للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حينئذٍ لَا يجوز أَن يتَعَلَّق: على، بقوله: (حسر) لفساد الْمَعْنى، وَيجوز أَن تكون: على، بِمَعْنى: من، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذا اكتالوا على النَّاس} (المطففين: ٢) أَي: من النَّاس، لِأَن: على، تَأتي لتسعة معَان، مِنْهَا أَن تكون بِمَعْنى: من. قَوْله: (حَتَّى أَنِّي أنظر) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (حَتَّى أَنِّي لأنظر) ، بِزِيَادَة لَام التَّأْكِيد. قَوْله: (فَلَمَّا دخل الْقرْيَة) أَي: خَيْبَر، وَهَذَا مشْعر بِأَن ذَلِك الزقاق كَانَ خراج الْقرْيَة. قَوْله: (خربَتْ خَيْبَر) أَي: صَارَت خراباً، وَهل ذَلِك على سَبِيل الخبرية؟ فَيكون ذَلِك من بَاب الْإِخْبَار بِالْغَيْبِ؟ أَو يكون ذَلِك على جِهَة الدُّعَاء عَلَيْهِم؟ أَو على جِهَة التفاؤل لما رَآهُمْ خَرجُوا بِمساحِيهِمْ وَمَكَاتِلهمْ؟ وَذَلِكَ من آلَات الحراث. وَيجوز أَن يكون أَخذ من اسْمهَا، وَقيل: إِن اأعلمه بذلك. قَوْله: (بِسَاحَة قوم) قَالَ الْجَوْهَرِي: ساحة الدَّار ناحيتها، وَالْجمع: ساحات وسوح وساح، أَيْضا مثل: بَدَنَة وبدن، وخشبة وخشب. قلت: على هَذَا أصل: ساحة سوحة، قلبت الْوَاو ألفا لتحركها، وانفتاح مَا قبلهَا، وأصل الساحة الفضاء بَين الْمنَازل، وَيُطلق على: النَّاحِيَة والجهة وَالْبناء. قَوْله: (وَخرج الْقَوْم إِلَى أَعْمَالهم) . قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: مَوَاضِع أَعْمَالهم. قلت: بل مَعْنَاهُ خرج الْقَوْم لأعمالهم الَّتِي كَانُوا يعملونها، وَكلمَة: إِلَى، تَأتي بِمَعْنى: اللَّام. قَوْله: (فَقَالُوا: مُحَمَّد) أَي: جَاءَ مُحَمَّد، وارتفاعه على أَنه فَاعل لفعل مَحْذُوف، وَيجوز أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هَذَا مُحَمَّد. قَوْله: (قَالَ عبد الْعَزِيز) وَهُوَ: عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، وَهُوَ أحد رُوَاة الحَدِيث عَن أنس. قَوْله: (وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا) أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنه لم يسمع هَذِه اللَّفْظَة من أنس، وَإِنَّمَا سَمعه من بعض أَصْحَابه عَنهُ، وَهَذِه رِوَايَة عَن الْمَجْهُول، إِذْ لم يعين هَذَا الْبَعْض من هُوَ، وَقَالَ بَعضهم، يحْتَمل أَن يكون بعض أَصْحَاب عبد الْعَزِيز مُحَمَّد بن سِيرِين لِأَن البُخَارِيّ أخرج من طَرِيقه أَيْضا، أَو يكون ثَابتا الْبنانِيّ، لِأَن مُسلما أخرجه من طَرِيقه أَيْضا. قلت: يحْتَمل أَن يكون غَيرهمَا، فعلى كل حَال لَا يخرج عَن الْجَهَالَة، وَالْحَاصِل أَن عبد الْعَزِيز قَالَ: سَمِعت من أنس، قَالُوا: جَاءَ مُحَمَّد. فَقَط، وَقَالَ بعض أَصْحَابه: قَالُوا مُحَمَّد وَالْخَمِيس، ثمَّ فسر عبد الْعَزِيز: الْخَمِيس، بقوله: يَعْنِي الْجَيْش، وَيجوز أَن يكون التَّفْسِير مِمَّن دونه، وعَلى كل حَال هُوَ مدرج.

قَوْله: (وَالْخَمِيس) ، بِفَتْح الْخَاء، وَسمي الْجَيْش خميساً لِأَنَّهُ خَمْسَة أَقسَام: مُقَدّمَة وساقة وقلب وجناحان، وَيُقَال: ميمنة وميسرة وقلب وجناحان، وَقَالَ ابْن سَيّده: لِأَنَّهُ يُخَمّس مَا وجده، وَقَالَ الْأَزْهَرِي (١) : الْخمس إِنَّمَا ثَبت بِالشَّرْعِ، وَكَانَت الْجَاهِلِيَّة يسمونه بذلك، وَلم يَكُونُوا يعْرفُونَ الْخمس. ثمَّ ارْتِفَاع: الْخَمِيس، بِكَوْنِهِ عطفا على؛ مُحَمَّد، وَيجوز أَن تكون: الْوَاو، فِيهِ بِمَعْنى: مَعَ، على معنى: جَاءَ مُحَمَّد مَعَ الْجَيْش. قَوْله: (عنْوَة) بِفَتْح الْعين وَهُوَ الْقَهْر، يُقَال: أَخَذته عنْوَة أَي: قهرا. وَقيل: أَخَذته عنْوَة، أَي: عَن غير طَاعَة. وَقَالَ ثَعْلَب: أخذت الشَّيْء عنْوَة أَي: قهرا فِي عنف، وأخذته عنْوَة أَي: صلحا فِي رفق. وَقَالَ ابْن التِّين: وَيجوز أَن يكون عَن تَسْلِيم من أَهلهَا وَطَاعَة بِلَا قتال، وَنَقله عَن الْقَزاز فِي (جَامعه) : قلت: فحيئذٍ يكون هَذَا اللَّفْظ من الأضداد. وَقَالَ أَبُو عمر: الصَّحِيح فِي أَرض خَيْبَر كلهَا عنْوَة، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: اخْتلفُوا فِي فتح خَيْبَر كَانَت عنْوَة أَو صلحا؟ أَو جلاء أَهلهَا عَنْهَا بِغَيْر قتال؟ أَو بَعْضهَا صلحا وَبَعضهَا عنْوَة وَبَعضهَا جلاء أَهلهَا عَنْهَا؟ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَبِهَذَا أَيْضا ينْدَفع التضاد بَين الْآثَار. قَوْله: (فجَاء دحْيَة) ، بِفَتْح الدَّال وَكسرهَا: ابْن خَليفَة بن فَرْوَة الْكَلْبِيّ، وَكَانَ أجمل النَّاس وَجها، وَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يَأْتِي رَسُول الله فِي صورته وَتقدم ذكره مُسْتَوفى، فِي قصَّة هِرقل.

قَوْله: (فَقَالَ: اذْهَبْ) ، ويروى: قَالَ، بِدُونِ: الْفَاء. قَوْله: (فَخذ جَارِيَة) ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ جَازَ للرسول إعطاؤها لدحية قبل الْقِسْمَة؟ قلت: صفي الْمغنم لرَسُول ا، فَلهُ أَن يُعْطِيهِ لمن شَاءَ. قلت: هَذَا غير مقنع، لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِك قبل أَن يعين الصفي، وَهَهُنَا أجوبة جَيِّدَة. الأول: يجوز أَن يكون أذن لَهُ فِي أَخذ الْجَارِيَة على سَبِيل التَّنْفِيل لَهُ، إِمَّا من أصل الْغَنِيمَة أَو من خمس الْخمس، سَوَاء كَانَ قبل التَّمْيِيز أَو بعده. الثَّانِي: يجوز أَن يكون أذن لَهُ على أَنه يحْسب من الْخمس إِذا ميز. الثَّالِث: يجوز أَن يكون أذن لَهُ ليقوّم عَلَيْهِ بعد ذَلِك ويحسب من سَهْمه. قَوْله: (فَأخذ صَفِيَّة بنت حييّ) ، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة، وحيي، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَكسرهَا وَفتح الْيَاء الأولى المخففة وَتَشْديد الثَّانِيَة: ابْن أَخطب بن سعية، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن سفلَة بن ثَعْلَبَة، وَهِي من بَنَات هَارُون عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأمّهَا برة بنت سمؤل. قَالَ الْوَاقِدِيّ: مَاتَت فِي خلَافَة مُعَاوِيَة سنة خمسين. وَقَالَ غَيره: مَاتَت فِي خلَافَة عَليّ رَضِي اتعالى عَنهُ. سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، ودفنت بِالبَقِيعِ، وَكَانَت تَحت كنَانَة بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>