمُسلم لَا ينجس) . قَوْله: (سُبْحَانَ الله) ، سُبْحَانَ علم للتسبيح، كعثمان، علم للرجل. وَقَالَ الْفراء مَنْصُوب على الْمصدر كَأَنَّك قلت: سبحت الله تسبيحاً فَجعل: سُبْحَانَ فِي مَوضِع التَّسْبِيح وَالْحَاصِل أَنه مَنْصُوب بِفعل مَحْذُوف لَازم الْحَذف فاستعماله فِي مثل هَذَا الْموضع يُرَاد بِهِ التَّعَجُّب، وَمعنى التَّعَجُّب هُنَا أَنه كَيفَ يخفى مثل هَذَا الظَّاهِر عَلَيْك.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: وَقد عقد الْبَاب لَهُ، أَن الْمُؤمن لَا ينجس وَأَنه طَاهِر سَوَاء كَانَ جنبا أَو مُحدثا حَيا أَو مَيتا، وَكَذَا سؤره وعرقه ولعابه ودمعه وَكَذَا الْكَافِر فِي هَذِه الْأَحْكَام وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ فِي الْمَيِّت أصَحهمَا الطَّهَارَة وَذكر البُخَارِيّ فِي (صَحِيحه) عَن ابْن عَبَّاس تَعْلِيقا. [حم (الْمُسلم لَا ينجس حَيا وَلَا مَيتا) [/ حم وَوَصله الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) فَقَالَ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم عَن عصمَة. قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُسلم الْمسيب بن زُهَيْر الْبَغْدَادِيّ أخبرنَا أَبُو بكر وَعُثْمَان ابْنا أبي شيبَة، قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: [حم (لَا تنجسوا مَوْتَاكُم فَإِن الْمُسلم لَا ينجس حَيا وَلَا مَيتا) [/ حم قَالَ: صَحِيح على شَرطهمَا وَلم يخرجَاهُ، وَهُوَ أصل فِي طَهَارَة الْمُسلم حَيا وَمَيتًا، أما الْحَيّ: فبالإجماع حَتَّى الْجَنِين إِذا ألقته أمه وَعَلِيهِ رُطُوبَة فرجهَا وَأما الْكَافِر فَحكمه كَذَلِك على مَا نذكرهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَفِي (صَحِيح ابْن خُزَيْمَة) عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن الرجل يَأْتِي أَهله ثمَّ يلبس الثَّوْب فيعرق فِيهِ أنجس ذَلِك؟ فَقَالَت: قد كَانَت الْمَرْأَة تعد خرقَة أَو خرقاً فَإِذا كَانَ ذَلِك مسح بهَا الرجل الْأَذَى عَنهُ، وَلم نر أَن ذَلِك يُنجسهُ، وَفِي لفظ: ثمَّ صليا فِي ثوبهما وروى الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث المتَوَكل ابْن فُضَيْل عَن أم القلوص العامرية عَن عَائِشَة: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرى على الْبدن جَنَابَة، وَلَا على الأَرْض جَنَابَة، وَلَا يجنب الرجل) وَعَن محيي السّنة الْبَغَوِيّ، قَالَ: معنى قَول ابْن عَبَّاس: أَربع لَا يجنبن، الْإِنْسَان، وَالثَّوْب، وَالْمَاء، وَالْأَرْض، يُرِيد: الْإِنْسَان لَا يجنب بمماسة الْجنب، وَلَا الثَّوْب، إِذا لبسه الْجنب، وَلَا الأَرْض إِذا أقضى إِلَيْهَا الْجنب، وَلَا المَاء ينجس إِذا غمس الْجنب يَده فِيهِ.

وَقَالَ [قعابن الْمُنْذر [/ قع: أجمع عوام أهل الْعلم على أَن عرق الْجنب طَاهِر، وَثَبت ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَائِشَة أَنهم قَالُوا ذَلِك، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَلَا أحفظ عَن غَيرهم خلاف قَوْلهمَا. وَقَالَ [قعالقرطبي [/ قع: الْكَافِر نجس عِنْد الشَّافِعِي، وَقَالَ أَبُو بكر ابْن الْمُنْذر: وعرق الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ والمجوسي طَاهِر عِنْدِي، وَقَالَ ابْن حزم الْعرق من الْمُشْركين نجس لقَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} (سُورَة التَّوْبَة: ٢٨) وَتمسك أَيْضا بِمَفْهُوم حَدِيث الْبَاب، وَادّعى أَن الْكَافِر نجس الْعين وَالْجَوَاب عَنهُ: أَنهم نجسوا الْأَفْعَال لَا الْأَعْضَاء أَو نجسوا الِاعْتِقَاد، وَمِمَّا يُوضح ذَلِك أَن الله تَعَالَى أَبَاحَ نِكَاح نسَاء أهل الْكتاب، وَمَعْلُوم أَن عرقهن لَا يسلم مِنْهُ من

<<  <  ج: ص:  >  >>