من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَأما التَّعْلِيق عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فَأخْرجهُ فِي بَاب ترك الْحَائِض الصَّوْم، وَفِيه: (إِذا حَاضَت لم تصم) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: (فَإِن قلت: عقد الْبَاب فِي الْقَضَاء لَا فِي التّرْك! قلت: التّرْك مُطلق أَدَاء وَقَضَاء. قلت: عقد الْبَاب فِي عدم الْقَضَاء، وَعدم الْقَضَاء ترك، وَالتّرْك أَعم. وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي يظْهر لي أَن هَذَا كَلَام صادر من غير تَأمل، لِأَن التّرْك وَعدم الْقَضَاء بِمَعْنى وَاحِد فِي الْحَقِيقَة، وَكَلَامه يشْعر بالتغاير بَينهمَا، فَإِذا سلمنَا ذَلِك كَانَ يتَعَيَّن عَلَيْهِ أَن يُشِير إِلَيْهِمَا فِي التَّرْجَمَة، وَحَيْثُ لم يشر إِلَى ذَلِك فِيهَا، علمنَا أَن مَا بَينهمَا مُغَايرَة، فَلذَلِك اقْتصر فِي التَّرْجَمَة على أَحدهمَا.
٢٦ - (حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا همام قَالَ حَدثنَا قَتَادَة قَالَ حَدَّثتنِي معَاذَة أَن امْرَأَة قَالَت لعَائِشَة أتجزي إحدانا صلَاتهَا إِذا طهرت فَقَالَت أحرورية أَنْت كُنَّا نحيض مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا يَأْمُرنَا بِهِ أَو قَالَت فَلَا نفعله) مُطَابقَة للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَلَا يَأْمُرنَا بِهِ " أَي بِقَضَاء الصَّلَاة. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة الأول مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي الثَّانِي همام بِالتَّشْدِيدِ بن يحيى بن دِينَار الْعَدوي قَالَ أَحْمد همام ثَبت فِي كل الْمَشَايِخ مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة الثَّالِث قَتَادَة الأكمه الْمُفَسّر الرَّابِع معَاذَة بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة وبالذال الْمُعْجَمَة بنت عبد الله العدوية الثِّقَة الْحجَّة الزاهدة روى لَهَا الْجَمَاعَة وَكَانَت تحيي اللَّيْل مَاتَت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ الْخَامِس عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه تَصْرِيح لسَمَاع قَتَادَة عَنهُ معَاذَة وَهُوَ رد على مَا ذكره شُعْبَة وَأحمد أَنه لم يسمع مِنْهَا وَفِيه أَن رُوَاته كلهم بصريون. (ذكر من أخرجه غَيره) هَذَا الحَدِيث أخرجه السِّتَّة مُسلم عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن حَمَّاد بن زيد وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن غنْدر وَعَن عبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعَن الْحسن بن عَمْرو وَالتِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد بن زيد وَالنَّسَائِيّ عَن عمر بن زُرَارَة وَابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة كلهم أَخْرجُوهُ فِي الطَّهَارَة وَالنَّسَائِيّ أخرجه فِي الصَّوْم عَن عَليّ بن مسْهر. (ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ) قَوْلهَا " إِن امْرَأَة " هَاهُنَا مُبْهمَة أبهما همام وَبَين فِي رِوَايَته عَن قَتَادَة أَنَّهَا هِيَ معَاذَة الراوية وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيقه وَكَذَا مُسلم من طَرِيق عَاصِم وَغَيره عَن معَاذَة قَالَت " سَأَلت عَائِشَة مَا بَال الْحَائِض تقضي الصَّوْم وَلَا تقضي الصَّلَاة فَقَالَت أحرورية أَنْت قلت لست بحرورية وَلَكِن أسأَل كَانَ يصيبنا ذَلِك فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم وَلَا نؤمر بِقَضَاء الصَّلَاة " وَفِي لفظ آخر " قد كَانَت إحدانا تحيض على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نؤمر بِقَضَاء " وَفِي لفظ آخر " قد كُنَّا نسَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحضن وَلَا يؤمرن أَن يجزين " قَالَ مُحَمَّد بن جَعْفَر يَعْنِي يقضين قَوْلهَا " أتجزي إحدانا " بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الزَّاي غير مَهْمُوز وَحكى بَعضهم الْهمزَة وَمَعْنَاهُ أتقضي وَبِه فسروا قَوْله تَعَالَى {لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} وَلَا يُقَال هَذَا الشَّيْء يَجْزِي عَن كَذَا أَي يقوم مقَامه قَوْلهَا " صلَاتهَا " بِالنّصب على المفعولية ويروى " أتجزي " على صِيغَة الْمَجْهُول وعَلى هَذَا صلَاتهَا بِالرَّفْع لِأَنَّهُ مفعول قَامَ مقَام الْفَاعِل وَمَعْنَاهُ أتكفي الْمَرْأَة الصَّلَاة الْحَاضِرَة وَهِي طَاهِرَة وَلَا تحْتَاج إِلَى قَضَاء عَن الْفَائِتَة. قَوْلهَا " أحرورية أَنْت " من الْجُمْلَة من الْمُبْتَدَأ وَهُوَ أَنْت وَالْخَبَر وَهُوَ أحرورية دخلت عَلَيْهَا همزَة الِاسْتِفْهَام الإنكارية وَفَائِدَة تقدم الْخَبَر للدلالة على الْحصْر أَي أحرورية أَنْت لَا غير وَهِي نِسْبَة إِلَى حروراء قَرْيَة بِقرب الْكُوفَة وَكَانَ أول اجْتِمَاع الْخَوَارِج فِيهَا وَقَالَ الْهَرَوِيّ تعاقدوا فِي هَذِه الْقرْيَة فنسبوا إِلَيْهَا فَمَعْنَى كَلَام عَائِشَة هَذَا أخارجية أَنْت لِأَن طَائِفَة من الْخَوَارِج يوجبون على الْحَائِض قَضَاء الصَّلَاة الْفَائِتَة فِي زمن الْحيض وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع وكبار فرق الحروية سِتَّة الْأزَارِقَة والصفرية والنجدات والعجاردة والأباضية والثعالبة وَالْبَاقُونَ فروع وهم الَّذين خَرجُوا على عَليّ رَضِي الله عَنهُ ويجمعهم القَوْل بالتبري من عُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا ويقدمون ذَلِك على كل طَاعَة وَلَا يصححون المناكحات إِلَّا على ذَلِك وَكَانَ خُرُوجهمْ على عهد عَليّ رَضِي الله عَنهُ لما حكم أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَعَمْرو بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute