الْحقيق؛ بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْقَاف الأولى: قتل يَوْم خَيْبَر. قَوْله: (فجَاء رجل) ، مَجْهُول لم يعرف. قَوْله: (قُرَيْظَة) ، بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالظاء الْمُعْجَمَة. (وَالنضير) ، بِفَتْح النُّون وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة، وهما قبيلتان عظيمتان من يهود خَيْبَر، وَقد دخلُوا فِي الْعَرَب على نسبهم إِلَى هَارُون عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله: (خُذ جَارِيَة من السَّبي غَيرهَا) أَي: غير صَفِيَّة. وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: لما وَهبهَا من دحْيَة فَكيف رَجَعَ عَنْهَا؟ قلت: إِمَّا لِأَنَّهُ لم يتم عقد الْهِبَة بعد وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَبُو الْمُؤمنِينَ، وللوالد أَن يرجع عَن هبة الْوَلَد، وَإِمَّا لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ. قلت: أجَاب بِثَلَاثَة أجوبة: الأول: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ لم يجر عقد هِبته حَتَّى يُقَال: إِنَّه رَجَعَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا كَانَ إعطاؤها إِيَّاه بِوَجْه من الْوُجُوه الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن قريب. الثَّانِي: فِيهِ نظر أَيْضا، لِأَنَّهُ لَا يمشي مَا ذكره فِي مَذْهَب غَيره. الثَّالِث: ذكر أَنه اشْتَرَاهَا مِنْهُ، أَي: من دحْيَة، وَلم يجر بَينهمَا عقد بيع أَولا، فَكيف اشْتَرَاهَا مِنْهُ بعد ذَلِك؟
فَإِن قلت: وَقع فِي رِوَايَة مُسلم: أَن النَّبِي، اشْترى صَفِيَّة مِنْهُ بسبعة أرؤس. قلت: إِطْلَاق الشِّرَاء على ذَلِك على سَبِيل الْمجَاز، لِأَنَّهُ لما أَخذهَا مِنْهُ على الْوَجْه الَّذِي نذكرهُ الْآن، وعوضه عَنْهَا بسبعة أرؤس على سَبِيل التكرم وَالْفضل، أطلق الرَّاوِي الشِّرَاء عَلَيْهِ لوُجُود معنى الْمُبَادلَة فِيهِ، وَأما وَجه الْأَخْذ فَهُوَ أَنه لما قيل لَهُ: إِنَّهَا لَا تصلح لَهُ من حَيْثُ إِنَّهَا من بَيت النُّبُوَّة، فَإِنَّهَا من ولد هَارُون أخي مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَمن بَيت الرياسة، فَإِنَّهَا من بَيت سيد قُرَيْظَة وَالنضير، مَعَ مَا كَانَت عَلَيْهِ من الْجمال الْبَاعِث على كَثْرَة النِّكَاح المؤدية إِلَى كَثْرَة النَّسْل، وَإِلَى جمال الْوَلَد لَا للشهوة النفسانية، فَإِنَّهُ مَعْصُوم مِنْهَا.
وَعَن الْمَازرِيّ: يحمل مَا جرى مَعَ دحْيَة على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون رد الْجَارِيَة بِرِضَاهُ، وَأذن لَهُ فِي غَيرهَا. الثَّانِي: أَنه إِنَّمَا أذن لَهُ فِي جَارِيَة من حَشْو السَّبي لَا فِي أَخذ أفضلهن، وَلما رأى أَنه أَخذ أَنْفسهنَّ وأجودهن نسبا وشرفاً وجمالاً استرجعها لِئَلَّا يتَمَيَّز دحْيَة بهَا على بَاقِي الْجَيْش، مَعَ أَن فيهم من هُوَ أفضل مِنْهُ، فَقطع هَذِه الْمَفَاسِد وعوضه عَنْهَا. وَفِي (سير) الْوَاقِدِيّ: أَنه أعطَاهُ أُخْت كنَانَة بن الرّبيع بن أَي الْحقيق، وَكَانَ كنَانَة زوج صَفِيَّة، فَكَأَنَّهُ طيب خاطره لما اسْترْجع مِنْهُ صَفِيَّة بِأَن أعطَاهُ أُخْت زَوجهَا. وَقَالَ القَاضِي: الأولى عِنْدِي أَن صَفِيَّة كَانَت فَيْئا لِأَنَّهَا كَانَت زَوْجَة كنَانَة بن الرّبيع، وَهُوَ وَأَهله من بني الْحقيق كَانُوا صَالحُوا رَسُول ا، وَشرط عَلَيْهِم أَن لَا يكتموا كنزاً، فَإِن كتموه فَلَا ذمَّة لَهُم، وسألهم عَن كنز حَيّ بن أَخطب فَكَتَمُوهُ، فَقَالُوا: أذهبته النَّفَقَات، ثمَّ عثر عَلَيْهِ عِنْدهم، فَانْتقضَ عَهدهم فسباهم، وَصفِيَّة من سَبْيهمْ، فَهِيَ فَيْء لَا يُخَمّس بل يفعل فِيهِ الإِمَام مَا رأى. قلت: هَذَا تَفْرِيع على مذْهبه: أَن الْفَيْء لَا يُخَمّس، وَمذهب غَيره أَنه يُخَمّس. قَوْله: (فاعتقها) أَي: فاعتق النَّبِي صَفِيَّة، وَسَنذكر تَحْقِيقه فِي الْأَحْكَام. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ ثَابت) أَي: قَالَ لأنس رَضِي اتعالى عَنهُ، ثَابت الْبنانِيّ: (يَا با حَمْزَة) . أَصله، يَا أَبَا حَمْزَة، حذفت الْألف تَخْفِيفًا. قَوْله: (وَأَبُو حَمْزَة) كنية أنس. قَوْله: (أم سليم) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة، وَهِي: أم أنس. قَوْله: (حَتَّى إِذا كَانَ بِالطَّرِيقِ) جَاءَ فِي (الصَّحِيح) : (فَخرج بهَا حَتَّى إِذا بلغنَا سد الروحاء) ، و: السد، بِفَتْح السِّين وَضمّهَا، وَهُوَ جبل الروحاء، وَهِي قَرْيَة جَامِعَة من عمل الْفَرْع لمزينة على نَحْو أَرْبَعِينَ ميلًا من الْمَدِينَة أَو نَحْوهَا، و: الروحاء، بِفَتْح الرَّاء وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة مَمْدُود. وَفِي رِوَايَة: (أَقَامَ عَلَيْهَا بطرِيق خَيْبَر ثَلَاثَة أَيَّام حِين أعرس بهَا، وَكَانَت فِيمَن ضرب عَلَيْهَا الْحجاب) . وَفِي رِوَايَة: (أَقَامَ بَين خَيْبَر وَالْمَدينَة ثَلَاثَة أَيَّام، فَبنى بصفية) .
قَوْله: (فاهدتها) أَي: أَهْدَت أم سليم صَفِيَّة لرَسُول ا، وَمَعْنَاهُ: زفتها. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا: فهدتها، لَهُ، وَقيل: هَذَا هُوَ الصَّوَاب. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الهداء مصدر قَوْلك أهديت أَنا الْمَرْأَة إِلَى زَوجهَا هداء. قَوْله: (عروساً) على وزن، فعول، يَسْتَوِي فِيهِ الرجل وَالْمَرْأَة مَا داما فِي إعراسهما. يُقَال: رجل عروس وَامْرَأَة عروس، وَجمع الرجل: عروس، وَجمع الْمَرْأَة: عرائس. وَفِي الْمثل: كَاد الْعَرُوس أَن يكون ملكا. والعروس. اسْم حصن بِالْيمن، وَقَول الْعَامَّة: الْعَرُوس للْمَرْأَة، والعريس للرجل لَيْسَ لَهُ أصل. قَوْله: (من كَانَ عِنْده شَيْء فليجىء بِهِ) : كَذَا هُوَ فِي البُخَارِيّ. قَالَ النَّوَوِيّ: وَهُوَ رِوَايَة، وَفِي بَعْضهَا: (فليجئني بِهِ) ، بنُون الْوِقَايَة. قَوْله: (نطعاً) بِكَسْر النُّون وَفتح الطَّاء، وَعَن أبي عبيد: هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ثَعْلَب فِي (الفصيح) وَفِي (الْمُخَصّص) : فِيهِ أَربع لُغَات: نطع، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الطَّاء، ونطع؛ بِفتْحَتَيْنِ، ونطع، بِكَسْر النُّون وَفتح الطَّاء، و: نطع، بِكَسْر النُّون وَسُكُون الطَّاء. وَجمعه: أنطاع ونطوع، وَزَاد فِي (الْمُحكم) : أنطع. وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ فِي (نوادره) : النطع: هُوَ المبناة والستارة. وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: المبناة والمبناة: النطع.
قَوْله: (قَالَ: وَأَحْسبهُ قد ذكر السويق) أَي: قَالَ عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute