للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر لغاته قَوْله: (بَين شعبها) بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة جمع شُعْبَة، ويروي: أشعبها، جمع شعب، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الشعبة الطَّائِفَة من كل شَيْء، والقطعة مِنْهُ والشعب، النواحي، وَاخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالشعبِ الْأَرْبَع، فَقيل: هِيَ اليدان وَالرجلَانِ، وَقيل: الفخذان وَالرجلَانِ، وَقيل: الرّجلَانِ والشفران، وَاخْتَارَ القَاضِي عِيَاض، أَن المُرَاد من الشّعب الْأَرْبَع واحيها الْأَرْبَع، وَالْأَقْرَب أَن يكون المُرَاد الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ أَو الرجلَيْن والفخذين وَيكون الْجِمَاع مكنياً عَنهُ بذلك، يَكْتَفِي بِمَا ذكر عَن التَّصْرِيح، وَإِنَّمَا رجح هَذَا لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْحَقِيقَة فِي الْجُلُوس بَينهمَا، وَالضَّمِير فِي جلس، يرجع إِلَى الرجل، وَكَذَلِكَ الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي: جهدها، وَأما الضَّمِير الَّذِي فِي شعبها، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: جهدهاد، فيرجعان إِلَى الْمَرْأَة، وَإِن لم يمض ذكرهَا الدّلَالَة السِّيَاق عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} (سُورَة ص: ٣٢) قَوْله: (ثمَّ جهدها) بِفَتْح الْجِيم وَالْهَاء أَي: بلغ جهده فِيهَا وَقيل: بلغ مشقتها يُقَال: جهدته وأجهدته إِذا بلغت مشقته، وَقيل: مَعْنَاهُ كدها بحركته وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق شُعْبَة وَهِشَام عَن قَتَادَة ثمَّ اجْتهد، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من طَرِيق شُعْبَة وَهِشَام مَعًا عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِذا قعد بَين شعبها الْأَرْبَع، وألزق الْخِتَان بالختان فقد وَجب الْغسْل) أَي: مَوضِع الْخِتَان بِموضع الْخِتَان، لِأَن الْخِتَان اسْم للْفِعْل، وَهَذَا يدل على أَن الْجهد هَاهُنَا كِنَايَة عَن معالجة الْإِيلَاج، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة (إِذا التقى الختانان فقد وَجب الْغسْل) وَرُوِيَ أَيْضا بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث عَائِشَة، أخرجه الشَّافِعِي من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَنْهَا، وَلَكِن فِي طَريقَة عَليّ بن زيد، وَهُوَ ضَعِيف وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيق الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَنْهَا بِرِجَال ثِقَات، رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَنْهَا، وَلَفظه: (وسم الْخِتَان الْخِتَان) وَالْمرَاد بالمس، الالتقاء عَلَيْهِ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ: (إِذا جَاوز) وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الْمس، حَتَّى لَو حصل الْمس بِدُونِ التقاء الختانين لَا يجب الْغسْل بِلَا خلاف، وَالْحَاصِل أَن إِيجَاب الْغسْل لَا يتَوَقَّف على نزُول الْمَنِيّ، بل مَتى غَابَتْ الْحَشَفَة فِي الْفرج وَجب الْغسْل عَلَيْهِمَا، وَإِن لم ينزل يدل عَلَيْهِ رِوَايَة مُسلم من طَرِيق مطر الْوراق عَن الْحسن فِي آخر هَذَا الحَدِيث: (وَإِن لم ينزل) وَوَقع ذَلِك فِي رِوَايَة قَتَادَة أَيْضا، رَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة فِي (تَارِيخه) عَن عَفَّان قَالَ: حَدثنَا همام وَأَبَان قَالَا أخبرنَا قَتَادَة بِهِ وَزَاد فِي آخِره: (أنزل أَو لم ينزل) ، وَكَذَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَححهُ من طَرِيق عَليّ بن سهل عَن عَفَّان، وَكَذَا ذكرهَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة، وَقيل: الْجهد من أَسمَاء النِّكَاح، فَمَعْنَى جهدها جَامعهَا، وَإِنَّمَا عدل إِلَى الْكِنَايَة للاجتناب عَن التفوه بِمَا يفحش ذكره صَرِيحًا.

ذكر استنباط الحكم مِنْهُ يستنبط من الحَدِيث الْمَذْكُور: أَن إِيجَاب الْغسْل لَا يتَوَقَّف على نزُول الْمَنِيّ، بل مَتى غَابَتْ الْحَشَفَة يجب الْغسْل عَلَيْهِمَا وَإِن لم ينزلا، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ الْيَوْم، وَقد كَانَ الْخلاف فِيهِ فِي الصَّدْر الأول فَإِن جمَاعَة ذَهَبُوا إِلَى أَن من وطىء فِي الْفرج وَلم ينزل فَلَيْسَ عَلَيْهِ غسل، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك أَحَادِيث نذكرها الْآن وَفِي (الْمحلى) وَمِمَّنْ رأى أَن لَا غسل من الْإِيلَاج فِي الْفرج إِن لم يكن إِنْزَال عُثْمَان بن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وَطَلْحَة بن عبيد الله وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن مَسْعُود وَرَافِع بن خديج وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي بن كَعْب وأبوا أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَابْن عَبَّاس والنعمان بن بشير وَزيد بن ثَابت وجمهرة الْأَنْصَار، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَهُوَ قَول عَطاء بن أبي رَبَاح وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَهِشَام بن عُرْوَة وَالْأَعْمَش، وَبِه قَالَت الظَّاهِرِيَّة.

وَمن الْآثَار الَّتِي احْتَجُّوا بهَا مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث زيد بن خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على مَا يَجِيء فِي الْبَاب الْآتِي واخرجه مُسلم أَيْضا والطَّحَاوِي واخرجه الْبَزَّار أَيْضا وَلَفظه عَن يزِيد الْجُهَنِيّ: (أَنه سَأَلَ عُثْمَان عَن الرجل يُجَامع وَلَا ينزل، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْوضُوء،) وَقَالَ عُثْمَان أشهد أَنِّي سَمِعت ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَمِنْهَا: حَدِيث أبي بن كَعْب، رَوَاهُ مُسلم حَدثنَا أَبُو الرّبيع الْأنْصَارِيّ حَدثنَا حَمَّاد عَن هِشَام بن عُرْوَة وَحدثنَا أَبُو كريب وَاللَّفْظ لَهُ قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا هِشَام عَن أَبِيه عَن أبي أَيُّوب عَن أبي بن كَعْب قَالَ: [حم (سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرجل يُصِيب من الْمَرْأَة ثمَّ يكسل، فَقَالَ: يغسل مَا أَصَابَهُ من الْمَرْأَة ثمَّ يتَوَضَّأ) [/ حم وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي شيبَة وَأحمد والطَّحَاوِي.

وَمِنْهَا: حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم عَنهُ، (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على رجل من الْأَنْصَار فَأرْسل إِلَيْهِ فَخرج وَرَأسه يقطر، فَقَالَ: لَعَلَّنَا أعجلناك؟ فَقَالَ: نعم يَا رَسُول الله، قَالَ: إِذا

<<  <  ج: ص:  >  >>